سلام محمد
لعل من اهم الخصائص التي تميز المذهب الشيعي كواحد من المذاهب الاساسية الخمسة في الدين الاسلامي المحمدي الحنيف وجود مراجع التقليد الشيعة الذين يعتبرون وكلاء للإمام المعصوم في زمن الغيبة ومهمتهم استنباط الاحكام الشرعية بما يسهل على المكلفين الذين لايمكنهم استنباط الاحكام تقليد العالم الذي تتوفر فيه شروط الاعلمية من خلال قانون يتيح للمكلف التمييز بين عالم وأخر حفاظاً على الشريعة السمحاء من التزوير والانحراف وهذه الخصوصية غير موجودة في المذاهب الاسلامية الاربعة الاخرى حيث تعتمد تلك المذاهب على الاحكام التي وصلتهم عن طريق الرواة ويعبرون عنها بالسنة النبوية والمعروف ان السنة النبوية التي وصلت الى متناول يد العلماء عن طريق السلف للمذاهب الاربعة خضعت لعملية تزوير حقيقة للأحاديث والروايات لما يخدم السلطان والتنافس على السلطة بعد وفاة الرسول الكريم (ص) وحكومة الخلفاء الثلاث حتى وصلت الى امير المؤمنين علي (ع) وما حصل من انقلاب في العهدين الاموي والعباسي بسبب تشبث الامويين والعباسيين بالحكم وما قاموا به من تحويل الحكم الاسلامي الى سلطة جائرة ترتكب المحرمات وتستعبد البلاد والعباد وابتعدت عن كل القيم والأعراف وانشغلت بالفسق والمجون حتى وصل الفساد الى ان يكون للحاكم اكثر من الف جارية وخدم وحشم ويأكل مصارين الدجاج المحشات بمخوخ الطير وفي عهد هؤلاء الفاسدين الفاسقين خطّت كتب السنة النبوية التي يعتمدها اليوم اتباع المذاهب الاربعة,اما السنّة النبوية الصحيحة تلك التي وصلت الى اتباع اهل البيت عليهم السلام فهي عن طريق ثقات الرواة العرب ومن معدن العلم ألأئمة المعصومين عليهم السلام وهكذا حتى وصلت الى مراجع الدين العظام الذين وقعت على عاتقهم مهمة استنباط الاحكام الشرعية من الكتاب والسنة النبوية الصحيحة والتي تتكيف مع تكيف العصر وتحولات الزمان والمكان وكان لهذه المرجعية دور القيادة الشرعية ومعيار الضبط للأتباع وحمايتهم من الانحراف والتضليل وأن لايقعوا في شراك المدّعين والدخلاء على الدين المحمدي الاصيل الذين تدفعهم المصالح الشخصية وعظمة السلطان .وهذه الخصوصية هي التي ساهمت في حفظ الدم العراقي بعد سقوط الطاغوت وانفلات الاوضاع فلولا وجود المرجعية الدينية لكان انتقام الشيعة من السنة في العراق مجزرة يذكرها التاريخ على مر العصور لأن اهل السنة كانوا الادوات التي يقمع بها صدام شيعة اهل البيت عليهم السلام .ان دور المرجعية الدينية في النجف الشرف في ادارة العملية السياسية وتوجيهها لم يكن تصدياً علنياً مباشراً ولا حتى غير مباشر مما ساهم في التشويش على المكلفين الشيعة مقلدي مراجع الدين وجعلهم في تيه حقيقي حيث استخدمت مصطلحات فضفاضة استغلها البعض للحصول على اصوات الناخبين, ولعب معتمدي ووكلاء المرجعية دوراً سيئاً في ترجمة تلك المصطلحات الى العوام وفسروها على هواهم لأعلى مبتغى المرجعية الدينية الرشيدة فمصطلح ( انتخاب الاصلح ) مصطلح فضفاض وقابل للتأويل والتحريف وفعلاً استغل للتأويل والتحريف وبسببه وصلت الى البرلمان كيانات وشخصيات لم تكن بالمستوى الذي يخدم مصلحة التشيع في العراق .ان قيام المرجعية بدورها الحقيقي في قيادة الامة مهم في مستقبل العملية السياسية لكي لأنقع بنفس الاخطاء التي وقعنا بها في السابق ولكي يكون اتباع المرجعية على بصيرة من امرهم من دون ان تتلاعب بهم اهواء معتمدي ووكلاء المراجع العظام ولا يوجد مايمنع من ان يكون موقف المرجعية الدينية من العملية السياسية موقف واضح ولا يقبل التأويل .ان الفرصة لازالت مواتية لإعادة ترتيب اوراق العملية السياسية في العراق بما يخدم مصالح شيعة اهل البيت عليهم السلام وهذا الامر لأيتم إلا بتدخل من المرجعية الدينية لتضع حداً فاصلاً للذين يتخذون من عدم دخولها في العمل السياسي بشكل مباشر مبرراً للتلاعب بالا لفاض لتكييف موقف المرجعية حسب اهوائهم ومصالحهم الشخصية والفئوية وتجعل المكلف امام موقف واضح وصريح تجاه الوضع السياسي في العراق وعندها سيتحقق اختيار الاصلح الذي يخدم مصالح الناس ويرفع الحيف عنهم وهو شعار المرجعية الاساس الذي اتخذته هدفاً للوصول الى مايخدم مصالح الشعب العراقي .
https://telegram.me/buratha