بقلم داود نادر نوشي
الجفاء العربي للعراق بعد 2003 والابتعاد الغير مبرر تجاه القضايا التي مرت به لم يكن له مبررات حقيقية ولم يكن له مسوغ نستطيع من خلاله أن نلتمس العذر لهذه الدولة العربية أو تلك ، بل أن النظام السياسي العربي كان وما يزال حجر عثرة للكثير من الخطوات الدولية التي كانت تسارع الخطى من اجل عودة العراق إلى مكانته الطبيعية في محيطه العربي والدولي ، ولم تكن للأنظمة السياسية العربية أي دور ايجابي في سبيل النهوض بالواقع العراقي إلى ما كان يطمح إليه العراقيين ، وعلى مدار أكثر من ثمان سنوات من عمر التجربة السياسية العراقية والتحول الديمقراطي ، بذلت الحكومات العراقية المتعاقبة الكثير من الجهد والوقت لأجل عودة العرب إلى الحضن العراقي والمشاركة الواسعة في سبيل تحقيق النهوض العربي المشترك ، لاسيما وان العراق يمثل حلقة رئيسية ومهمة ودور فاعل وريادي في جسد الأمة وبدونه لايمكن تصور حالة عربية فاعلة ومؤثرة ، ولهذا نلاحظ في غياب هذا الدور العراقي أن البعض من الدول العربية الصغيرة بدأت ترسم لها دورا لا يمكن له أن يكتمل في ظل غياب المؤهلات المطلوبة لهذا الدور وهي واهمة كل الوهم في قدرتها على لعب هكذا ادوار . والسؤال الذي يحير الكثير من المراقبين هنا هو لماذا هذا التخوف والتوجس من العراق الجديد ، وماهي الأسباب التي تجعل العرب أو بالأحرى الأنظمة العربية يتخوفون من النظام الديمقراطي في العراق ، فإذا كانت هذه الأنظمة تعتبر التجربة العراقية الجديدة والنظام الديمقراطي نظاما لا يتلاءم وطبيعة نظام الحكم في هذه الدول ، فأن العراق قطعا ليس في وضع تصدير الديمقراطيات وهو لازال يعاني الكثير من اجل تثبيت مقومات التجربة السياسية وتفعيل آليات عملها ، وهناك تحديات كبيرة من قبل الإرهاب ومشاكسة الفر قاء السياسيين الذين دائما ما يكون في وضع المتربص من اجل الصيد بالماء العكر . ونجاح التجربة السياسية في العراق والذي يتخوف منه الكثير في محيطنا العربي ، هو قطعا نجاح للجميع لان العراق عمقا ستراتيجا للعرب مثلما العرب هم عمقا إستراتيجيا للعراق .واليوم وبعدما جالت حركات التغيير في العالم العربي وسقوط الكثير من الطواغيت وحدوث تغيير مهم في صور النظام السياسي العربي ورغم الاختلاف بين المؤيد لهذا التغيير والمعارض له ، وبما أن الربيع العربي جاء متأخر عن ربيع العراق الذي أطاح بالدكتاتورية البعثية ألا أن العراق تقدم خطوات كبيرة في بناء البنى التحتية للعملية السياسية والمرتكز على نظام الديمقراطية ، وموقف العراق الحيادي من قضايا الأمة ونسيان الدور الذي كان يلعبه في عهد النظام البائد وتحت مسميات حامي البوابة الشرقية وغيرها من الشعارات التي كلفتنا الكثير ، وكذلك بعده عن التكتلات ومحاولات النفوذ التي يقوم بها البعض من الأنظمة العربية حيال الكثير من القضايا العربية ، يجعل انعقاد القمة في بغداد مرتكز أساسي ومهم لإنجاحها وتحقيق الأهداف التي من اجلها تنعقد هذه القمة . وأما التبريرات التي كانت تتداو لها الكثير من الدول العربية في وقت سابق كون العراق تحت الاحتلال والوضع الأمني ، فأن هكذا تبريرات في الوقت الراهن لا وجود لها لان العراق اليوم يعيش استقرار امني أفضل بكثير من بعض الدول العربية ، وشماعة الاحتلال التي تغنى بها الكثير قد ولت وبدون رجعة ، بل أن انعقاد القمة في بغداد لها مردودات ايجابية للعرب أنفسهم ولاسيما لأنظمة الربيع العربي من اجل الاستفادة من التجربة العراقية في كيفية ادراة الأزمات وبناء الديمقراطية التي أتت على أنقاض الحكم الديكتاتوري ، ومن اجل عودة العرب للحضن العراقي الذي لا يمكن الاستغناء عنه تحت أي ظرف من الظروف لاسيما وان العراق يملك الإمكانات المادية والبشرية التي تضعه دائما في المقدمة لتحقيق كل الأهداف التي ناضل من اجلها العراقيين وعلى مدى عقود .
https://telegram.me/buratha