حسن الهاشمي
نهجان لا ثالث لهما نهج الإصلاح والأفكار الهادفة التي تأخذ بأيدينا سبل الرشاد وطريق كالح لا يحمل سوى الأفكار الهدامة التي تهوي بنا إلى قعر الإسفاف والسقوط والهاوية، نهج الإسلام المحمدي الأصيل ونهج النفاق الأموي المنحرف، نهج الهداية والنبل والاستقامة ونهج الضلالة والغواية والإرتكاس، وأخيرا وليس آخرا نهج الحسين بن علي عليهما السلام ريحانة الرسول وبضعة البتول وسيد شباب أهل الجنة ونهج يزيد بن معاوية ابن آكلة الأكباد وسليل الشجرة الملعونة في القرآن الكريم.لا يزال النهجان يتصارعان في حلبة الصراع الدنيوى، ولا يكون الفلج والنصر والغلبة إلا لنهج الإيمان والتقى والإصلاح، حيث إن الأرض قائمة على العدل والإنصاف أما الغواية والضلالة فإنها العدم بذاته ولا وجود للظلام عندما يحل الضوء ولا وجود للعتمة في زمن اللمعة ولا وجود للكفر والعصيان في عهد الإشراق والإيمان، وكما قيل في محله إن للحق دولة وللباطل جولة، فإن الباقيات الصالحات تمكث في الأرض وما الباطل إلا هراء وزبد سرعان ما يضمحل بعد ارتطامه بالواقع المرير حين تدمغه أمواج البحر وتفتته صخور الأجراف.منذ نعومة أظفاري وأنا أقارن بين أناس طيبين لا يصدر منهم سوى المحبة والألفة وحسن الطلعة وطيب المعاشرة وحنو المخالطة تتمنى لو تلازمهم وتتلوى من ألم فراقهم، وفي المقابل أواجه نماذج كالحة متقطبة الوجوه متجهمة المحايا يفوح منهم رائحة كريهة تحمل بين طياتها الكره والحسد والوقيعة بين الإخوان والأنانية والاستعلاء على الآخرين والتمادي على الحقوق والحريات، ألعن ذلك اليوم الذي تعرفت عليهم وأتميز غيظا وحقدا على الدهر الخئون الذي حتم علي معاشرتهم ومخالطتهم بحكم التواجد معي في المحلة أو المدرسة أو مكان العمل أو حتى مصادفتهم في الطرقات والأماكن العامة.ونحن في معترك الحياة الاجتماعية والسياسية نواجه المنهجان معا، والحاذق من يميز بينهما من باب أعرف الحق تعرف أهله وأعرف الباطل تعرف أهله لتنتمي للأول وتتجنب الثاني، إذا ما أردت أن تعيش حرا كريما كما علمنا الإمام الحسين عليه السلام، أما إذا أردت أن تعيش إمعة مسلوب الإرادة والاختيار فما عليك إلا أن تنتهج نهج الطغاة المتغطرسين لكي تحصل على فتات من لقمة ذل ولكن على حساب حريتك وكرامتك وشخصيتك وطموحك وكبريائك، وما بلغ الإمام الحسين عليه السلام ما بلغ من علو الشأن والرفعة فإنما يرجع إلى القيم والأخلاق السامقة التي كان يمارسها ويدعو الإنسانية قاطبة إليها، وكلها تصب في مصلحة الإنسان وكرامته وسؤدده وشرفه ورفعته، بينما الطغاة ديدنهم إذلال الشعوب وقهرها وسحق كرامتها ونهب ثرواتها من أجل شخص الطاغي ومن يدور في حلقاته الضيقة، وهذا ما ابتلينا به نحن الشعوب الإسلامية من أنظمة مستبدة تحتكر المال والجاه والكرامة في شخص واحد أو عائلة واحدة أو حزب واحد، وباقي الناس عليهم أن يكونوا براغي في ماكنة وطاحونة الديكتاتور متى ما سافت يتم استبدالها بإمعات آخرين وما أكثرهم في زمن العهر السياسي الذي نعيشه في وقتنا الحاضر!!.ولا تزال معطيات النهج الحسيني تستنهض فينا الهمم لإقامة حكومة العدل الحسيني على أنقاض الحكومات المستبدة التي أنزلت في ساحاتنا الويل والثبور ويمكن تلخيصها بالنقاط التالية:1- العيش الكريم في دولة المؤسسات التي تخدم حقوق الإنسان المشروعة.2- الفصل بين السلطات الرئيسية الثلاث واستقلالية القضاء بما يضمن إجراء العدالة على الجميع دون استثناء.3- رفض النعرات الطائفية والقومية والحزبية والعمل على خدمة البشرية على أساس المواطنة والعمل الصالح.4- إنصاف الطبقات المحرومة في المجتمع وتوفير سبل العيش الكريم لها.5- إنشاء المؤسسات التربوية التي تعنى بتثقيف الفرد ثقافة معنوية تكرس في وجوده معاني الإباء والكرامة والإخاء والمحبة وتدحض كل ما من شأنه أن يثير الفتن والصراعات والحقد والكراهية.واللبيب الذي ليس بحاجة إلى مزيد تفكر وتأمل هو الذي يفرزن الأمور ويرجعها إلى أصولها ومضانها ومنابتها، فمنبت الطيب والصباحة والتعايش والإباء هو سيرة الإمام الحسين عليه السلام قبل وأثناء وبعد واقعة الطف الخالدة، ومترع الخبث واللئم والظلام والتباغض هو ما ترعرع عليه يزيد عليه اللعنة يستمد من خصال لئيمة ليس بأقلها المكر والخداع والفساد والإفساد، فأين النهج اليزيدي من النهج الحسيني ؟! وأين الثرى من الثريا وأين الحصى من نجوم السما؟!.
https://telegram.me/buratha