خضير طاهر
في واحدة من اكبر الجرائم الثقافية، وبالتزامن مع سرقة ونهب الآثار العراقية والمكتبات العامة ومحتويات الجامعات ... سرق أرشيف الاذاعة والتلفزيون عقب إسقاط نظام صدام، وضاعت ذاكرة العراق البصرية والسمعية التي تجمعت في هذا الأرشيف الثمين جدا ! ومؤكد ان كل مواطن عراقي حريص على ذاكرة وطنه وتاريخه يشعر بالفجيعة لهذه الخسارة الفادحة التي طالت أحد أهم مصادر المعرفة لتاريخ العراق المعاصر. فهذا الأرشيف هو أحد مصادر الذاكرة الوطنية للعراق. وهو سجل هام حفظ لنا العديد من المحطات الثقافية والفنية والسياسية، والكثير من الأحداث والشخصيات العامة. بأختصار انه أحتفظ لنا ببعض صور الوطن التي لاتستغني الروح والعين عن مشاهدتها . وعن كيفية حصول جريمة السرقة البشعة لهذا الأرشيف تكرم الأستاذ الأعلامي المعروف ابراهيم الزبيدي بذكر بعض المعلومات السريعة، وترك تفاصيل عرض الجريمة الى حين صدور كتابه القادم: (( دولة رماد .. وثائق سقوط الجمهورية العراقية )) حيث تطرق بشكل مسهب وبالأدلة الرسمية الموثقة لهذا الحدث في كتابه هذا الذي من المؤمل صدوره قريباً. الأستاذ الزبيدي أخبرني: أنه كان أحد أعضاء اللجنة المكلفة بالأشراف على قطاع الأعلام عقب سقوط نظام صدام، وأنه ذهب مع د.علي عبد الأمير ومحمد عبد الجبار الشبوط إلى مركز شرطة السعدون لمعاينة مسروقات تلفزيونية ضبطتها الشرطة في منزل يقع في شارع أبو نواس، وأنهم وجدوا أجهزة تلفزيونية وأفلاما سينمائية وأشرطة فيديو وأشرطة إذاعية بكميات هائلة، وبعد التدقيق تبين أنها تمثل آرشيف الإذاعة والتلفوزيون، منذ أيام الملك غازي وفيصل الثاني إلى أيام عبد الكريم قاسم ثم أيام البكر وصدام المشنوق، مع كميات ضخمة من الصور المهمة التي تمثل مختلف النشاطات في مختلف العصور. فطلبوا من الشرطة التحفظ على الأفلام والأشرطة، والتصرف بالأجهزة لأنها مخربة. ولأن اللجنة الإعلامية في مجلس الحكم لا تتوفر لديها قاعة مناسبة بمواصفات فنية صالحة لحفظ الأرشيف، فقد طلب الزبيدي من إدارة شبكة الإعلام العراقية التي كانت تدار من قبل التلفزيون اللبناني LBC أن تتسلم الأرشيف كاملا وتحفظه لديها لحين صدور قرار لاحق بشأنه. وبعد أسبوع أبلغت إدارة شبكة الإعلام الزبيدي بأن الأرشيف اختفى من الدار التي كان محفوظا فيها. وبعد مراجعة حاكمية تحقيق الرصافة تبين أن المدعو سعد الجنابي قام باستلام الأرشيف كله، ونقله إلى مكان مجهول، بأمر موقع من ضابط أمريكي في قوات التحالف يخول سعد الجنابي تسلم الأرشيف. علما ان الضابط الامريكي لم يكن يعلم بنوايا الجنابي وقد تعرض للخديعة . وما يؤسف له حقاً هو ان هذه الخيانة الوطنية الكبرى قد مرت مرور الكرام على الرأي العام العراقي، ولم نسمع احتجاجات جادة ومطالبة بفتح تحقيق في هذه القضية، بل الأدهى من هذا ان الاستاذ الزبيدي قد أخبرالدكتور اياد علاوي بهذه الجريمة ابان توليه منصب رئاسة الوزراء، ولكنه غض الطرف ولم يحرك ساكنا بسبب علاقة علاوي مع عناصر نافذة من عشيرة سعد الجنابي !! إننا نناشد كل مواطن يتمسك بالشرف والأنتماء للعراق أن يرفع صوته عالياً لإستعادة أرشيف الأذاعة والتلفزيون، ومحاكمة اللص على فعلته المشينة هذه. فهذا الأرشيف هو ملكية عامة وكنز عظيم، وإن إعادته مهمة وطنية يتحمل مسؤوليتها الجميع.
https://telegram.me/buratha