المقالات

ظاهرة التفريخ والانشطار في الأحزاب والتكتلات السياسية العراقية

950 20:35:00 2012-03-11

حمودي جمال الدين

يرى بعض الدارسون لطبيعة المجتمع العراقي والتركيبة النفسية لإفراده‘‘ من أنهم معارضون بطبعهم ‘صعبي المراس‘ أقوياء العريكة ‘جدليون ‘يطغى عليهم النقاش في أساليب تعاملهم مع الآخرين‘‘ومن المتعذر ترويضهم بسهولة وسلاسة.فهم لا يتقبلون فكرا أو رأيا يفرض عليهم قسرا وبإكراه‘ قد تفسر هذه النوازع والصفات التي يتميز بها الفرد العراقي عن باقي المجتمعات العربية والاسلاميه ‘من انها هي التي خلقت حرية التفكير‘ ووضوح الرؤية‘ والشفافية في المفاهيم‘ والأفكار‘ بعيدا عن التحجر والجمود‘ لهذا لاقت المعتقدات والأديان السماوية صعوبة في التقبل‘و الأداء ‘والتطبيق‘ في بداية دخولها ارض العراق ‘وهذا مايؤكد ظهور وبروز المذاهب السياسية والفقهية والفكرية في العراق ‘وانتشارها منه إلى بقية الأقطار والأمصار ‘كالتشيع ‘والمذاهب الفقهية الاربعه‘ والمعتزلة ‘والقرامطة ‘والخوارج ‘والعيارين ‘وغيرها الكثير من الأحزاب والحركات .وما نشهده من تشظي‘ وانشطار‘ في صفوف أحزابنا ‘وتكتلاتنا‘ العاملة اليوم‘ إلا امتداد لهذه الطبيعة التي جبل عليها المجتمع العراقي‘ وإفراده‘ فعلى الرغم مما عرفت به الأحزاب السياسية العراقية ‘ من صرامة في التنظيم‘ ومن حبك‘ ورصانة وضبط‘ وطاعة للأوامر‘ والتنفيذ‘ ومن فسحة للحوار‘ وتداول الرأي‘ انسجاما مع أطروحاتها الديمقراطية‘ وفي دساتيرها الداخلية‘ إلا انها ظلت دائما عرضة ومسرحا للانشطار‘ والانقسام‘ حتى وصل البعض منها إلى عدة أجزاء‘متخاصمة متنافرة ‘تحمل خصوصيات مختلفة عن الفصيلة إلام .قد يشكل هذا التباين في الرؤى‘والمفاهيم ‘واختلاف الامزجه ‘والدوافع الذاتية والمنهجية ‘دورا تتمحور حول أسبابه هذا التشرذم‘ والانقسام ‘للأحزاب السياسية.لكن تظل تركيبة النفس البشرية العراقية الرافضة للهيمنة والخنوع والتحجر والتقولب والتعليب والانشداد الى التجديد والتغير هي حجر الأساس في هذا التفريخ والتشظي.فضلا على ان اغلب الأحزاب والكيانات مرهونة بقائدها‘ أو رمزها المؤسس‘ والذي غالبا ما يحتكر السلطة والتفرد بالقرار لنفسه ‘ويهمش الآخرين ويستعلي عليهم‘ وبالأخص المستويات الدنيا من الأعضاء ,فيختزل الحزب بشخصه دون الآخرين‘ مما يبعث على التململ والضجر الذي يولد التمرد‘ والخروج ‘عن طاعة الحزب وقائده وبالتالي التكتل والانشقاق ‘في تشكيل حزبا آخر قد يأخذ اسما مغايرا للأصل إلا انه في الحصيلة النهائية ينتهج نفس المبادئ ‘والأساليب التي يسلكها الأصل .وهذا ما يستدل عليه من إن اغلب الأحزاب العاملة في الساحة ألان‘ تتقمص نفس المبادئ والأجندات والتوجهات‘ وحتى الأسماء‘ والانكى من ذلك إن بعضها يرفع شعارات‘ وقيم حزبيه سياسيه‘ دخيلة وخارجه على ثقافته‘وأيدلوجيته ‘ وفكره التنظيمي والسياسي الذي ترسخ في أذهان وعقول منتسبيه‘وما عليه إلا انه يركب الموجه ‘متماشيا مع ما يتطلع إليه جمهور العراقيين ‘حتى لا تفلت من زمامه بريق السلطة وما تدره عليه من امتيازات ومنافع .ولم تكن هذه الظاهرة من التشظي‘ والانشطار‘ الذي يعم وينتشر في ساحتنا السياسيه ‘ وليدة يومنا‘ لكنها امتداد وعدوى نقلناها من المعارضة السابقة للنظام ألصدامي البغيض‘ إلى السلطة الحالية.‘ والذي عاش تلك المرحلة يستطيع إن يتلمس هذه الظاهرة دون عناء‘ والتي كانت تستفحل وتستشري‘ في مواسم التسخين السياسي‘ بفعل المؤثرات والعوامل الخارجية ‘ الدولية والاقليميه‘ وولوغ القضية العراقية على واجهة الإعلام ‘حيث تنشط ‘وتحرك غرائز الناس ‘وكوامنهم المكبوته‘ للظهور بهذه التشكيلات والتقليعات ‘التي لا يراعى بها التقيد بالمقومات‘ والشروط الواجب توفرها في كل حزب وحركه‘ قبل الشروع بالانقسام والعمل..وإذا ما تغاضينا عن بعض القوادم والإمكانيات المتعارف عليها‘ في تشكيل الحزب‘.لكن يبقى هناك شرط أخر لا يمكن تغافله والاستهانة به‘ وهو القاعدة الجماهيرية‘ والركيزة الاساسيه‘ التي تشكل الارضييه والحجر الأساس‘ التي يبنى عليه الحزب ‘والتي يستمد منها قوته ‘وصلادته ‘وديمومته وقدرته على التفاعل ‘والمشاركة في الانشطه والفعاليات السياسية الأخرى‘ وعلى ضوئها يقاس حجمه ومكانته ‘وبالتالي يكسب المصداقية وثقة الجمهور به ‘ولكن الحاصل فعلا مغاير لذلك.فقد يحلو للبعض إن يدير اجتماعا من داخل بيته‘ يظم عائلته وبعض أقربائه‘ ويعين نفسه قائدا أو أمينا عاما ‘ ويختار احد أقاربه ناطقا رسميا ‘ ثم يصدر بيانا يعلن به عن تشكيل الحزب ومبادئه وأهدافه‘ والتي لا تختلف كثيرا في مضمونها عن بقية الأحزاب والحركات العاملة‘ ويبث بيانه التأسيسي من على وسائل الإعلام المختلفة‘ وما أكثرها اليوم وطالما الدفع مجزي والإمكانيات لديه وفيرة ‘وبهذا يكون مشكورا قد أضاف رقما حسابيا جديدا للقائمة العريضة التي تغص بها الساحه السياسيه العراقية اليوم ‘والتي تفوق على 500 حزب وحركه سياسيه. والعمل الوطني ليس حكرا على شخص‘ أو حزب دون أخر‘ وميدان العمل سمح ‘و مفتوح لكل من يجد في نفسه ألقدره والتواصل عليه. على ان لا يغيب عن ذهنه انه لم يعد في حزب او حركة سياسية معارضه مشتتة التركيب والأهداف والرؤى تنطلق بفعالياتها من الخارج لنظام مناوئ لها .بل يعمل في نظام دوله لها كيانها ونظامها‘ ودستورها وقوانينها‘ ووفقا للضوابط ‘والشروط التي تقرها اللوائح والأعراف السياسية الحزبية‘ على إن يكون صادقا في وطنيته‘ ومخلصا لشعبه متفانيا في تقديم خدماته لوطنه‘ مغلبا مصلحة وطنه على الأنا والمصلحة الذاتية في سلوكياته وأهدافه .فيكفي هذه الساحة تمزقا وضياعا‘ وتشتتا‘ لكثرة هذه المسميات من الأحزاب‘ والتكتلات التي تمعن بنا تمزيقا وهشاشة‘ وضعفا ‘فتنخر في لحمتنا‘ وتفكك وشائج نسيجنا ‘ووحدتنا ‘وتسمح لكل من هب ودب التدخل في شئننا ‘وفرض هيمنته واملاآته علينا‘ وما الدم المراق والفواجع المروعه التي يدفعها شعبنا إلا ضريبة لتبعيتنا وتمزقنا ‘وضمور الشعور والحس الوطني في نفوسنا .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
زيـــد مغير
2012-03-12
كل الأحزاب والتيارات والكتل التي والحوزات الدينية التي ظهرت بعد سقوط النظام العفلقي الجاهلي العنصري الخبيث هي مجموعة عصابات كعصابة البعث . جبهة التنافق مثلا ً التي ضمت المجرمين عدنان الهزاز وطارق الأموي وظافر العاني وغيرهم , هيئة علماء التفخيخ لصاحبها حارث الخاري , جبهة الحمار الوطني لصالح المطكطك حوزة الصرخي , جماعة الكيولي مشعان الجبوري . والحمد لله بان معدنهم الخبيث بان وأصبحوا مثلا ً للخسة والنذالة والسرقة لعنهم الله.
مثنى
2012-03-12
الاحزاب هي المشكله الاساسيه في العراق فجميعها عميله وتخدم اجندات دول اقليميه وتتلقى التموبل منها الله ام ربي الا الحزب الشيوعي لعدم حاجة تلك الدول اليه وليس لنزاهته فالاحزاب مسجله باسماء اشخاص ويتوارثها الابناء والاحفادمن بعدهم وما كانت تعتبره مثلبة على صدام وعائله باستيلائه على البعث ثم الدوله تمارسه الان هذه الاحزاب وتتقاتل وتقتل العراقين من اجل تحقيقه في ضل غياب قانون ينضم عمل الاحزاب وتشكيلها ومن اين تمويلها قاذا ما ضلت هذه الشراذم على هذا الحال سيتناسا الناس جرائم البعث وسيرضون به منقذ لهم
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك