المقالات

الشباب والمفاهيم المُغيّبة

533 13:58:00 2012-04-26

مُحمّد العقيلي

في زخمِ وكثرةِ صخب التيارات الفكرية المعاصرة والمتصارعة والمحتدمة بوجودها وآيديولوجياتها يكاد الخطاب الذي يتبناه الشباب يتجه نحو ضياع الذات والهوية والانتماء، ولعلّ هذا التصريح يحمل في طياته الكثير من الحقائق التي يتجاهلها صناع القرار والمهتمين بالشأن الفكري والعملي لشريحة الشباب التي تعاني من غربة الانتماء واستلاب الذات المغيّبة وسط ركام الأفكار الوافدة.فالشباب وبعيداً عن لغة الإنشاء والخطاب والاستعارة والبلاغة، هم الرافد والمحور الذي تقوم وترتكز عليه البلدان، وبهم يكون ولوج المستقبل، فالحفاظ عليهم هو حفاظ على جوهر البلدان وسرّ بقاءها وديمومتها وتقدمها ورقيها، ولكي لا اتهم بأني أهيم بالأحلام فقط أقول إنّ البلدان التي تفسح الحرية لأبنائها وتهتم بهم وتمنحهم كلّ سُبل العيش الرغيد والكريم واحترام ذاتهم هي من تتولى ريادة الآخرين لا نحنُ، ونحنُ (ضمير الجمع) لا دخل ولا عَلاقة (بفتح العين) لنا بالآخرين، فتاريخنا وإرثنا الفكري حافل وثري بقصص التغييب لوعي الآخر وعدم احترام ذاته وماهيته وخلق الأجيال المحطمة من الداخل والتي تكون في جل وعيها تؤمن بثقافة الخوف والماورائيات وقصص البطولة وتبجيل التاريخ وعدم إبداء الرأي واحترام الرأي الآخر، وبإيجاز نحنُ أمةً تنتشي بقتل مُبدعيها ومثقفيها وأبنائها، والشباب في العراق خصوصاً ذاق كلّ المرارات بسبب مراحل الحكم الدكتاتوري وما تبعته من مخاضات عسيرة ولدت عنده ردة فعل وشعور بالإحباط واليأس، لذا هذه دعوة إلى القائمين على الشأن المعرفي والفكري ومن يهمهم شأن الشباب وطموحاتهم وآمالهم وتطلعاتهم وآفاقهم، بأن يكونوا حضناً دافئاً يحتوي أبناءه الضائعين، ويداً تمتدُ نحو الشباب العراقي المغيّب وسط زخم الصراع الفكري لتنقذ آخر ما تبقى من هؤلاء الذين ظلموا من قبل ومن بعد، وذلك عِبرَ توسيع دائرة المؤسسات التعليميّة والفكرية والثقافيّة التي تأخذ على عاتقها إنشاء برامج وخطاب توعوي يرجع للشباب العراقي مكانته ومحوريته وثقته بذاته، والتركيز على إنضاج الخطاب الإعلامي بطرح المفاهيم التي تنبع من وسط هموم الشارع الشبابي ومعالجتها واستحداث لغة جديدة ونمط خطابي يُركز على النوع لا الكم، بغية تهيئة الأرضيّة المناسبة للانفتاح على ذات الشاب العراقي وفهم ما تختلجه هذه الذات وما يكمن في أغوارها، وبالتالي ننشأ منظومة معرفيّة متكاملة تتيح لنا أنّ يفهم كلانا الآخر، ففهم الآخر هي أهم المراحل التي ينبغي أنّ تترجم على أرض الواقع، وبالتالي فالحكومة العراقيّة اليوم بالذات مطالبة وبشدة بأن تسعى لحل جزءاً يسيراً من مشاكل وهموم الشاب العراقي وفي مقدمة تلك المشاكل مشكلة البطالة التي أصبحت حجراً عاثراً أمام أحلام الشباب البريئة وأمنياتهم وتطلعاتهم، وكذلك المؤسسات الإسلاميّة والفكرية والمعرفيّة والثقافية فهي اليوم مسؤولة أمام الله وأنفسها برعاية هذه الأمانة التي من شأنها أنّ تنهض بواقع البلد لو أتيح لها إثبات ذاتها المحطمة، وحل مشكلاتهم التي من المعيب التحدث عنها والمطالبة بحلها ونحنُ أمام تجارب فريدة ونوعية وبإمكانيات مادية وفكرية أقل منا بكثير، إذن دعونا من تخمة الخطابات وسبك العبارات وتنميق المصطلحات، فجلّ ما نريده ونبتغيه هو ضميرٌ يقض وناصع بالحبّ يفهم المشكلة ويشخص مكامن المرض، ويبحث عن العلاج، والعلاج ليس عسيراً هو خطاب ينبثق من طُهر الماضي ويناغم أفكار الحاضر ويعيد وعي الذات المهشمة، ويبحث عن الأخطاء المستقبلية ويحذر منها، ويبتكر آليات منطقية لمواجهة الأفكار التي تستلب منا النفس وتقتل الروح ولا تبقي ولا تذر.نقطة ضوء:التعاسة ألا نعرف ما نريد ونقتل أنفسنا لتحقيقه.دون هيرولد كاتب ورسام كاريكاتير أمريكي

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك