المقالات

العراقيون حسينيون بالفطرة

1320 11:35:00 2012-01-13

حميد الموسوي

هذه التظاهرة العفوية المليونية التي لم تحل بينها وبين ارض كربلاء كل اساليب البطش والتنكيل ، بل زادتها تجذرا ورسوخا واتساعا واستطالة . اربعينية الحسين التي وصل عدد المشاركين فيها العام الماضي اكثر من ثمانية ملايين على اقل الاحصاءات .. هل سمعتم اورايتم بتظاهرة وصلت اعدادها نصف اوربع هذا العدد حتى في الصين المليارية اوالهند المليارية ؟. هل تدخلت الدولة في تحشيد هذا العدد ؟. هل تشاجر شخصان في هذا الزحام المذهل ؟. هل شكى احد جوعا اوعطشا ؟. هل حدث اقتحام لدائرة او سرقة محال .. هل وهل .. ما سر هذا اللغز المحير ..اي شغف هذا الذي ربط العراقيين بالحسين ؟.بين العراقيين وبين الحسين علاقة ابعد من روابط الدم والدين والعرق .. اشمل من بطون التاريخ وحدود الجغرافية .. عشق لايرقى اليه هيام الوالهين .. تعلق الروح بالجسد .. ذوبان ذرات الملح في ماء عذب .شغف يرضعونه مع اول قطرة من حليب صدور امهاتهم مصحوبا باصواتهن الشجية التي لايفارقها نعي الحسين ورثاء زينب وكل شهداء كربلاء.

قد يختلف العراقيون في الكثير من الاشياء، وحتى لو اختلفوا في كل الاشياء الا انهم لا يختلفون في الحسين، فما ان يطل عاشوراء حتى ترى الحسين يجمعهم في مجالس العزاء من شرق العراق الى غربه ومن شماله الى جنوبه في منابر الجمعة وحول نار قدور "الهريسة". في احاديثهم اليومية وصحفهم في اذاعاتهم وتلفزيوناتهم.وما ان تقترب اربعينيته حتى ترى قوافل النازحين كالسيل المتدفق يتوزع على شكل انهار وروافد تلتقي في كربلاء مكونة بحيرة بشرية عظيمة عند ضريحه الطاهر.العجيب في هذه التظاهرة المليونية العفوية انها تضم الصغار والكبار، النساء والرجال، الفقراء والاغنياء، البسطاء والعلماء.والجميل في هذه التظاهرة انها تجمع المتدينين والعلمانيين، الراديكاليين والليبراليين.واللافت في هذه التظاهرة ان اكراد وتركمان العراق يسبقون المواكب العربية وان مواكب سنة البصرة وسنة واسط في طليعة الرايات، وان سنة بغداد نصبوا سرادقات الخدمة التي تستضيف الزوار على طول الطريق، وان صابئة سوق الشيوخ يحثون الخطى ليلتحقوا بصابئة بغداد لتشكيل موكب مميز.وان مسيحيي الكرادة شذرات نفيسة زينت مواكبها فكل موكب تشرف بضمهم وسط جموعه ليباهي المواكب الاخرى.والاعجب فيها انها منزهة عن غرض او مطمع، لم تكن ارضاء لاحد، ولا خوفاً ولا استحياءً من احد، ولا تنفيذ لامر سلْطة، ولا رغبة في هباتها، ولا دعما لحزب او حركة.انها اشادة بموقف... واجلال لمبدئية... وتخليد وتكريس لقضية مشرفة... وتقديس لرمز رسالي موحد تحدى طغات العصور مبشرا بالحرية لجميع بني البشر.انها عشق نقي طاهر توضأ بسلسبيل الحب والخير والحرية والجمال.فالحسين قضية انسانية قبل ان يكون قضية اسلامية والحسين هوية عراقية قبل ان يكون قومية عربية قاتل معه نصارى العراق والّف فيه احفادهم الملاحم. وذاب في عشقه صابئة العراق وشبكييه وايزيدييه وتعرضوا للاضطهاد والتنكيل من اجله.عرفه العراقيون قبل الطائفية والطوائف ورفعوه فوقها، وصكوا به وجوه دعاة التفرقة والتشرذم والتعنصر والتطرف. ومراسيم احياء شعائره عراقية سومرية بابلية اصيلة.ولان طغى عليها الطابع الشيعي فلان الشيعة مسكونون بحزن سرمدي..موجوعون بظلامة متوارثة..من هالك لمالك..من وثن الى وثن ،تربطهم باهل بيت النبوة وشيجة وتشدهم آصرة ،فقد عايشوا مظلوميتهم من اغماظة عين جدهم العظيم ( ص) وساروا بها تحملوا جزءا من اوزارها راضين مطمئنين . اين سجل غينز من هذا الرقم الذي حطم الارقام وتجاوز المقاييس ؟. لاشك انه يركع خجلا على تراب الاقدام المليونية ..مجددا ركوعه بذهول واندهاش كل عام .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو غدیر الا سدی
2012-01-14
سلام علیکم طبتم.. لیس العراقین حسینیون بالفطرة فحسب وانما کل انسان یولد علی الفطرة وابواه الذان یهودانه او ینصرانه .. ای انه یولد حسینی الفطرة . ولما کان الائمة -ع- کلهم نور واحد بل کلهم اسم واحد کلهم محمد اولهم محمد اوسطهم محمد واخرهم محمد بل کلهم حسین بالولادة ومن ذلک قول الامام الصادق -ع- نحن فطرة الله التی فطر الناس علیها لاتبدیل لخلق الله . وکما تفضلت یاعزیزنا السید الموسوی " ان علاقتنا بالحسین -ع- ابعد من روابط الدم والدین والعرق " اعظم الله لک الاجر والثواب وحشرنا وایاک مع صاحب الذکری .
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك