الاستاذ الدكتور وليد سعيد البياتي
توطئة تاريخية:في العرف الاكاديمي فان التجارب السابقة يمكن أن تصبح مقدمات أولية للبحوث اللاحقة، وهذه قاعدة ثابتة سواء كانت في التجارب التي تجرى للبحوث العلمية البحتة، أو التجارب العسكرية، وفي العرف العسكري فان الحروب تجارب عسكرية يمكن التعامل مع نتائجها في الحوادث المستقبلية، وهذا يبين كيف تطور العمل العسكري عبر حركة التاريخ من خلال تحليل العوامل التي تمثل إستراتيجيات وتكتيكات الحروب السابقة وتطويرها في المعرك المستقبلية، فعبور هانيبال لجبال الالب صارت منهجاً يددرس في الاكاديميات لعصور طويلة، ونظرية البوابة المتحركة هي الاخرى من النظريات العسكرية الهامة. والولايات المتحدة خلال التخطيط لضربتي هيروشيما وناغازاكي، كانت تضع في ذات الوقت إستراتيجيات الحروب المستقبلية، كما إنها قد قلبت المعايير العسكرية بشكل كامل بعد ان صارت الضربات الجوية واحدة من اهم التكتيكات المعاصرة. بل انها صارت استراتيجية شاملة في الحروب التي وقعت بعد الحرب الثانية.التجربة والتطبيق:وفق الاستراتيجية الامريكية فان هيروشيما وناغازاكي كانت تجربة عسكرية متقدمة تصلح لان تكون قاعدة عملية تدرس في الاكاديميات المتخصصة، وفي الوقت الحاضر يقوم المعهد الامريكي للاستراتيجيات بتدريس نخبة من الضباط والخبراء الامريكيين، باعتماد التكتيك الذي اعتمده القادة العسكريين الامريكيين في الحرب العالمية الثانية، لضرب مدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة بالقنابل النووية لحسم اي حرب محتملة تقع بين الولايات المتحدة والعالم الاسلامي، فالضربة الامريكية للمدينتن اليابانيتين قد حسمت الحرب لصالح الجانب الامريكي في عملية لم تتوقع حتى الولايات المتحدة ان تكون حاسمة بهذا الشكل. ومن المهم للولايات المتحدة حسم الحرب في اقل وقت وبتقديم اقل عدد من الخسائر.وفي كلية الاركان المشتركة في (نورفولك - ولاية فيرجينيا) وضعت دراسة مقارنة تستعرض نتائج الهجوم على عدد من المدن مثل: " درسدن، طوكيو، هيروشيما وناغازاكي ". وتقول صحيفة الديلي ميل البريطانية في تعليقها على الموضوع: " إن استهداف مراكز تجمعات المدنيين صار جزءً من منهج دراسي يتم تدريسه لقادة المستقبل في كلية الاركان المشتركة.من جان آخر تضيف الدايلي ميل: " إن موقع ويرد مكازين الاخباري قد نشر يوم الخميس 10 مايس نسخة من المنهج الذ يدرس في دورة تستغرق ثمانية اسابيع، وكان الليفتنانت كولونيل (ماثيو دولي) وهو من خبراء كاية نورفولك منذ 2010م يقوم بالقاء هذه المحاضرات منذ ذلك الوقت وحتى الان. وتقول مجلة ويرد مكازين : " إن ما يقوم به الارهابيون المسلمون يتنافى مع إتفاقية جنيف، وان هذا يسمح بنقل الحرب مرة أخرى إلى مراكز التجمعات المدنية حيثما تدعو الضرورة الى ذلك وان الهجوم الذي تم تنفيذه على مدن دريسدن وهيروشيما وناغازاكي يمكن تطبيقه على مكة والمدينة في المرحلة الثالثة من الحرب ".ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية ومراكز الدراسات الاستارتيجية تدعو الى التعامل مع الجماعات الدينية من غير المسيحيين واليهود بالكثير من الحذر، وقد وضعت دراسات تدعو الى تفتيت وهدم العقائد الاخرى وخاصة الاسلامن وهذا من أولويات اليمين الامريكي المتطرف. ويدعو المخطط الامريكي الى تحويل الاسلام الى مجرد دين للعبادة وليس للتطبيق المدني، وفي تقدير الخبراء الامريكيين يقول الليفتنانت كولونيل دولي: " نحن نعرف انه ليس هناك ما يسمى بالاسلام المعتدل، وانه حان الوقت للولايات المتحدة كي تعلن عن نواياها الحقيقية فلم يعد هناك تسامح مع الفكر الهمجي، وسيتم تجويع السعودية لانها مركز التطرف، فإما أن يتغير شكل الاسلام أو نقوم بتدميره من الداخل ". وأضاف: " إن بعض هذه الإجراءات، تطرح للنقاش، للوصول إلى قناعات بشأنها ولكن لا يعني أنها صحيحة سياسياً " .أساليب تفكير قادة المسلمين:ولكن هل يوجد قادة مسلمون يواجهون أمريكا؟ فيما عدى إيران فإن الحكومات الاسلامية الاخرى تابعة للغرب، واما الدول العربية، فإن التجارب السابقة تثبت تبعية كل القادة العرب لقوى خارجية معضمها غربية بل ان قادة مراكز النفط تابعة تماما للولايات المتحدة، ففي الخليج قواعد عسكرية امريكية أكثر مما في أي مكان آخر بالعالم، ولكن هل السعودية تحارب امريكا أو إسرائيل مثلا؟ الملاحظ ان النظام السعودي يشن حرباً ضد المسلمين لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل، وقطر تمول الحرب والبحرين والامارات والكويت في نفس المسار، والعراق مقيد باتفاقيات مع امريكا، ونحن لم نسمع سياسياً واحداً تعرض لاسرائيل بالكلام او النقد وان ولائاتهم مشتتة بين الشرق والغرب!!الباكستان منشغلة بالحرب مع الهند وافغانستان حولتها طالبان لساحة للتجارب الامريكية، وخاصة ان وزيرة الخارجية الامريكية اعترفت كيف ان البنتاغون استعمل المتطرفين الوهابيين في حروب امريكا ضد الاتحاد السوفياتي السابق. ودول الاسيان غارقة في المشاكل التي صنعها لهم الغرب ذاته.الحكام العرب والمسلمون يحتاجون الى هزة عميقة من الداخل، وان يعلموا ان عروشهم ومراكز حكمهم مهددة فعلاً، فهم حتى هذه اللحظة لا يزالون يعتبرون البيت الابيض انما يمثل مركز حماية العروش متجاهلين الاستراتيجية الامريكية التي تضع مصلحة واشنطن فوق مصلحة الحلفاء، وانها يمكن ان تتخلص من حلفائها بنفس السهولة التي يلقي بها طفل بلعبة اصابته بالملل.
الاستاذ الدكتور وليد سعيد البياتيdr-albayati50@hotmail.co.ukالمملكة المتحدة - لندن13 / أيار / 2012
https://telegram.me/buratha