خضير العواد
لقد دوّت هذه الكلمات في باحة مسجد الرسول (ص) الى سماء المدينة المنورة قبل 1421 سنة محذرةً بها الأمة من فضاحة الخطب الخطير التي تقوم به , لقد أرادت السيدة فاطمة (ع) من خلال هذه العبارة أن تذكر المسلمين بأهمية شخصيتها وخطورتها في نفس الوقت من البعدين الشخصي والأبوي, بعد أن تم الأنقلاب على خلافة المسلمين وأبعاد ولي الأمر الشرعي وأغتصاب حقها من فدك . لقد بين الله سبحانه وتعالى مقام وفضل السيدة فاطمة (ع) في قرأنه الكريم حيث نزل في فضلها أكثر من 258 أية قرأنية (1) ولو لم ينزل بحقها إلا أية التطهير وأية المباهلة لكفى ومابالك بهذا الكم الهائل من النصوص القرأنية التي لم ولن تنزل في غيرها من النساء من آدم (ع) الى قيام الساعة , وأما نصوص السنة النبوية الشريفة فقد فاقت المئات من الأحاديث التي تبين فضائل وقدسية سيدة نساء العالمين (ع) , حيث أن النصوص التي يخبر بها رسول الله (ص) إن كانت من القرأن الكريم أو السنة النبوية الشريفة جميعها من الله سبحانه وتعالى كما أكدت عليه الكثير من النصوص القرأنية فهذه بعض الأيات الكريمة التي تؤكد هذا الأمر قال الله سبحانه وتعالى (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى)( 2) (ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين )(3) , فقد تكونت نطفتها الطاهرة من ثمار الجنة (4) وهذه الفضيلة لم يحصل عليها إنسان على هذه المعمورة من بداية التكوين الى قيام الساعة حيث يقول رسول الله (ص)(فاطمة حوراء إنسية كلما أشتقت الى الجنة قبلتها ) (5),وقد أظهر رسول الله (ص) فضل فاطمة (ع) وقدسيتها وأهميتها وحتى قدسية المكان التي تسكن فيه بطرق لايمكن لأحد من البشر أن يؤلها أو يتغاضاها أو يشكك فيها, فقد كان رسول الله (ص) يأخذ إبنته فاطمة (ع) من يدها الى القوم ويخبرهم بفضلها وقدسيتها,عن مجاهد أنه قال خرج النبي (ص) وهو أخذ بيد فاطمة ,فقال : (من عرف هذه فقد عرفها , ومن لم يعرفها فهي فاطمة بنت محمد , وهي بضعة مني وهي قلبي , وهي روحي التي بين جنبي , من أذاها فقد أذاني , ومن أذاني فقد أذى ألله ) (6) وقد أكد رسول الله (ص) على خطر آذيتها وإغضابها في عشرات الأحاديث , فلماذا كان رسول الله (ص) يؤكد على هذا الموضوع المؤلم لكل أب وكيف يكون إذا كان مع رسول الله (ص) الذي يقول فيه الله سبحانه وتعالى (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) (7) قال رسول ألله (ص) ( فاطمة بضعةٌ مني فمن أغضبها أغضبني ) (8) ( أن ألله ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضا فاطمة ) (9) (إنما فاطمة بضعةٌ مني يؤذيني ما أذاها ) (10) (إنما فاطمة شجنة مني يسرني ما أسرها ويسؤوني ما أساءها )(11) , لماذا يذكر رسول الله (ص) إذاءها وإغضابها وإساءتها في عشرات الأحاديث وبطرق واضحة لا لبس فيها ولا تشكيك أيذكرها فقط للذكر أوللتفاخر أم لأمر واقع حقاً ويريد من الأمة الإبتعاد عنه رحمةً بها لنتائجه الوخيمة والفظيعة , وقد أكد رسول الله (ص) على كل ما يرتبط بمظلومية الزهراء (ع) وأظهر أمره إن كان مقدساً وإن كان وضيعاً وظالما , فهذه فدك قد بين الله سبحانه وتعالى ملكيتها من خلال قول الله سبحانه وتعالى في هذه الأية (وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شئ قدير, ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى)(12) وقال الله سبحانه وتعالى (وأت ذا القربى حقه ) (13) وتنفيذا لأمر الله سبحانه وتعالى فقد وهب رسول الله فدك لفاطمة (ع) بحضور شهود منزهين من الله سبحانه وتعالى ألأول هو علي بن أبي طالب (ع) حيث قال رسول الله (ص) فيه (أنت مني وأنا منك , وأنت أخي في الدنيا والآخرة , والراد عليك هو الراد عليّ ,ومن أطاعك فقد أطاعني , ومن عصاك فقد عصاني )(14) والشاهد الثاني هو أم أيمن حيث يقول فيها رسول الله (ص) ( أم أيمن أمرأة من أهل الجنة ) (15) وكذلك الحسن والحسين عليهما السلام وهما سيدا شباب أهل الجنة كما قال جدهما رسول الله (ص) فيهما , فهل يوجد في المدينة شهود بصدقهم وعدالتهم وجميعهم من أهل الجنة فإذا كانوا لا يقولون الصدق وحاشاهم من هذا فأي جنة هذه يبشرهم الله سبحانه وتعالى بها وهم ليس أهلاً للشهادة ؟؟؟ أي يكون هذا!!!! بل العكس هو الصحيح لأن الجنة لا يدخلها إلا المتقون والمطهرون من كل رجس ودنس كما في المئات من الأدلة القرأنية والأحاديث النبوية , وبالرغم من كل هذا التأكيد من قبل رسول الله (ص) للأمة بصدق وأمانة كل ما يتعلق بأدلة فاطمة (ع) في أحقيتها في ملكية فدك ولكن الأمة أدارت بظهرها لرسولها العظيم (ص) ورفضت أو تناست أو تغافلت بكل ما قالهُ لهم رسول الله (ص) من قبل , ولكن أرادت سيد النساء (ع) بعد هذا التعدي على حدود الله سبحانه وتعالى أن تصفع الأمة وتوقضها من نومتها وغفلتها وأن لا تتمادا بأكثر من ذلك وهو التجرئ على الولاية والخلافة بهجومهم على دارها لكي يؤخذ من رفض تقديم البيعة للمغتصبين لها بالقوة , ولم يترك رسول الله (ص) الأمر بدون تحذير وتبيان قدسية بكل ما يرتبط بهذا الأمر حتى المكان الذي تسكن فيه فاطمة (ع) لم يدخله رسول ألله (ص) إلا بعد الإستأذان والسماح له بالدخول لكي ينبه الأمة لقدسية هذا البيت ومن يسكن فيه عن أبي سعيد الخدري قال (لما دخل علي بفاطمة جاء النبي (ص)أربعين صباحاً الى بابها فيقول أنا حرب لمن حاربتم وسلم لمن سالمتم ) (16) و كان رسول الله (ص) عندما يريد الدخول الى هذا الدار كان يردد السلام عليكم يا أهل البيت ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (17),وقد بقى رسول الله (ص) طول حياته بعد نزول أية التطهير يقف على باب فاطمة (ع) يومياً خمس مرات (أوقات الصلاة اليومية) ويقول السلام عليكم يا أهل البيت , إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا (18), ما هو هذا الأمر العظيم الذي يريد من الأمة أن تنتبه إليه من تكرار هذا الفعل خمس مرات يومياً وما هي قدسية هذا البيت الذي يقف أمامه رسول الله (ص) يومياً خمس مرات ويسلم عليهم بهذا السلام المهيب , هل هذا الفعل من رسول الله (ص) شخصياً أم من الله سبحانه وتعالى ولا يمكن لنا إلا أن نقول جميع أفعال رسول الله وأقواله من الله كما بينا ذلك في الأيات أعلاه , فأي قدسية لهذا البيت يريد من الأمة أن تعرفها وتحترمها ولا تتجرأ بالأعتداء عليه , ولكن بالرغم من كل هذه التحذيرات فأن هذه الأمة قد تعدت على الدار وهجمت عليه بعد أن أحرقت بابه التي كان يطرقها رسول الله (ص) قبل أن يدخله بيده الشريفة وكسروها وهجموا على البيت وكسروا ضلع بضعة الرسول (ص) وأسقطوا جنينها (19) , ولكن كل هذه الظلامات التي جرت على سيدة نساء العالمين (ع) لم تكن تحدث وليس لها نتائج بل ذكر نتائجها رسول الله (ص) وقد أظهر هولها القرأن الكريم , فماذا تكون نتيجة من يغضب ويؤذي فاطمة (ع) غير غضب وآذية الله سبحانه وتعالى , قال الله سبحانه وتعالى(والذين يؤذون رسول ألله لهم عذاب أليم ) (20),( إن الذين يؤذون ألله ورسوله لعنهم ألله في الدنيا والأخرة وأعد لهم عذاباً مُهينا )(21) , ( ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى ) (22) فهذه الأيات المباركة الشريفة صريحة وواضحة وقاطعة في معناها وليس فيها شك فألذي أذى فاطمة عليها السلام يلعنه ألله في الدنيا والأخرة ويدخله في عذاب مهين كما صرح بذلك ألله سبحانه وتعالى من خلال أحاديث رسول ألله (ص) وأياته الكريمة , قال ألله سبحانه وتعالى ( يا أيها الذين أمنوا لا تتولوا قوماً غضب ألله عليهم قد يئسوا من ألأخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور ) (23) وهذه الأية تبين بطلان ولاية من غضب الله عليه بل ينهي عن توليه ومن يتولاه فقد أثم وعصى أوامر الله سبحانه وتعالى , بهذه العبارة العظيمة أرادت فاطمة (ع) أن تبعد هذه الأمة من كل هذه العواقب الوخيمة والخطيرة التي تكون نهايتها الى الخسران المبين وعذاب رب العالمين وأن تعيدها الى طريق السعادة الذي رسمه رسول الله (ص) لهذه الأمة طبقاً لأوامر الله سبحانه وتعالى فتكون نتيجتها الجنان ورضى رب الأكوان .(1) بنور فاطمة أهتديت -عبد المنعم حسنص67 , راجع كتاب فاطمة في القرأن للسيد صادق الشيرازي(2) سورة النجم أية 3-4(3) سورة الحاقة أيات 44,45,46,47(4) الموضوعات - أبن الجوزي ج1ص411(5) تاريخ البغدادي ج5ص86,الغدير-للشيخ الأميني ج3ص18(6) نور الأبصار للشبلنجي ص52(7) سورة الأنبياء أية 107(8) صحيح البخاري 5-26(9) معاني الأخبار ج2ص303(10) صحيح مسلم 7-14(11) قرب الإسناد ص172,بحار الأنوارللعلامة المجلسي ج46 ص320(12) سورةالحشرأية 5,6(13) سورةالإسراء أية26(14) لم أذكر المصادر لشهرتها وكثرتها (15) الأصابة ج4ص415,تهذيب التهذيب ج12 ص459,أعلام النساء ج1ص107 أسد الغابة ج5ص567(16) فضائل سيدة النساء - عمر بن شاهين ص28(17) سورة الأحزب أية 33 (18) معالم المدرستين - السيد مرتضى العسكري ج3ص294(19) الإمامة والسياسة جج1ص30,أخبار البشر- لأب الفداءج1ص156,أنساب الأشراف للبلاذري ج1ص586, الملل والنحل- للشهرستاني ج1ص56,ميزان الأعتدال للذهبي ج1ص139رقم 552,الوافي للوفيات للصفدي ج5ص347(20) سورة التوبة أية 61(21) سورة الأحزاب أية 57 (22) سورة طه أية 81(23) سورة الممتحنة أية 13
https://telegram.me/buratha