خضير العواد
الغاية من دراسة التاريخ هو الإعتبار بأحداث الماضي فإتباع الحق منها وتجنب الباطل إن كان فيها كما قال ألله سبحانه وتعالى (لقد كان في قصصهم عبرةٌ لأولي الألباب )..(1) , وأهم مرحلة يجب أن تدرس من التاريخ الإسلامي بتمعن وتدقيق هي مرحلة سيطرة بني أمية على رقاب المسلمين وما لهذه المرحلة من أهمية في تغير منهج الأسلام وفتقه الى فرق ومجاميع قد خاضت بالفكر الأسلامي ما خاضت حتى أبتعدت عنه وأصبحت تتبع تعاليم دين لم ينزل الله به من سلطان , ولمعرفة هذه المرحلة الخطرة من التاريخ الأسلامي علينا بدراسة من أسسها وبنى قواعدها لكي نصل الى الحكم العادل الذي يبعدنا عن الشبهات , كما هو مشهور أن مؤسس هذه المرحلة أو المملكة هو معاوية بن أبي سفيان وأمه هند المشهورة بالزنا والعهر فقد زنا بها أربعة من رجال قريش هم أبي عمرو بن مسافر و أبي عمارة أبن الوليد والعباس بن عبد المطلب والى الصباح مغن أسود وكان لعمارة فحملت به أمه فدعته هند الى نفسها ...(2) وقد حارب معاوية مع أبيه أبو سفيان وعتات قريش رسول الله (ص) وأذاقوه العذاب وأصحابه حتى دفعوه ليترك مكة مهاجراً الى المدينة , وقد حملوا السيف لمحاربته في عدة معارك كان أولها بدر وأخرها فتح مكة التي قال فيهم رسول الله (ص) مقولته المشهورة (إذهبوا فأنتم الطلقاء) وقد أثبت جميع العلماء وهذه من المسلمات على أن أبي سفيان وولده معاوية من المؤلفة قلوبهم (3) أي لم يدخلوا الإسلام دخول المؤمن بالعقيدة بل دخول الخائف من القتل ورجاء المال والسلطة وقد ظهر ذلك جلياً في مقولته عندما فتح رسول الله (ص) مكة عندما شاهد أبو سفيان جيوش المسلمين فقد قال للعباس عم النبي (ص) لقد أصبح ملك أبن أخيك عظيما (4) والثانية عندما أستلم السلطة عثمان فقد قال أبو سفيان بعد أن تأكد من خلو الدار من غير بني أمية ( تلقفوها يا بني أمية تلقف الكرة فوالذي يحلف به أبو سفيان (بهبل واللات) ما من جنة ولا نار ولا حساب ولا عقاب)(5) وكذلك قالها معاوية في (الفائق) عن معاوية (لو بلغ هذا الأمر إلينا بني عبد مناف تزقفناه تزقف الكرة (6), فأما معاوية فلايمتلك أي فضيلة في الإسلام ولكن أتباعه ومحبيه عز عليهم هذا الأمر, كيف يكون إمامهم بدون فضيلة فألصقوا به فضيلتين إن كانا من الفضائل , الأولى كاتب الوحي ولكنهم لم يذكروا الفترة الزمنية التي كتب بها الوحي وإن كانت فهذه ليس من الفضائل فهذا هو عبد الله بن سعد كان كاتباً للوحي فأرتد وأصبح كافرا , والثانية خال المؤمنين وهذه ليست فضيلة أيضاً فقد قال الله سبحانه وتعالى (إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) وقال (امرأت نوح وامرأت لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما) وقال ( يانوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح ) بالإضافة الى الكثير من الأحاديث النبوية التي تثبت ذلك . ولكن ما هو رأي رسول الله (ص) بمعاوية علما إن قول الرسول (ص) هو قول الله سبحانه وتعالى ( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) , قال رسول الله (ص) في حق معاوية (لاأشبع الله بطنه )...