الشيخ عبد الحافظ البغدادي الخزاعي
في مصر بدا الخوف يدب عند الوطنين من نتائج الثورة ، بدأت مقدمات الإجهاض والتشويه حين كتب احد الصحفيين عن قيادة حركة الشباب الثوري التي أطاحت برئيس فاشل مكروه ,جمع كل أسباب العار والدمار لشعبه , طلبت قيادة الجماهير الشبابية النزول إلى ساحة الميدان وسط القاهرة لتصحيح مسار الثورة بعد سيطرة المجلس العسكري على مقاليد الحكم ومسك السلطة بعيدا عن أي تدخل أو استشارة من الثوار ، على أثرها كتب احد الصحفيين مقالا استفزازيا عدائيا يصف دعوة الشباب الثوار الوقوف ضد إبقاء القرار والسلطة بيد المجلس العسكري، وصفها الأستاذ الصحفي بأنها " الردة التي حدثت بعد وفاة رسول الله{ص}..!! يعني المشير محمد طنطاوي, يمثل أبا بكر الخليفة الأول , والشباب الثوريون الذين أسقطوا حكم مبارك ، مرتدين خارجين عن الإسلام ، كمسيلمة وأمثاله..!! هذه الإشاعات وأمثالها تنال ثورة البحرين ولكن بقوالب أخرى .. الخوف على مصير الدماء وما قدمه الشهداء خوف طبيعي لأننا أصحاب تجربة غنية في العراق ، تجربتنا إن بعض الإعلاميين وبعض القيادات البعثية لا زالت في السلطة العراقية إلى يومنا هذا تلعب لعبتها في تشويه صورة المعارضين لحكم صدام ، خوفنا على ثوار مصر واليمن وتونس أن يقول الشعب المضلل عندهم كما قال بعض العراقيين المضللين " لو باقين على صدام أحسن لنا" خوف الإنسان في الدنيا له أسبابه الوجيهة وهذه منها ، فحين نخاف من الظواهر الطبيعية المخيفة غايتنا الاحتماء ضد المخيف الطارئ الذي ينغص حياتنا ، هذا جاء بالتجربة الميدانية ، حين نخاف من البرق والرعد الشديد والرياح القوية والأتربة السوداء ،تتحرك قلوبنا في محيط الخوف من المستقبل, وحين نخاف من الحيوانات المفترسة والبشر المفترسين ,والأمراض والخلافات الاجتماعية التي تشحن الأجواء في محيطنا ,بهذا لنا تجربة ومعلومة من قضية مشابهة تاريخية حدثت لغيرنا , لذلك نتخذ حيطة وحذر من كل هذه الحوادث نخاطب ربنا في دعائنا " اللهم ارحمنا مما نخاف ونحذر" ....في ذهني سؤال ، لماذا خلق الله الخوف في نفس الإنسان ...؟ نحن نعلم إن الشجاعة ظاهرة محببة ومحمودة يقابلها الخوف .. فهل الخوف حالة مذمومة...؟ الجواب الخوف حالة دفاعية تقي نفس الإنسان وتعصمه من كل الآفات التي تحيطه ، يقول أمير المؤمنين{ع}"الهي ما عبدتك خوفا من نارك ، ولا طمعا في جنتك ولكن رايتك أهلاَ للعبادة فعبدتك" وله توضيح للعبودية والخوف من الله بمعاني رائعة إنسانية .. يصنف العبودية إنها عبادة تجار وعبادة عبيد وعبادة الأحرار، وإذا كانت ظاهرة الخوف وقاية للنفس فان للخوف فوائد عظيمة لا تقل عن فوائد الأكل والشرب والمال والأبناء.. الخوف هو السبب في نجاة الإنسان من كل الآفات المخلوقة في الكون.. حين تتقي المرض وتخاف الإصابة منه تتقيه بالخوف ، وحين تبتعد عن المشاكل الاجتماعية والعداوة ، تتقي أسبابها بالخوف ،، هذه قضية رائعة زرعها الله في نفس الإنسان ، هي إن الخوف يقيك شر كل بلاء وينجيك من المهالك " إلا الخوف من الله" لأنه السبب الذي يقربك أليه، كلما خفت من الله تتقرب أكثر فأكثر وتصلح ذاتك ونفسك وعائلتك فيكون الخوف سببا في إصلاحك.. الآن اغلب الناس يخافون الله ولا يتجاوزون على حقوق الناس ولا على أموالهم لذلك انتظمت العلاقة الاجتماعية وشعر الناس بالأمن والراحة والاطمئنان وأصبح المجتمع مجتمعا حرا شجاعا شريفا... إذا رأيت جماعة يخافون الله ويخشونه ، هؤلاء أحرار في قمة الإنسانية ، لان الخوف من الله يحرق الشهوات ويطفئها تماما ..... خوفنا على انجازات قدمنا فيها دماء وأرواح غالية عزيزة ، كافحنا الفراعنة والطواغيت وحاشيتهم ، وحين أسقطهم الله وأنهى حكمهم ، يخرج علينا احد عناصرهم وحاشيتهم بوجه كلح منافق متلون ليسرق جهد التاريخ النضالي، فيساوي نفسه بمن ثبت على مبدأ الإنسانية وينازعه السلطة وزعامة التيار ، ولنا بتاريخ صدر الإسلام إلى يومنا قصص تعبر عن هذا النحو، فالذين وقفوا ضد علي {ع} ونازعوه, كانوا بالأمس يعبئون الجيوش لحرب الرسول{ص} ودعوته ثم تسلقوا الظروف وأزاحوا عليا {ع} من منصبه الذي رتبه الله فيه ... انه الإعلام الذي حول جموع المؤيدين للتغيير إلى مدافعين عن الظالمين والناكثين والقاسطين ... هذه الظاهرة تنتاب الإنسان دون اختيار ، بأي سبب يبدأ عليه الخوف، قصة موسى{ع} حين ألقى السحرة عصيهم كانوا بأساليبهم الماكرة أن وضعوا موادا زئبقية فيها تتفاعل مع حرارة الشمس يصفهم القران الكريم " سحروا أعين الناس" فبدا في الساحة حركة ثعابين ، جمادات تتحرك كأن بها أرواح , هنا الإشاعة والمقدمات في مجتمع الجهل الذي تتسرب فيه مثل هذه الخزعبلات اوحت جوا ملائما بالنتيجة لهذا المشهد ، هذه المناسبات والإعلام المضلل يوصل الأمة إلى أن تصدق الدجالين وتتنكر رجال الحق والصدق..يقول أمير المؤمنين{ع} في نهج البلاغة " لم يوجس موسى خيفة على نفسه بل أشفق على المجتمع الجاهل الذي يصفق للسحرة والمشعوذين والكاذبين ... مجتمع جاهل مجرد شاهد العصي تتحول إلى حبال ما عنده مانع أن ينكر رسالة الله ويصدق الإعلام المضلل والإشاعات المغرضة ، أمر يتطلب من السماء أن تتدخل لحسم الموقف ، وألا رسالة موسى تضيع بسبب حيل الفراعنة .. معنى كلامي إن الموقف يستدعي تدخل كل المؤمنين والشرفاء في رد الإشاعة ومحاربتها قبل أن تتحول عصي حمد وسميرة رجب إلى ثعبان فرعون مصر .....إلى قاعدة إيمانية راسخة في نفوس الناس... الآن في العراق صورة تشابه حوادث رومانيا في زمن الاتحاد السوفيتي ... في عام،1989 ثار الشعب الروماني ضد شاوسيسكو وتم محاكمته واعدم مع زوجته, تولى في الفترة الانتقالية احد مساعدي شاوسيسكو وأراد أن ينتقم من الشعب والثوار ، حدث انفلات امني رهيب ، جماعة يدخلون بيوت الناس يعتدون على الأعراض والمال باسم الثوار، سيطروا على الدوائر الحكومية قتلوا الناس، تركت الجثث في الشوارع ، فقد الآمن وبدا الخوف يدب في المجتمع كله ، ارتفعت الأسعار واختفت المواد الأساسية من الأسواق ، في هذه الأجواء بدأت الإشاعات تأخذ طريقها في الجماهير ، بدأت حملات التشويه للثوار والمعارضين لشاوسيسكو، الشارع يغلي وأصبحت الإشاعة حقيقة ..