صالح المحنّه
حراكٌ سياسي عراقيّ محموم وإتصالات دبلوماسية هنا وهناك ، وعروض وتطمينات لهذا الطرف وذاك لماذا ؟ حتى تنعقد قمة تحمل معها أسباب فشلها سلفاً ، وليس لها أي وزن أو أثر سياسي عربي أو عالمي،لأنها ليست بدعاً من القمم العربية السالفة ، بل هي أفشلها ، فكل القمم العربية التي عُقدت من أولها عام 1946 في مصر الى آخر ها عام 2010 في ليبيا القذافي وفي أحسن أحوالها لم يتمخض عنها أي قرار أو مشروع يصب في خدمة ابناء هذه الأمة التي أبتليت بنفسها وبموروثها الديني والتاريخي المقلوب قبل أن تبتلي بزعاماتها المريضة، فكيف بهذه القمة السقيمة التي يطبل لها السياسيون العراقيون، وكأنها تشريف لهم ولأنجازاتهم ، ولعلّ جل ماينتظرونه منها، هو مشاركة وفود هزيلة ممثلة لحكومات مهددة بالزوال والإنقراض عاجلا أم آجلا ، يعتقدون من خلال هذه المشاركة عودة العراق المزعومة الى حظيرة العروبة التي تشتت ايما تشتيت بسبب سلفية الربيع العربي الذي نسف آمال الشباب، وأكيد هذا إعتقاد خاطيء من قبل السياسيين العراقيين ، فعودة العراق الى واجهة الدول العربية الفاعلة، لاتأتي بهذه الطريقة مالم يحمل معه التحدي ، ليس تحدياً نووياً ، أو بصواريخ العباس والحسين، ولكن من خلال تماسك ابناءه ، وتنمية بنيته التحتية ، وتطوير إقتصاده، ومساعدة الشعب على الخروج من أزماته المادية والمعنوية، والقضاء على الأمراض الأجتماعية،وتفعيل مؤسساته الثقافية، قوة العراق من قوة ابناءه أولا وآخراً، وهذا هو التحدي الذي يفرض حضوره على الآخرين، أما عقد قمة وعلى مستوى ثالث من التمثيل وهذا مامتوقع ،لا يعتبر إنجاز مشرّف للقادة العراقيين ، ولا يوجد أي تبرير في الواقع الذي نحياه لرغبتهم الجامحة وسعيهم الحثيث من أجل إنعقادها، وفي مثل هذه الظروف المتقلبة والمرتبكة التي تعيشها المنطقة العربية ،وهم يعلمون علم اليقين أن خمسة دول عربية بلا رؤساء ، وخمسة أخرى خليجية ربما تشترك بمستوى ثانٍ أو ثالث ، واخرى لاتشترك نهائيا، قمة بلا ملوك ولا رؤساء ، اربعة ملوك لايشتركون ، عبد الله السعودية وعبد الله الأردن وحمد البحرين ومحمد السادس ، أما باقي الرؤساء فيرتجفون من أسم بغداد والبعض الآخر يخشى الخروج من بلده فلايستطيع العودة مرّة أخرى اليه، فعلامِ الأسراف والتبذير في أموال الشعب العراقي؟ والعراق يمرُّ بظروفٍ إستثنائيٍة منذُ سقوط النظام البعثي والى يومنا هذا، دفع فيها ثمنا باهضاً من أرواح أبناءه وممتلكاتهم، ولم يتعرّض أي شعب عربي لمثل ماتعرّض له من قتلٍ وتجويعٍ وإرهاب على كل المستويات، ولازال يتعرض للأرهاب بشتى الوسائل ، وأجمعت كل المعطيات الأمنية والسياسية بأن هناك تواطيءٌ عربيٌ مفضوح مع عاصفة الأرهاب التي ضربت الشعب العراقي، وليس سرّا هذا التعاون مع الأرهابيين أو التواطيء فكل الطرق كانت ولازالت سالكة للأرهابيين من دول الجوار الى أعماق الأراضي العراقية ، يحملون معهم المسوغات الدينية والسياسية التي تبرر لهم أعمالهم العدوانية على العراق وشعبه ، وكناّ في أمس الحاجة الى وقفة الأمة العربية ومساندتها لشعب ضاق الأمرين، خرج من جحيم صدام حسين وحروبه العبثية التي خرّبت البلاد وأهلكت العباد ، ليتلقى موجة من الأرهاب الطائفي والسياسي ، ماحاجتنا اليوم لعقد مثل هذه اللقاءات التي يكتنفها النفاق السياسي من سطرها الأول حتى خاتمتها؟ ووضع العراق الداخلي بأمس الحاجة الى عقد قمة وطنية للمصارحة قبل المصالحة، ليكشفوا عن نواياهم ويحددوا موقفهم من العراق والعراقيين ، الى متى تتتحكم بالسياسيين العراقيين العقد الحزبية والسياسية والطائفية؟ حتى يصل الأمر ببعضهم الى التعاون مع الأرهابيين لضرب الأبرياء؟ إرضاءا لنوازعه النفسية الكارهة للآخرين، والبعض الآخر يُجيز لنفسه سرقة قوت الملايين من الفقراء لبناء مملكته الحزبية، هل الفشل في حل النزاعات وعدم توفير الخدمات للمواطنين جعل السياسيين العراقيين يمتهنون لعبة الهروب والهرولة خلف حظيرة الجرب العربي؟ أوليس أطفال العراق أولى بهذه الأموال؟ مئات الملايين من الدولارات رُصدت لعقد هذه القمّة المقيتة، كم دار تُبنى للمعوزين وكم مدرسة وكم مستشفى تُعّمرْ بهذه الأموال؟ملايين العراقيين بين مهجر ومملقٍ وصاحب فاقةٍ ألمّت به يتوسل الدوائر الحكومية حد الأذلال ، ثم يعود خائباً ، والسياسيون العراقيون ينافحون ويكافحون لأقناع شرذمة من الحكّام العرب الناقمة عليهم شعوبهم للموافقة بالأشتراك في قمة بغداد ؟ وهم يعلمون أن لاقيمة لهذه القمة الخاوية، ما دامت المنظومة العربية بقيادة قطر عرّابة الفوضى العربية خاضعة لأرادات خارجية تُملي على الجامعة العربية قراراتها، هل أنتم غافلون عن هذا؟ أم تتجاهلون الواقع والحقيقة الواضحة كالشمس أمامكم ؟ وهاهي الأحداث تتسارع وتسابق إنحدار السيل،أية قمة وأي لقاء يدفع ماهو آت؟ لايقرّبكم من العدل إلاخدمتكم لشعبكم وإنصافه ليتذكركم بخير إذا مارحلتم عن الكراسي أو الدنيا....
https://telegram.me/buratha