(7) وقد روى هذا الحديث أغلب أئمة الحديث , عن الحسن البصري إمام الأشاعرة قال رسول الله (ص) (إذا رأيتم معاوية على منبري فأقتلوه )..(8) , وقال رسول الله (ص) ( إذا رأيتم معاوية على منبري فأرجموه )..(9) وقال رسول الله (ص) (إذا رأيتم معاوية يخطب على منبري فأقتلوه ).. (10), عن عبد الله بن عمرو بن العاص كنت جالساً عند النبي (ص) فقال (يطلع عليكم من هذا الفج رجل يموت يوم يموت على غير ملتي ) قال وتركت ابي يلبس ثيابه فخشيت ان يطلع فطلع معاوية ...(11), رأى رسول الله (ص) أبا سفيان مقبلاً على حمار ومعاوية إبنه يقوده ويزيد يسوقه , فقال (لعن الله الراكب والقائد والسائق)... (12) , وعن عاصم الليثي عن أبيه قال ( أتيت مسجد رسول الله (ص) والناس يقولون :نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله (ص) فقلت ما هذا :قالوا : معاوية قام الساعة وأخذ بيد أبي سفيان فخرجا من المسجد فقال الرسول (ص) لعن الله التابع والمتبوع , رب يوم لأمتي من معاوية ذي الأستاه , يعني العجز الكبير) ....(13), عن أبا برزة الأسلمي يقول كنا في إحدى السفرات مع رسول الله (ص) وكان عمر بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان يغنيان قال فرفع رسول الله (ص) يديه فقال( اللهم أركسهما في الفتنة ركسا أللهم دعهما الى النار دعا )(14). أما رأي الصحابة والتابعين بمعاوية هو : عن غنم بن قيس قال سألت سعداً (يعني بن أبي الوقاص) عن المتعة بالحج فقال فعلناها , فقلت إن معاوية قد نهى عنها فقال إن معاوية لكافر بالعرش)(15) ,ولقد قام معاوية بقتل الكثير من الصحابة وفي مقدمتهم عمار بن ياسر الذي قال له رسول الله (ص)(ويح عمار تقتله الفئة الباغية لا أنالها الله شفاعتي يدعوهم الى الجنة ويدعونه الى النار)(16) وهذا من الأحاديث المتواترة عن رسول الله (ص) كما نص عليه بن حجر في الإصابة وأبن عبد البر في الإستيعاب , عن الحسن البصري أنه قال أربع خصال في معاوية لو لم يكن فيه إلا واحدة لكانت موبقة (أبتزاؤه على هذه الأمة بالسفهاء حتى أبتزها بغير مشورة منهم وفيهم بقايا الصحابة وذووا الفضيلة , وأستخلافه أبنه يزيد من بعده سكيراً وخميرا يلبس الحرير ويلعب بالطنابير , وإدعائه زياداً وقد قال النبي (ص) الولد للفراش وللعاهر الحجر , وقتله حجر بن عدي وأصحاب حجر فياويله من حجر وأصحاب حجر )(17), وقد أبتدع معاوية على دين الله البدع وأدخل فيه ما ليس فيه وقد سخر من الأمة ولكن الله يحفظ دينه برجال قد نذروا أنفسهم لله سبحانه وتعالى , في أحد خطب معاوية فلتت منه ريح على المنبر فقال أيها الناس أن الله خلق أبداناً وجعل فيها أرواحاً فما تملك الناس أن تخرج منهم , فقام صعصعة بن صوحان فقال أما بعد فأن خروج الأرواح في المتوضئات سنة وعلى المنابر بدعة وأستغفر الله لي ولكم (18),وقد سن معاوية سب علي (ع) (19)على منابر المسلمين وأستمر السب لأكثر من ثمانين سنة , ألم يثبت عن رسول الله (ص) (من سب علي فقد سبني ومن سبني فقد سب الله , ومن سب الله وسب نبيه فقد كفر) (20) وقد حارب معاوية بن أبي سفيان رسول الله (ص) مرتان الأولى في حياته عندما قاتل الرسول (ص) مشركي قريش ومعاوية من ضمنهم والثانية بعد وفاة رسول الله (ص) لأن الثابت عن رسول الله(ص) مقاتلة علي بن أبي طالب (ع) هي مقاتلة رسول الله(ص) إذ قال رسول الله (ص) (حرب علي حربي وسلمه سلمي) (21). وقد عاقبت الحكومات ومرتزقتها من علماء السلطان كل من يذكر حقيقة معاوية أو يذكر أحاديث رسول الله (ص) فيه , فهذا العالم الكبير صاحب المؤلفات العديدة الحاكم النيسابوري يقول فيه الذهبي إنه تكلم في معاوية فأوذي (22) وهذا النسائي صاحب أحد الصحاح الستة وقد ضُرب في دمشق وفتقوا بطنه وتسببت بموته لعدم روايته في فضائل معاوية بل تجريحه , وأنهم نسبوا لأبراهيم بن الحكم الكوفي الكذب لروايته حديثاً في معاوية لا يقبلونه (23) , والى اليوم فالحكومات الجائرة وعلماء السلطان يحاربون كل من يظهر الحقيقة ويسقّطونه إذا أظهر حديث واحد بحق من فرق المسلمين وجعلهم أشتات يحاربون بعضهم بعضا , وهذا كله ليحافظوا على سلطانهم وأمتيازاتهم , فمعاوية هو الذي أسس القاعدة التي تقول يجب إطاعة ولي الأمر إن كان فاسقاً او فاجراً وهو الذي أسس الملوكية في الإسلام فبسقوط معاوية سوف يسقط كل ظالم وطاغية ويلحق به علماء السلطان الذين ينتظرون رزقهم على أبواب الملوك والرؤساء , لهذا السبب نلاحظ هذه الحرب العشواء إتجاه كل من يريد الحقيقة ويظهر موبقات بني أمية وسلطانهم الذي حكم بالسيف والنار.(1) سورة يوسف أية 111(2) شرح نهج البلاغة لأبن ابي الحديد المعتزلي ج2ص391(3) الأستيعاب المطبوع بهامش الإصابة ج 3ص395(4) شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد المعتزلي ج15ص175(5) الإستيعاب لأبن عبد البر ص245 المطبوع على هامش الإصابة لأبن حجر ج2(6) الإستيعاب المطبوع بهامش الإصابةج3ص395(7)طبقات المحدثين بأصبهان لعبد الله بن حبان ج3ص34,أسد الغابة لأبن الاثيرج4ص386,تهذيب الكمال للمزي ج1ص338(8) رواه أحمد بن حنبل كما في الحديث (814) من كتاب السنة تأليف عبد الله بن احمد بن حنبل ص15(9) ميزان الأعتدال للذهبي ج2ص128,الكامل ج5ص1844(10) كتاب السنة عنبد الله بن احمد بن حنبل ص151 ط1(11) تقوية الإيمان -محمد بن عقيل ص137عن التاريخ الكبير للبلاذري ج1(12) ربيع الأبرار ج4ص400(13) شرح نهج البلاغة ج4 ص79(14) أشاره أبن منظور الى الحديث في مادة (ركسا)و(دع) من لسان العرب , رواه احمد بن حنبل في مسند أبي برزة من كتاب المسند ج4ص421 ورواه ابي يعلي الموصلي في مسنده ج13ص429ح17ح18(15) مناقب أمير المؤمنين (ع) محمد بن سلمان الكوفي ج2ص304(16) صحيح البخاري ج1ص151 وصحيح مسلم ج4ص2236 (17) كشف الغمة ج1ص418-419(18) ربيع الأبرار ج4ص172(19) تاريخ دمشق ج42ص266,تهذيب الكمال للمزي ج10ص45(20) مسند احمد بن حنبل ج6ص323, المستدرك للحاكم ج3ص121(21)مناقب علي بن ابي طالب لأبن المغازلي ص50 ح73, المناقب للخوارزمي ص76 ,شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج2ص221ط1(22) شذرات الذهبي ج3ص177(23)وضوء النبي للشهرستاني ج2ص523
https://telegram.me/buratha