قدم الثوار بيانات عديدة ووزعوها على الجماهير ولكن الناس لم يصدقوهم ، لم يقرءوا الإعلان عندها قرر الثوار التصدي للحالة المزرية فخرجوا في مظاهرة كبيرة يطالبون تصحيح مسار الثورة، ويرفضون بقاء رموز النظام السابق في السلطة . فما كان من رئيس السلطة المؤقتة إلا أن اصدر قرارا بالتصدي لاعداء الثورة..!!! هكذا تحول الثوار الحقيقيون إلى أعداء الثورة ، وأصبح الظالم الفاسد ذو التاريخ الأسود حامي الديمقراطية والمطالب لإصلاح الأمة ... الصورة تتكرر في مصر والعراق وتونس واليمن وغيرها ..في البحرين مجتمع يمثل أغلبية الشعب يخرج إلى الشارع بأيدي فارغة إلا من الإيمان بالله وحرية التعبير ، والمطالبة بتقرير مصير الديمقراطية في البلاد , تزحف عليهم مدرعات ابن سعود تقطع عشرات الكيلو مترات لتقتلهم وتكمم أفواههم، قامت هذه القوات السلفية الوهابية خلال الفترة بين عامي 2011الى كتابة هذا الموضوع في نيسان 2012 بمئات الجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية,شعب يقدم القرابين رجالا ونساء، والأعلام الجزيري والعربي يقدمه كل يوم بشكل يشبه أعلام معاوية وابن العاص ضد علي بن أبي طالب{ع}, ليقبل الناس حقيقة حمد الظالم يجسدونه كحمل لبون أفضل من هؤلاء الذين يقابلون الرصاص بصدور عارية من اجل حرية الجماهير المظلومة ...!!! يقابله صمت مخيف رهيب يشبه صمت القابر , الإعلام العالمي ساكت لان هؤلاء شيعة ,تابعون للولي الفقيه في إيران ..!! وذاك يتهمهم بالعمالة لأنهم يتوافقون مع الشعب الإيراني بالفكر الإسلامي الشيعي " هذه جريمة العصر يستحق الشعب البحريني القتل والاعتقال والإقصاء من اجلها ، وينفذها حامي الديمقراطية والوحدة الوطنية صاحب الأبوة والإنسانية وخادم الحرمين عبد الله آل سعود وحمد آل خليفة ووزير خارجية قطر وأشباههم من الحثالات العربية والتركية ، اليوم مقابل ثورة البحرين ثورة إعلامية بركانية تحاول تشويه لؤلؤة البحرين لتعطيها لونا اصفرا أو رماديا قل ما شئت .. في نفس الوقت ينشط الإعلام بإشاعاته وأدواته المضللة لتشويه صورة الثورة الإنسانية .. ولا استبعد إذا نجحت ثورة البحرين إن شاء الله أن يرسل حمد بن خليفة مرتزقة من دول الجوار ليعبثوا في كل ما يمس المواطن البحراني قتلا وحرقا ورعبا لتشويه المضحين الثوار الشرفاء حتى تصل الأمور أن يقول الناس " والله ظلم حمد أحسن من ديمقراطية ثورة اللؤلؤة" كما يقول المغفلون عن صدام آل خليفة العراقي. وكل آت قريب ...
الشيخ عبد الحافظ البغدادي الخزاعي
https://telegram.me/buratha