بقلم : عراقيـــة
بلد الحضارات الذي نور العالم باجمعه بما انتجته عقول وايادي ابنائه منذ اكثر خمسة الالاف سنة ووضع الاسس والقواعدالاولى للحياة المدنية للبشرية ,البلد الذي صنع العقول والرؤوس والايادي العاملة المبدعة وبايد الحثالات من البشر تقطع فيه الرؤوس اليوم وتستحل فيه الحرمات . وبقي العراق يرفد العرب والمسلمين بالشخصيات والكفائات العلمية عبر التاريخ الى ان تسلطت عصابات البعث على البلد وفرضت بالحديد والنار الفكر الواحد للحزب الواحد ومحاربة ما عداه واعتباره عدو للوطن وخيانة عظمى فبدا بتصفية العقول المفكرة والمبدعة كي لا تتعارض افكارهم المتنورة مع افكار البعث المجرم المحدود الضيق الافق القمعي الاستبدادي, وحتى لا يمجد من اصحاب الافكار سوى الفكر البعثي ولا يكرم سواه . هكذا تم نخر البلد فكريا من داخله بابعاد الاعلام والكفائات عن الساحة السياسية والاجتماعية ليوضع الشعب في دائرة فكر البعث الواحد ذات الاهداف التي لم يتحقق منها شئ الى يوم سقوطه . وهكذا عمل الارهاب الفكري يمارس بالعراق وليعيش الشعب بدائرة من التخلف الاجتماعي والسياسي البعيد عن كل القيم والمبادئ التي تربى عليها المجتمع العراقي سابقا. بدأ ت الطاقات العلمية والكفائات تتسرب الى خارج الوطن شيئا فشيئا لتنجو بنفسها بعد القمع الذي مارسه النظام ضد كل من يخرج من دائرة البعث بافكاره واعماله وبعد التصفية الجسدية للكثير من العلماء الاعلام منهم . وازدادت هجرة العراقيين بعد الانتفاضة الشعبانية المباركة بشكل كبير ومن ضمنهم اعداد هائلة من الكفائات كالاطباء والمهندسين واساتذت جامعات وخبراء اتصالات ورجال اعمال وغيرهم من الكفائات التي احتضنتها الدول الغربية بعد ان رأت قدرتهم على الابداع كل في مجال تخصصه وبدورها وفرت لهم كل ما يمكنهم من استمرارية الابداع وزيادته بتوفيير الحياة الحرة الكريمة لهم ولعوائلهم وضمنت لهم كافة حقوقهم , هكذا عاش المبدع العراقي مكرم في بلاد الغرب اضافة الى نشوء جيل جديد من الشباب العراقي المتفوق على اقرانه من الجنسيات الاخرى واحتل العديد منهم المقاعد الدراسية في اعرق واشهر جامعات العالم . فمثلا يشكل الاطباء الاختصاص في بريطانيا نسبة كبيرة من مجموعهم العام حتى ان احد مدراء المستشفيات صرح كيف تعمل مستشفيات بريطانيا في حال عودة الاطباء العراقيين الى بلدهم هذا سيسبب ارباك في عمل القطاع الصحي في بريطانيا . ورغم ان امور المهاجريين واعمالهم مستقرة الا اننا يحز في نفوسنا ان يكون هذا الابداع والعمل لبلد غير بلدنا الحبيب . وبعد سقوط الصنم حاول الكثير منهم العودة للوطن للمشاركة في بنائه واعماره بادخال الطرق الحديثة المعتمدة عالميا لوضع الاسس السليمة للاعمار ولكن اصطدموا هؤلاء بجملة من المعوقات الروتينية في استحصال الموافقات وسلم دفع الرشوات وانواع الفساد الاداري الذي عطل اعمال البناء الى يومنا هذا. وهكذا انعكس عمل الاحزاب او التيارات على الدوائر وكل حسب انتماء وزيره الى اي حزب , فلا يمكن ان تمر معاملة الا ان تكون بتاييد من مسؤول الحزب او التيار وهكذا الوظائف ومن يتعين بها , فهدفهم ليس البناء بقدر تكوين قاعدة شعبية لذلك الحزب بمثل هذه الطرق . اضافة الى التهديد لهؤلاء العائدين او التصفية الجسدية للبعض منهم ليكونوا عبرة لكل من تسول له نفسة بالعودة من اجل اعمار بلده ومن هنا يتوضح بان هناك ايادي استخباراتية خبيثة تعمل وتترصدهم داخل المدن ووتهدد من تراه جاد في عمله او الشريف والمستقيم والذي يعمل بنزاهه لخدمة ابناء بلده . هذه الايادي التي تريد ان تبقي الوضع على ما هو عليه من اجل تحقيق مأربهم في التهريب والسرقة ونشر الفساد المالي والاداري, نفس الايادي التي هجرتهم بالامس تهدد حياتهم اليوم . فالكثير من الاطباء الذين عادوا للعراق بعد السقوط لم يستمروا في العمل هناك نتيجة التهديد بالتصفية الجسدية او نتيجة تسلط اصحاب العقول الجامدة على رئاسة مراكز حساسة في الدولة او للفساد الاداري المستشري , ومن اجل استمرار الارهاب البعثي السلفي ليوصلوا الناس الى نتيجة مفادها الترحم على ايام صدام والتمني له بالعودة مع كل عملية ارهابية خسيسة , وفعلا نسمع الكثير الذي يردد مثل هذه العبارة من الذين عاشوا الخوف من الارهاب , وهكذا تساوى خوف الارهابيين مع خوف ضعاف النفوس او من الذين تاثروا بالدعايات البعثية بشكل جزئي .لذا يجب ان نلوم محافظين ومجالس المحافظات الجنوبية التي من المفترض ان ترحب بالطاقات التي تعود لتعمر مدنهم وتسهل الامور لهم بدل وضع العراقيل التي تحدد من امكانية عملهم او باجبارهم على الانتماء للاحزاب التابعة لهم . فلو انهم تداركوا هذا كله منذ ثلاث سنوات لاصبح اعمار الجنوب في مراحل متقدمة واستغلال الشباب العاطل عن العمل في عملية الاعمار بدل تسكعهم وانخراطهم بمجموعات ممكن ان تؤدي بهم الى لانحراف وخاصة ان الشباب في تلك المدن مستهدف اما بالقتل او بجره الى ميدان الجريمة او المخدرات نتيجة تغلغل الايادي البعثية التي تحاول ان تثير الفتن فيما بينهم . كما ان من مسؤولية الدولة ان تشجع المهاجرين بالعودة وعدم التفريط بهم من اجل المساهمة في الاعمار وان تكون مسؤولة على امنهم وامن عوائلهم .
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha