ماري محمد
لم يألف مجتمعنا العراقي الحوار كطريقة من طرق التعاطي مع مشكلات الحياة، سواء كانت مشكلات سياسيّة أو اجتماعيّة أو اقتصاديّة ولعلّ السبب واضح ويكمن حصراً في التعايش الطويل مع النمط الديكتاتوري الذي لا يسمح بأي لون من ألوان الحوار لأنه وببساطة يمنع أيّ تعبير عن الرأي والمعتقد وبالتالي الاختلاف من وجهات النظر والفرو قات بين القوى الاجتماعيّة والسياسيّة والمكونات الدينية. فلما بزغت شمس الحرية وظهرت التناقضات والاختلافات والذي كان السبيل الوحيد لحلها هو أعمال القوة وإقصاء الآخر وصار لابُدّ من البحث عن بدائل لما كان قائم وموجود كسلوك اعتاده الناس وألفه لفترة طويلة حتّى صار البعض لا يأنس بالواقع الجديد ويراه غير موفق بينما يصر البعض الآخر على ضرورة العودة إلى الوراء وإلغاء الوضع الجديد بما فيه من تعددية، إذ انه لم يألف سوء سماع صوت القائد الضرورة الذي إذا نطق نطق العراق، بل لعلّه ينطق نيابة عن الأمة العربية ويتصرف كذلك نيابة عنها ويشن الحروب ويلغي الاتفاقات حتّى دون أن يكلف نفسه عناء حساب النتائج. الأمر الذي ركز من الوعي والوجدان عن كثير من العراقيين هذا النمط السلوكي الذي يميل نحو العنف كسبيل وحيد لحل المشاكل وتجاوز العقبات وعليه عدم القدرة على تبني حياد الحوار للوصول إلى قواسم مشتركة بين الفر قاء السياسيين شركاء الوطن الواحد والمصالح المشتركة، وعليه فأن أول ما يقفز إلى الذهن هو حاجة العراق إلى نشر الثقافة واعتبارها بديلاً وحيداً للثقافة الموروثة والسائدة وهذا بدوره يحتاج إلى زمن طويل وإعادة بناء للوعي وتركيز الإحساس بفائدة الحوار وتوفير ما هو ضروري من دقة ملاحظة من الوعي الشعبي من فوائد الحوار التي تحتاج بدءاً بعين باصرة تلاحظ غير الملاحظ وتكتشف الملامح غير البارزة لظاهرة . ولعلّ المؤتمر الوطني القادم سيكون امتحاناً صعب للقادة السياسيين والذين يمسكون بزمام الأمور حين يثبتون كيف أنّ الحوار هو السبيل الأمثل لعبور العراق للمنعطفات التاريخية.
https://telegram.me/buratha