فراس الغضبان الحمداني
استضاف مجلس القضاء الأعلى قبل أيام نخبة من الإعلاميين والقضاة في جلسة حوار صريحة تركزت على البحث في استقلال القضاء العراقي وابتعاده عن التسييس ، وعرضت تفاصيل قضية طارق الهاشمي أنموذجا في استقلال القضاء وتأكيداً على وجود ظاهرة غريبة في ممارسة الإرهاب من داخل المراكز الكبيرة في السلطة التنفيذية وربما التشريعية أيضاً .
حاول القاضي مدحت المحمود ومعاونوه إن يرسموا أمام الحضور صورة واقعية للمستوى الذي وصله القضاء في العراق ، ووصف المحمود ذلك بأنه حالة منفردة في المنطقة وهي متميزة تقف مع تجارب البلدان المتقدمة في هذا المجال وان القضاء ما زال حتى الآن صامداً أمام كل الضغوطات ورافضاً كل التدخلات .
ولكن الذي أثار الانتباه على خطورة وأهمية المحور الأول بأن استقلال القضاء هو الضمانة الوحيدة لبناء دولة عصرية تضمن حقوق الشعب بكل فئاته وأطيافه ، ونقصد بالقضية الثانية والتي وللأسف لم تأخذ رغم كل الضجة السياسية والإعلامية مداها الحقيقي ولم تكشف حتى الآن للشعب تفاصيل الجرائم المرعبة التي نفذها الهاشمي أو أمر بتنفيذها ، وكرّم منفذيها بأموال معروفة المصادر ، ولعل تقليب بعض الملفات التي وصلت إلى المئات ستجعل الناس عامة والبسطاء منهم على الخصوص يطلقون على الهاشمي ( دراكولا العراق الجديد ) لان هذا الشخص كان متعطشا لدماء العراقيين ، كون همه الكبير كان مكشوفاً حين ظهر وبكل وقاحة وهو يذرف الدمع على القتلة المأجورين عند زياراته المتعددة لهم في السجون ، وكان يقسم لهم بعهد الرجال و(شواربهم) بأن يسعى بكل الوسائل المشروعة أو غير المشروعة لإطلاق سراحهم وعودتهم لساحات الإرهاب والقتل ، ولم يكتف بذلك بل سعى لاسترضاء سادته في الخليج وأسس من فوج حمايته الرئاسي وكما جاء في الاعترافات المسجلة والموثقة أكثر من 11 فرقة للاغتيالات ونصب العبوات الناسفة والسيارات المفخخة تمارس عملها ليلاً ونهاراً في بغداد والمحافظات وهي تمارس أعمال القتل الممنهج بواسطة السيارات الفارهة والمظللة التابعة لرئاسة الجمهورية ويركب على متنها ذئاب بشرية يحملون كل أنواع الباجات خاصة الزرقاء منها التي تسمح لهم بالتجوال في المنطقة الخضراء وطريق المطار والدخول إلى جميع المناطق الممنوعة بأسلحتهم الكاتمة وترتبط معهم مجموعات من الجواسيس تم نشرهم في كل مناطق العراق لقتل الناس وإثارة الفتنة الطائفية وإيواء المتطرفين من الجنسيات المختلفة والسفلة من المتخصصين من كلاب القاعدة ، يتحركون بتخطيط وتوجيه مباشر من طارق الإجرام والذي يقبض ثمن ضحاياه من قطر والسعودية ومافيات دولية تريد إن تمزق وحدة الشعب العراقي بأي ثمن .
ولعل ما أظهرته وسائل الإعلام من اعترافات يعد قطرة في بحر الدماء التي سفكها الهاشمي ، فحتى هذه الساعة تم كشف الدلالة وبلغ توثيق أكثر من 115 جريمة سجلت بلاغاتها مسبقاً لدى الجهات الأمنية وتلتها اعترافات تفصيلية أمام هيئة من المحققين تكونت من 9 قضاة بينهم 4 من الأكراد وآخرون يمثلون كل فئات الشعب العراقي ، وهذه سابقة لم تحدث في القضاء العراقي عبر تاريخه ، وليس غريباً إزاء هول الجرائم وفظاعتها إن يشعر الشباب المغرر بهم المنتمون للفوج الرئاسي للهاشمي بالندم ، وأعرب العديد منهم عن استعدادهم المطلق لمواجهة المجرم طارق الهاشمي بكل هذه الحقائق وأمام كل العراقيين لتبرئة ذممهم أمام التاريخ وصرخ احدهم بأنه يعرف أن الإعدام سيكون مصيره لما ارتكبه من جرائم لكن ضميره يعذبه ولن يرتاح ولم يغمض له جفن إلى أن يرى الهاشمي الذي ورطه ودمر حياته وشتت عائلته وهو يحاكم أمام الشعب العراقي ويعلق بحبل المشنقة بتهمة الخيانة العظمى وإثارة الفتنة الطائفية .
وهنا لابد لنا وبعد ما استمعنا لتفصيلات واعترافات علينا إن ننبه على مسالة خطيرة وهي انحراف البعض من كبار المسؤولين واستخدام مناصبهم وامتيازاتهم وتوظيفها في عمليات إجرامية كما فعلها الهاشمي وربما هنالك غيره مازالوا يفعلون ذلك ونحتاج لجهود استثنائية لكشفهم وفضحهم أمام الرأي العام لنؤكد إن دماء العراقيين ليست رخيصة وان ثمن الخيانة كبير وعلينا أيضا إن نبحث عن الإرهابيين في كل زوايا أجهزة الدولة والمجتمع لأنهم يختبئون في كل مكان وهم كالعقارب يلدغون ويخفون رؤوسهم رغم أنهم يعيشون معنا بوجوه وملابس البشر ولكن بلا وازع وضمير .
نعم إن للقضاء العراقي الذي سيحل هذه القضية أسبقية رائعة في استقلال القضاء وله الحق في الامتناع عن عرض هذه الاعترافات انسجاماً مع الأعراف القضائية التي لا تسمح بذلك لسلامة مجريات التحقيق واحتراماً لكرامة المتهمين ولكن رغبة الشعب العارمة أرادت معرفة الحقيقة الكاملة لقطع الطريق على الذين يحاولون إن يخلطوا الأوراق ويزورون الحقائق ويحاولون إن يصوروا الأمور بأنها ليست بجرائم منظمة وإرهاب وإنما دعاوى كيدية لأسباب طائفية .
هكذا وجدنا المتهمين يدلون باعترافاتهم بحرية كاملة لأنهم وبصراحة تلقوا معاملة طيبة كانت نتائجها كبيرة بتعاونهم لكشف الحقيقة وهذا الأمر ما كان يحدث لو أن الجهات استخدمت التعذيب والقوة ، حيث وجدنا بان هؤلاء المتهمين كانوا يتناولون وجبات الغذاء كل يوم من ذات النوع الذي يتناوله القضاة أنفسهم من المكلفين بالتحقيق معهم .
وأخيرا نقول إن العراق سيرى النور مادام القضاء يتمتع بهذه الأخلاقية والاستقلالية العاليتين ومن يرى غير ذلك فليذهب إلى الجحيم أو إلى سجون آل سعود وال خليفة وال ثاني وملك البحرين ليرى ما يحدث هناك وقبل ذلك ليتذكر المحاكمات الصورية والهزلية للنظام ألصدامي الدكتاتوري المقبور .
https://telegram.me/buratha