حسين دويج الجابري
تتحرك كل حكومات العالم في الماضي والحاضر وربما في المستقبل باتجاه الفساد . وتجر أليه طوعا وكرها , باستثناء حكومة علي ابن أبي طالب التي سعت الى إرساء قواعد الرأي العام , وتوسيع مساحة شغل مجتمع الدولة بالنقد والمحاججة والرأي الآخر , فتحول الخراج الى أداة لصناعة المسؤولية الأخلاقية تجاه المجتمع وتحولت السلطات السياسية والأمنية إلى فرع من فروع الدولة.. ومن هنا جاء الاستثناء الوحيد الذي أسسه حاكم عادل بالرغم من التحديات الزمكانية العريضة .. واستعصى عبر التاريخ الفصل بين الفساد والحكومة وخصوصا عند الاقتراب من بلدان الشرق والشرق الأوسط . كون هذه الأمم قبعت تحت مفاهيم التنصل من المسؤولية الاجتماعية والسياسية , وإناطة هذه المسؤولية بالحكومات التي سعت الى ترسيخ جهل المجتمعات بحقوقها وتفتيت محاولات الالتقاء وان كانت ضعيفة ,, إن المشكلة الحقيقية في المجتمع العراقي والحكومات العراقية المتعاقبة منذ إعلان الدولة العراقية في العام 1921وحتى الغد هي أزمة مفهوم , كونها قامت على إن المجتمعات كيانات مغلوبة توجهها السلطات ولا يمكنها التأثير في قرارات الحكومة إلا بمقادير يسيرة جدا , وهذا المفهوم متوارث نتيجة لعدم إدراك الرأي العام دورة الحقيقي في الحياة , فثبت إن السلطة تمتلك الدولة , والحقيقة إن السلطة أو الحكومة هي ملك الرأي العام أو الدولة . وهنا يفترض بالمثقف أن يقف لكي يؤسس الى ثقافة مجتمع الدولة . الذي يبني للديمقراطية بلحظ المصالح العامة . ويشرعن للحكومات التي تعمل وهي متيقنة من رقابة مجتمع الدولة لها فينتهي الفساد كون زمام الحكومة بيد سلطة الرأي العام وهي أقوى السلطات المعروفة , ومنها ينطلق القضاء العادل والشرف الاجتماعي والورع الأخلاقي وشجب كل أنواع الانحطاط بفاعلية , وبمعنى آخر إذا كانت سلطة الحكومة فوق سلطة الدولة فهذا يعني أن سلطة السياسة فوق سلطة القانون. وإذا فالمواطن غائب لان القانون غائب , إن العقد الاجتماعي ليس آليات سياسية بقدر ما هو آليات حقوقية وقانونية.وبدون النفوذ الحقوقي، الثقافي والإجرائي والمشاركة المدنية الواسعة والفاعلة لا نصل إلى بناء الدولة وموضوعيتها. فالدولة حالة واقعية وموضوعية ,ولكن هذه الأيام المال هو من يحدد معايير العلم والصحافة والسياسة والتحالفات الإقليمية والدولية ومفهوم السلطة. وبما أن الدولة مشروع عام ووطني فانه يتناقض مع طموحات السياسيين الساعين لتكريس مصالحهم الفردية لان الدولة لاتوفر المصالح الفردية وإنما المصالح العامة. ولذلك يبدو الجهاز الإداري هو سلطة الحكومة وليس أدوات الدولة لتلبية الحاجات المتزايدة للمواطنين. هكذا تطل الرشوة برأسها كون الجهاز الإداري ضد المواطن كسلطة للحكم وليس كوسيلة للدولة لإرضاء حاجات مواطنيها. هذه هي فلسفة الدولة. وإذا بدت مشاريع الحكم شخصية وفئوية ودينية ومذهبية وعشائرية وعائلية ومناطقية فان أفكار ( ادم سميث في ثروة الأمم تكون مثالية قياسا بالأفكار الساذجة التي تستحوذ على الثروات بدعوى إن توزيع الثروات لاشاءن له بالدولة وان الحكومات لاتوزع الثروات وإنما تديرها ,,
الدولة هي المال العام لجميع المواطنين. ولهذا اعتبر جان جاك روسو إن السيادة هي الإرادة العامة. وهذه الأخيرة يبدوا إنها سحقت لان النخب السياسية تزود المواطن بوعي آخر هو سبب بقائها واستمرارية تفوقها المالي والسيادي كونها تسوق الخضوع لسلطتها عبر إشاعة الخوف وصناعة الرموز الاجتماعية الفارغة علميا وأخلاقيا أيضا وتطبيع أعضائها على الطاعة العمياء والولاء الكامل , دون نقد أو اعتراض وليس لدية أية حقوق .. لان النخب السياسية هي الداعي الأول إلى نظام العبودية المواطنية للسلطة . . والمنظر الرئيسي الى العقد السيا ايديلوجي الذي يحتكر فيه طرف واحد كل الحقوق والامتيازات القدسية ويلغي العقد الاجتماعي ليبدأ المواطن في محنة بين التاريخ والبناء العلوي الذي أراد التأسيس الى عقد أخلاقي وحقوقي على المستويات كافة وبين الرافعين علي شعارا ..
https://telegram.me/buratha