سعيد ألبدري
لعلّ الحساسيات من شخص أو مجموعة أو توجه معين تنطلق من أسس معقولة، كأن تكون منطلقة من اختلافات مبنية على حقائق أو أمور تصل حد التقاطع أو عدم الاقتناع المبني على دليل لا يقبل الشك والتأويل لا أنّ تكون هذه الحساسيات منشؤها (انك تقول الحق الذي يغيظني ويبين أخطائي لان كلامك ومشروعك يحظى بالقبول)، ولعلّ الفترة الأخيرة شهدت وجود حساسيات مفرطة من متبنيات وخطابات بعض السياسيين ووجهات نظرهم التي يعتقد الشارع العراقي إنها تؤدي وتكمل الحل ولا تقود الوضع إلى التأزيم والتعقيد، ولعلّ ما سمعناه من سماحة السيّد عمّار الحكيم رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي مؤخراً أثناء الملتقى الثقافي الأسبوعي يُعبر عن صراحة مطلقة ومكاشفة مهمة مع بعض القيادات السياسية والمؤسسات وحتى الأشخاص ممن ركب موجة التسقيط والاستعداء بدون سبب موضوعي لذلك, بل ان هذا النهج وهذه الحساسيات التي لا يعرف السبب في بروزها حتّى باتت الحملات الصحفية تعد ويروج لها بمناسبة او من دونها، ولعل تشخيص سماحته للحالة وتساؤله عن أسبابها وهل إنها ناتجة من سوء فهم لما يقال ويطرح أو إنها ناتجة من نية مسبقة لتحريف وتشويه مما يتحدث هو به بالرغم من تبنيه لخطاب معتدل خصوصاً في اللقاءات العلنية, ان الملاحظ في خطابات وكلمات السيد الحكيم وهذا ليس انحيازاً انه تجنب الخوض في القضايا الخلافية التفصيلية كما تضمنت كلماته وعباراته عدم انحيازه لجهة أو طرف على حساب الوطن والمواطن، فالخطاب الوطني الحاضر بقوة والحرص على المشروع الذي بدأنا نقطف أولى ثماره هذا هو خطاب ومتبنى الحكيم .. وهو ما يجعل الكثيرين يستغربون استمرار بعض الجهات والأشخاص في هذا النهج العدائي غير المبرّر تجاه الحكيم وتياره، في وقت كان الأجدى لحرصه وخطابه المعتدل ان يبرز و ان يُشكر من الآخرين بدل التهجم والتسقيط، وللأمانة فالسيد الحكيم بما عرف عنه من خلق رفيع حتى ان بعض الشخصيات التي لا ارغب بتسميتها تقول (ان نهج الحكيم وإقحامه الأخلاقيات الفاضلة في العمل السياسي ربما هو ما يميزه عن غيره) لذا يجب أن توضح الأسباب وتسمى الأمور بمسمياتها، فتيار وطني كتيار شهيد المحراب (رضوان الله عليه) ينتهج خطاباً مثالياً فاعلاً على تماس مع واقع الوطن والمواطنين يميل لانتهاج لغة التشجيع والتأييد والدعم للمنجزات والخطوات الحكومية الصحيحة المتخذة، بالمقابل فهو يؤشر السلبيات ويلفت نظر المتصدين لأخطائهم لغرض علاجها وتجاوزها إذا ما حصلت هنا أو هناك فهو منهج جدير بالاحترام والثقة وإلا فلغة التحريف والتشويه وأحاديث الغايات والحسابات الضيقة لن ينتج شيئا لأنه نابع من ضيق أفق ولامبالاة بمصير هذا الوطن وهذا الشعب .. إن الحديث عن مثل هذه الأمور وان لم تجد أذانا صاغية من قبل المقصودين بها لكنها تكشف عن أمرين أساسيين أوّلهما ان السيّد الحكيم عندما يتحدث عن حساسيات البعض من مشروع تيار شهيد المحراب وخطابه بدون ذكر الأسباب والأمور الموجبة لذلك إنما يكشف عن تفكير واستقراء للمشهد وعلاج مبكر لمشاكل قد تواجه هؤلاء الذين لا يردع بعضهم شيء، فبعضهم أدمن إثارة الأزمات، لذا فان المنهجية التي ينبغي ان ينطلق منها الجميع هي عدم إثارة المشاكل ما لم تكن هناك أسباب موجبة لذلك، أما الأمر الثاني فهو التأكيد على التزام مشروع الوطن والمواطن بلا مزايدات ومناقصات فكلّ الأمور واضحة وهي موضع بحث ونقاش على الطاولة لا خلف الأبواب المغلقة وبهذا الطرح الرشيد وبهذه الصراحة يكون السيّد الحكيم قد قطع الطريق على الذين يراهنون على استهداف عقلانية الخطاب الوطني الذي انتهجه، لان سياسة تيار شهيد المحراب نابعة من مبادئ مترسخة في العقول و الضمائر وللجميع فان الحل هو في المضي قدما في طريق الاعتدال وتقريب في وجهات النظر وصولا لبناء الدّولة التي تكرس لخدمة أبناء الشعب العراقي و تحترم وجودهم وتحقق رفاهيتهم.
https://telegram.me/buratha