المقالات

بين ثقافة التعبئة وثقافة البناء /

477 10:32:00 2012-05-03

حافظ آل بشارة

كل من يتحدث في شؤون العراق يكرر ذكر عبارة (المشروع الوطني) ، والجميع يتصورون انهم منشغلون بالمشروع الوطني ويستحقون الشكر ، الله يحفظ الجميع ويحفظ المشروع الوطني ، من يتأمل الاشياء بهدوء يكتشف ان المشروع الوطني لا معنى له ما لم يسفر عن بناء الدولة العصرية الناجحة ، المشروع الوطني عمل مشترك بين الاحزاب ، لكن الاحزاب لا تبني دولا بمفرها ، الشعب هو صاحب المشروع ، منه يبدأ ، وبه يستمر ، واليه ينتهي ، ولا توجد دولة ناجحة في التأريخ بنيت بلا ارادة شعبية ، لكن في ثقافته الراهنة لا يفهم هذا الشعب انه هو المسؤول عن بناء الدولة ، تنقصه المعرفة ، ثم تنقصه القناعة بالموضوع ، ربما يعتبرها مجرد شعارات ، يعاني الناس من استلاب متراكم ، المطلوب اقناع (الناس) بأنهم ليسوا قطاعا ثانويا معزولا عن شؤون الحكم والحاكمية ، الأحزاب مجموعة ناس ، ودوائر الدولة ناس والقوات المسلحة والبرلمان ناس ، والباري جل شأنه وصف ذاته بأنه (رب الناس) الدولة يصنعها الناس ، ويديرونها لتخدمهم وتجعل حياتهم سعيدة . اذا تم اختصار المشروع الوطني العتيد الى مجموعة أحزاب خائفة من بعضها ، ومجموعة اشخاص متربصين وقد شل الهلع اليومي عقولهم في دائرة ضيقة خانقة غاب عنها الناس ورب الناس فهل هذه دولة ؟ من المسؤول عن كشف هذا الخلل التأريخي للناس (الرأي العام) ؟ من يقنعهم بأنهم اصحاب القرار في بناء الدولة ؟ الاعلام هو المسؤول ، وهل يمكن للاعلام انجاز هذه المهمة بدون خطة ورؤية ؟ المشكلة ان الاعلام هو الآخر يتكون من (ناس) وهو على اصناف فمنه تابع للاحزاب ومنه تابع للدولة ومنه للقطاع الخاص ، وجود الأحزاب في اي بلد علامة ايجابية ، وحرية تشكيل الاحزاب احدى الحريات المقدسة التي تستشهد لاجلها الشعوب ، وليس عيبا ان يكون الاعلامي عضوا في حزب ، المشكلة ان هناك نمطين من الاداء المتوارث في الاعلام بكل ملكياته ، نمط الاداء الثقافي لبناء وعي جديد ، ونمط التعبئة والاثارة والازمات ، والغريب ان هذا التقسيم الثنائي يكاد ان يكون تكوينيا في النسيج الاجتماعي ، فالساسة في تكوينهم ايضا فيهم السياسي الاستعراضي المأزوم التعبوي المتوتر الخائف ، وفيهم السياسي المفكر المعلم المربي الذي يجيد التهدئة ويصنع التوازن ، كذلك الاحزاب هناك حزب للتازيم وحزب للفكر والبناء ، هذه الثنائية لا يمكن الغاؤها لانها تكوينية ولكن يمكن تقسيم الادوار وتحقيق التكامل بدل الصراع ، يمكن لذلك الفريق الذي يمتاز بموهبة التعبئة وقرع طبول الحرب وشم رائحة المؤامرة ان يكون له دوره في ادارة الدولة ، ولكن ليس هو الذي يبني الدولة العصرية ، ولا هو الذي يرعى التنمية الثقافية والتغيير الاجتماعي عقيديا وسياسيا وحقوقيا واخلاقيا واقتصاديا ، انها مهمة الفريق الثاني بما يمتلكه من مؤهلات ومشروع فكري ومزاج تربوي واسترخاء ذهني . عندما ينجح تقسيم الادوار ويعرف كل امرئ قدر نفسه وطبيعة دوره سيكون لدينا ما يسمى بالمشروع الوطني .

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك