السيد حسين الصدر
أين اللصوص اليوم من لصوص الأمس ؟نقرأ في أخبار السُرّاق واللصوص العراقيين ،غرائب ونوادر تشي بأنَّ بعضهم ،لم يَعدْموا حُبَّ القيم والمثل الرفيعة ، رغم الانحراف ، والانجرار الى اجتراح الاستحواذ على أموال الناس وأمتعتهم دون وجه مشروع .!!انّ بعضهم كان ينفض يده من ((الصيد )) ،بمجرد ان تُدغدغ سَمْعَهُ كلمة مُثيرةْ ،تُعيد اليه رُشْدَه ، وتبعثه على الالتزام بما يجب ان يلتزم به من أخلاقية وآداب ..لقد شاعت حكاية المرأة البغدادية التي انتهبت من نومها ،على وقع هجوم اللصوص على بيتها فأيقظت ولدها من النوم وصاحت بصوت مسموع :" قم يابني وساعد أخوالك "هذه الحكاية التي نقلها الدكتور علي الوردي في كتابه (لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث ) وتعّرض لها غيره من الكُتّاب أيضاً فكانت النتيجة ان ترك السُرّاق ما كانوا قد أخذوه من بيتها ، وأسرعوا مُنصرفين حيث لا يسوغ للأخ ان ينهب أخته أو ابناءها .ان عليه ان يكون المدافع والمحامي عنهم ازاء اعتداءات الآخرين !!ويذكر الراحل " ناجي شوكت - احد رؤساء الوزراء العراقيين السابقين 1894 - 1974 في كتابه ( سيره وذكريات ثمانين عاماً ) - قصة سارق آخر كان يدعى " سليمون" وكان هذا قد اعتاد على قطع السابلة بين الكوت وبدره وسلب ما يجده في حوزتها من نقود كما اعتاد السطو على البيوت حتى ضجَّ الناس من اعماله .يقول ناجي شوكت : ص16-17( كان سليمون على الرغم من شقاوته وسوء أعماله ، لايعتدي على الفقراء ،ولا يتصدى لغير المتمولين والأثرياء ..)ويقول عنه :( سطا ذات يوم على دار أحد الأثرياء ،وسرق مخشلات كثيرة كانت في حوزته ،ثم علم ان بين هذه المخشلات مصاغاً لاحدى النساء الفقيرات كانت قد رهنته عند هذا الثريّ المرابي ،فذهب اليها بالمخشلات المذكورة وطلب اليها ان تسحب منها مصاغاً فسحبته مع الشكر والامتنان ) ان سليمون وأضرابه كان يشفقون على الفقراء والضعفاء من الرجال والنساء أما قراصنة السرقة والنهب للمال العام في هذه الأيام ،فانهم يصرون على نهب أموال اخوانهم واخواتهم من الفقراء والضعفاء دون رحمة وبلا هواده ، ولم نجد في قصصهم وأخبارهم ما يشعر بأنهم يملكون شيئاً مما كان يملكه المحترفون من لصوص الأمس ان المال العام هو ثروة المواطنين العراقيين جميعاً ، ومعظمهم من الفقراء والبائسين ، والاستمرار في عمليات النهب والسلب للمال العام تعني أنَّ اللصوص المعاصرين لا يملكون شهامة من سبقهم من اللصوص المحترفين .انهم عصابات تنمّرت وتنكّرت للقيم والأعراف والاخلاق ، ولم تعد تهتم بشيء على الاطلاق الاّ امتصاص دماء أبناء العراق ..!!والغريب ان وتيرة النهب والاستحواذ على المال العام - بشتى الطرق والاساليب الشيطانية - تتصاعد وتتكاثر ، كلما اشتدت حملات التنديد والاستنكار لهذا المنحى الغادر !!وكأنهم بهذا يردّون على كل الوطنيين المخلصين بلسان الحال :اننا ماضون في دروب القرصنه ، ومتلذذون بما نصطاده من المال العام، رغم آنافكم وليكن بعد ذلك ما يكون !!اننا أمام احتمالين خطيرين :امّا ان تكون جميع اجهزة الرقابة وهيئات النزاهة ،فاشلة وقليلة الجدوى واما ان هناك جهات عليا تُعيق عمليات التصدي لملفات الفساد المالي والاداري وتشل فاعليتها وكلا الاحتمالين محزن وخطير ولم يعد الشعب العراقي قادراً على تحمل المزيد من الخسائر والفضائح ، فقد بلغ السيل الزبى
https://telegram.me/buratha