المقالات

أحمد نموذج للمحاصصة

1031 23:58:00 2012-04-19

بسم الله الرحمن الرحيم

عند مطالعتي للاخبار والمقالات التي تحلل الواقع السياسي يرتبط ذهني لا شعوريا بتلك الايام التي كنت فيها موظفة في دوائر الدولة فهناك تشابه عجيب بين مجريات الساحة السياسية وتفاصيل عملي الذي عشته وكأني بالجزء يخاطب الكل .

واليوم استذكرت حادثة كنت احد شخوصها وسردها الليلة ليس من الاستذكار بقدر الاستحضار للنتيجة التي وصلت اليها حينها وعسى للجزء ان يشير الى الكل فينتبه الاخير لما بين السطور وما فوقها .

في صباح وظيفي يستعيذ فيه الشيطان من شر الموظفين! بدأ يومي بقرار تعيين لاحمد كعامل في القسم الهندسي قرأت القرار فاتصلت بالمدير مستغربة فأنا لم اطلب عامل جديد فلدينا عشرون عامل في القسم وواقع العمل يكفيه عشرة فرد لي قائلا بأن الناس بدأت تتهامس عن قسمكم ! فقسمكم اغلبه شيعة ! وعدد السنة قليل  ولاحظي اختي باننا يحب ان نجاري هذه الروح الطائفية التي نُفخت في جسد الوطن  !! .

كنت حينها مقتنعة بان لايوجد متعلم ومثقف طائفي وعلى هذا الاساس لم اشك لحظة بنوايا المدير واعتبرته مضغوطا عليه ومرت الايام لاكتشف ان احمد لايصلح للعمل فالشاب لم يعمل يوما في قسم هندسي كما انه لايأتي بخير مهما كان العمل الموكل اليه بسيطا ، شعرت انني ارتكبت خطأ كبير بقبوله في القسم فقط لكي أبين لاصحاب النفوس المريضة بانني لست طائفية !! كما يعتقدون وكما اوصل الفكرة مديري .

بدأ العمال بالتذمر ان لم اوكل له عمل وان اوكلت له عمل فاني انتظر خراب البصرة بعد دقائق والكل يشكي من عدم تركيزه وادراكه لابسط الاشياء ومع ذلك فأن راتبه اعلى من راتب مهندس كونه يعمل لسنوات عديدة !!.

في كل صباح كنت اتثاقل اللحظة التي اقسم فيها العمل وهو واقف يريد ان يخدم كان قلبي يتمزق لاجله فهو يحب العمل ولكن امكانياته لا تلائم هكذا مكان ولتلافي منظره وهو ينتظر والكل يهزء ب ( الدكايك الهندسية ) التي ياتي بها  عقدت النية على اشغاله بنحو يقودني الى عمل لامروءة فيه وفي نفس الوقت يحفظ له ماء وجهه  كنت اساله البحث عن اشياء هندسية هنا وهناك رغم انني اعلم مكانها فيطير فرحا لاني اوكلت له مهمة ويذهب لساعات قبل ان يجدها رغم انها في الورشة الهندسية !!  .

كنت مضطرة الى جعله يتحرك امام العمال وكأنه يعمل وانا على يقين بحقيقة الامر وحاول العمال جاهدين ان يكسبوه خبرة ولكن لافائدة فالرجل عمل في اقسام الانتاج وليس له خبرة في عملنا وهذا ما اكتشفته بعد حين .

ذات يوم خرجنا في مشكلة فنية وكنت برفقة مهندس خبير كان قد وعدني بمساعدتي لاستحصال خبرة وكانت المشكلة الفنية خير عون لذلك الامر فكرت بأخذ احمد افضل من تركه في الورشة لئلا يتصادم في حوار سياسي مع احد او ان يشغل احد الاجهزة ويؤذي نفسه كنت اشعر انه طفل ابتليت به فناديته ان يا احمد احمل لي الخرائط وبعض المواد.

خرجنا وكانت المشكلة الكترونية داخل (بورد كهرباء (  فطلبت من احمد ان يقف امام قاطع الدورة فان اشرت له يفتح القاطع وينتظر مني اشارة للغلق وبدأت العمل مستمتعة بخبرة المهندس القدير وكنت اسحب بعض الرقاقات الالكترونية للفحص وارجعها كذا المهندس واحمد واقف بعيدا عند القاطع بعد ان قطع لنا الكهرباء وبعد ان شخصنا  العطل طلبنا من احمد ارجاع الكهرباء فقال ( ها ليش انتي اشرتي حتى اقطعة !!! ) لم اصدق لسبب بسيط انني والمهندس يجب ان نقتل بالبورد لانه 380 فولت مستحيل كيف عملنا دون ان تمسكنا الكهرباء مرحبة جلس المهندس على الارض من شدى الصدمة وفسر لي ما غاب عن ذهني قال برحمة الله اننا كنا نعمل بالبطاقات الالكترونية وهي تعمل ضمن 12 فولت و6 فولت وبنفس الرحمة الالهية لم نمس الاسلاك ذات الطاقة العالية !!

لقد مر عزرائيل من هنا كانت هذه اخر جملة سمعتها من فم المهندس وبعدها عشنا ذهول الى نهاية الدوام الرسمي وفي صمتي ذلك احسست بمواطن خطأي

1- عملت بكلام المدير فقط لانه مدير ولم اصر على عدم احتياج القسم له .

2- تخوفت من اتهامي بطائفية اعلم جيدا انني لم اكن يوما لافعّلها في العمل فهي مهمة لي فقط في اعتقاداتي الخاصة .

3- لم ادافع عن حرمة عملي وساحتي المسؤولة عنها وقبلت بان تُخترق حتى يرضى من لم يرضى خالقهم عنهم وكان الساحات المكشوفة دليل براءة .

4- صدقت المدير حينما اشار الى جهات هي من همست بالطائفية بينما هو من كان خلفها  صدقته فقط لانه مهندس ومثقف ولايمكن ان يصدر الخطأ من الذين هم اعلى رتبة !.

لقد قُدر لي في ذلك اليوم عمرا جديدا لأتفكر في ايام قادمة اعيشها مستفيدة  من تلك التجربة ومنها:

1- هناك دائما من يبحث عن نقاط ضعفك فذلك المدير المحتال عرف انني زاهدة في المنصب ولكني لا احتمل ان تُؤخذ نظرة عني ليست صحيحة فاختارها لخرق حواجزي .

2- لا تمرر مالم تقتنع به لانك ستندم وتستصغر نفسك  وربما ( تتكهرب 380 فولت !!)

3- لا تكبت امر تشعر به تجاه احد فقط لظنك ان زلزالا سيحدث ، فعندما صارحت احمد بواقعه من حيث انه لايصلح لهذا العمل وانه سيكون مبدعا بما يلائمه  أخذ الامور بهدوء وان رأيت الحسرة في عينه وقدم طلبا بالنقل  الى قسم اخر داعيا لنا بكل خير .

4- لا تشك بالصغار فان الكبار هم الاخطر فقد شككت بالجميع الا المدير الذي تبين بعد مدة من انه على اتصال بجماعات ارهابية وهو مسرب الاخبار الى جهة الاشرار.

وبالرجوع الى الجزء والكل ارى ان الكل لازال يخطأ ذات خطأ الجزء  فهو لازال يراوح عند المحاصصة فقط لارضاء الاخرين ويقع في خانة الخيانة وسرقة الوطن وبيع المبادىء وربما يكون بعضهم بعيدين عن تلك المسميات ولكن في النهاية يتسببون بالاذى لشعبهم ووطنهم فهل سيعلمون ان وضع احمد في مكانه المناسب ليس ظلما له بل قمة العدل وان الدائرة ستدور بهم ان عملوا عكس ذلك  وان كان الضحية بعد تسع سنوات المواطن ولكن سياتي يوم تربطون بتلك الدائرة الكهربائية فتفاجئون بالذي راهنتم عليه هو قاطع الدورة الذي سُيغلق عليكم ليمرر التيار العالي   فتداركوا هذا اليوم فربما لن تجدوا فرصة لتصحيح الاخطاء .

اعتذر للاطالة واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله الغر الميامين وسلم تسلميا كثيرا

المهندسة بغداد

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك