اصدارات المجمع العلمي للدراسات والثقافة الاسلامية في النجف الاشرف
عزيزي القارئ اليك اصول الحرية في العقيدة الاسلامية في حلقات من اعداد الشيخ حيدر الربيعاي / مدير مركز البحوث والدراسات الانسانية في النجف الاشرف ومن تاليف الدكتور الشيخ عباس الانصاري ومن اصدارات المجمع العلمي للدراسات والثقافة الاسلامية في النجف الاشرف
الخاصيّة الثّالثة: الضابطُ في الحرّيّة الإِسلاميّة:إِنَّ لمفهوم الحرّيّة الإِسلاميّة ضوابط عديدة، يجب على كلِّ إِنسان ملتزم بتعاليم الإسلام أن يلتزم بها، وعندئذ له الحق في أَنْ يتمتّع بها كحقٍّ شرعيٍّ ثبت له في المجتمع الإِسلاميّ، وإِلاّ إِنقلبت الى فوضى، أو عبودية لغير المعبود الحق (جلَّ وعلا)، ويمكن أن نلخصها بعدةِ نقاط مهمة، وهي:الأولى: الهداية والإِهتداء الى الحق والصواب: وهذا إِنّما يحصل مِنْ خلال الإِختيار الصحيح، والحرّيّة التي بيّنها الله سبحانه وتعالى، والإِبتعاد عن طرق الضلال.وبالنتيجة يحصل القرب من الحق المتعال (جلَّ وعلا شأنه)، فعن مولانا الإِمام جعفر الصادق (عليه السلام)، إِنَّه قال: «لاجبر ولا تفويض بل أَمر بين الأمرين» .الثّانية: طاعة الله (عزَّوجلَّ) ورسوله المصطفى وأهل بيته المعصومين (صلوات الله عليهم أجمعين): ويتأتى هذا الأمر بتطبيق أحكام الشريعة الإِلهيّة بكل قوانينها، وكافة أحكامها، ومايتعلق بها مِنْ مسائل إِعتقاديّة، وأحكام عمليّة وعلميّة .قال تعالى: (يا أيّها الّذين آمونا أَطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم).الثالثة: التحرك في جميع الأفعال والتصرفات نحو الحريّة: فعلى الأنسان الحرّ أن يبذل قصارى جهد في السعي والتحرك في جميع أفعاله مِنْ أجلِ الحصول على الحريّة، والتمتع بها; وذلك بصورة جديّة، وفي ضمن حدود القانون الإلهي، مع عدم إِهمال القوانين الوضعيّة المتفرعة عن الأحكام التكليفيّة.مضافاً الى ذلك يجب على كُلِّ فرد مؤمن أَنْ يراعي حقوق الآخرين في حركته ضمن المسار الصحيح الذي يوصله الى هدفه المنشود في الحرّيّة، طبقاً لتعاليم الشريعة الحقّة، وليس لأَحد أَنْ يفعل مايشاء على حساب الأَفراد الآخرين; لأنّه حرٌّ في أفعاله فيما لايزاحم الآخرين، أو يعترض طريقهم، الى الحرّيّة، فالمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض.قال تعالى: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) .وعليه فالمعروف هو مراعاة حقوق الآخرين مِنَ المؤمنين حسب الضوابط الشرعيّة، والمنكر عدم مراعاتها .
الجهة الثانية: مراحل الحرّيّة الحقّة:مِنْ خلالِ النصوصِ القرآنيةِ المباركة، والروايات الشريفة التي أوردناها في صدر البحث وثناياه; وبعد الرجوع الى ما قرره الاعلام في هذا المجال يمكن أن نستفيد ثلاث مراحل للحرّيّة الإِسلاميّة، وهي بمثابته المراتب التي عن طريقها تتكامل الحرية بمفهومها الشرعي المتكامل; والذي يسمو بالإِنسان الى الكمال.
المرحلة الأولى: مرحلة الخلوص من العبودية لغير الله (جلَّ وعلا):وهي أَنْ يكون الإِنسانَ عبداً للهِ عزَّوجلّ، وهذا هو معنى الاخلاص في العبودية الحقيقية لله تعالى ـ كما مرّ ـ فيقال فلان حرّ أي غير مملوك لأحد.
المرحلة الثانية: مرحلة الرضا والاختيار:وهي المرحلة التي يكون فيها الانسان راضياً بالحقِّ متبعاً له مختاراً في أفعاله المطابقة له، فيقال فلان حرّ في تصرفاته، أي غير مكره فيها.
المرحلة الثالثة: مرحلة تخلص النفس من الأوهام والخرافات:بمعنى أنْ لايكونَ الانسانَ متبعاً لما توحي إِليهِ نفسهُ مِنَ الأَوهام المخالفة لاختياره وحرّيته الحقيقية، بحيث تجبره شهواته النفسيّة وأهوائه عليها، كما يقال: فلان متحرر مِنَ الأَوهام، أيّ تخلص منها، فهو حرٌّ.
https://telegram.me/buratha