المقالات

عهد الأخوة: مقترح الفرصة الأخيرة للعراق قبل الطوفان

1625 22:12:00 2006-10-25

( بقلم : د. حامد العطية )

ما يحدث في العراق اليوم أشبه بالطوفان، طوفان دم لا طوفان ماء، وقد عانى العراقيون من مقدماته، قتلاً وتشريداً وخوفاً وجوعاً، وكل يوم يمر تزداد نذره، ولقد جرب القادة الدينيون والسياسيون وسائل عدة لدرأ توسع الفتنة الطائفية، بدءً بالحكومة الوطنية ومروراً باجتماعات المصالحة وانتهاءً بالفتاوى المشتركة، وعلى الرغم من هذه الجهود الخيرة فإن وتيرة العنف وحجم معاناة العراقيين في تصاعد مستمر، وفي الوقت ذاته لم تنجح الخطط الأمنية المتعاقبة في كسر الدائرة المغلقة للعنف والحد من تفاقمه، وحتى الأطراف الأجنبية المعنية بالشأن العراقي باتت أقرب إلى التشاؤم منها إلى التفاؤل في تقديرها لاحتمال وقف الانحدار نحو هاوية الاقتتال الطائفي والإثني الواسع.

يرى البعض أن الحرب الأهلية واقعة بالفعل، بدليل الاقتتال الطائفي، الذي يخلف يومياً عشرات الضحايا من القتلى والجرحى، ويعزز هذا الاعتقاد التهجير الطائفي والنزوح المليوني للأسر العراقية إلى بعض الدول المجاورة.

من الواضح بأن تأزم الوضع في العراق عند نقطة الذروة، وإذا لم تحدث انفراجات حقيقية فإن طوفان حرب أهلية محتم، وكل ما يقال خلاف ذلك ذر رماد في العيون من قبل جهات وأطراف تخشى على مواقعها ومراكز قوتها من ديناميكيات التغيير المصاحبة والناتجة عن الحرب الأهلية.

العراقيون وحدهم قادرون على إشعال آتون حرب أهلية، وهم وحدهم أيضاً قادرون على منع وقوعها، فهل تبقيت فسحة من الأمل وفضلة من الوقت قبل الطوفان؟ مادام هنالك عراقيون يرفضون الاعتراف بوجود حرب أهلية وآخرون يعملون على اطفاء جذوتها فالأمل باق بأننا لم نصل بعد نقطة اللاعودة.

إذا كان الآت هو طوفان دموي لحرب أهلية فالمطلوب هو سفينة نجاة، وقد أمر الله نبيه نوح عليه السلام ببناء السفينة عندما تقرر إهلاك البشر المفسدين، ولم ينجو من ذلك الطوفان سوى الصالحون، والقيم السامية للإسلام والأديان الأخرى للعراقيين هي بمثابة سفينة النجاة لمن يؤمن بها ويمارسها، وتدعو هذه القيم إلى التواد والتراحم والعفو والمغفرة، وينسج مفعولها روابط قوية بين المسلمين وغيرهم من أفراد المجتمع، ويهيء القواعد المتينة لتعايشهم وتعاونهم في سبيل تحقيق أهدافهم المشتركة في صلاح ورفاهية مجتمعاتهم، و يضع الوسائل الناجعة لحل الخلافات والنزاعات التي قد تنشأ بينهم، ولنا في الرسول الأعظم أسوة حسنة عندما آخى بين المهاجرين والأنصار، فلم لا يستفيد العراقيون من هذه التجربة الفذة في إعادة اللحمة إلى مجتمعهم المهدد بالتفكك والتقاتل؟

المطلوب هذه المرة مبادرة من الناس العاديين، وليس القادة أو النخبة، لا تشكيكاً في حسن نواياهم، ولكن ضماناً لتنفيذ المقترح، فالمعنيون بالتآخي وضرورة نجاحه هم المواطنون الذين يدفعون يومياً ثمن الصراع دماً واحزاناً، ومادام العراقيون لا يكلون ولا يملون، وحتى أوقات اشتداد الأزمة الداخلية، من ترداد القول بأنهم، شيعة وسنة، عرباً وأكراداً، مسلمون ومسيحيون وغيرهم، أخوان متوادون ومتعاونون، فالمطلوب منهم بالذات تقديم البرهان على ذلك، ودحض كل دعوات التفرقة والتقاتل، ومادام الخلاف- إن وجد بين العراقيين- لا يفسد للأخوة بينهم قضية فلم لا يعلنوا ويمارسوا هذه الأخوة علناً وجهاراً، ولو كان بينهم خلاف فليحكموا فيه الأخوة أولاً وآخراً، وأقترح اتباع النهج التالي في تطبيق برنامج الأخوة بين العراقيين:

· مبادرة العراقيين إلى إبرام عهود أخوة بينهم، والهدف الرئيس للبرنامج هو انضمام كافة العراقيين لبرنامج عهد الأخوة من خلال مشاركتهم في أكبر عدد ممكن من العهود.

· يشترط في كل عهد أخوة مشاركة طرفين على الأقل ينتميان لطائفتين أو قوميتين مختلفتين، مثل عهد أخوة بين شيعي وسني أو مسلم ومسيحي أو مسلم وصابئي أوعربي وكردي.

· يتعهد طرفا الأخوة بما يلي:

- أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه.

- أن يدفع عنه العدوان والظلم.

- أن يقدم له النصيحة الخالصة.

- أن يتواصل معه.

ويجوز لأي من الطرفين فسخ العهد في حالة عدم إلتزام الطرف الثاني به.

· في البدء يمكن إبرام عهود الأخوة بين الأطراف التالية:

- العوائل والأفراد من سكان الحي الواحد.

- الموظفون والعاملون في نفس المؤسسة الحكومية أو الشركة الخاصة.

- طلاب الجامعات والكليات والمدارس الثانوية.

- أعضاء النقابات المهنية والعمالية.

- أعضاء الجمعيات.

- رؤوساء وأفراد العشائر ذات الأصل الواحد، مثلاً الجبور من الشيعة والسنة.

- رؤوساء وأفراد العشائر المختلفة.

- رجال الدين.

- القادة السياسيون.

لتعم بعد ذلك كافة فئات الشعب العراقي.

· يركز بوجه خاص على توقيع عهود أخوة بين الأمهات العراقيات، نظراً لما للأمهات من من مكانة إجتماعية ودور هام في نشر قيم المحبة والتآخي وحرص على سلامة وأمن أباءهن وأبناءهن وأخوانهن وأزواجهن.

· الإعلان عن عهود الأخوة بكافة الوسائل الممكنة من وسائل إعلام وصفحات الإنترنت ونشرات الجامعات والمدارس وأبواب المساجد والحسينيات والكنائس والمعابد.

· تشكيل لجان شعبية في كافة المحافظات والمدن والقرى مهمتها رعاية ومتابعة برنامج الأخوة وتسجيل عهود الأخوة بين العراقيين، تنبثق منها لجنة مركزية.

· تضع اللجنة المركزية المشرفة على البرنامج خطة لأنشطتها، وتتولى تنفيذها وإعداد الإحصائيات والتقارير بالنتائج المتحققة، كما تمنح بصورة دورية المكافآت التشجيعية للملتزمين بالبرنامج وأهدافه.

لعل البعض سيصف هذا البرنامج بأنه مجرد حلم يقظة، ولكن ما البديل عن الحلم عندما يكون الواقع أسوء من كابوس مرعب؟ وهل من المعقول الاستسلام وقطع الأمل من عودة الأمن والاستقرار للعراق؟ وهل سيعجز العراقيون عن إثبات إنسانيتهم من خلال جعل هذا الحلم حقيقة واقعة؟ قبل أن نلعن الطالحين الذين أوصلونا إلى جرف الهاوية علينا واجب إثبات صلاحنا، بالقول والفعل معاً، وذلك بأخذ زمام المبادرة بأيدينا، فلنبرهن للجميع بأننا أخوة من خلال وضع أسمائنا وتواقيعنا على عهود الأخوة.

الهدف كبير والبرنامج ضخم ويتطلب تعاون جميع العراقيين المخلصين، وأتمنى من أخواني القراء نشر هذا المقترح عبر كافة الوسائل المتاحة لهم وإيصاله إلى أكبر عدد من المواطنيين والطلب إلى الجهات المختلفة تبنيه، وأن يبدأوا بأنفسهم بتوقيع عهود الأخوة ويذيعوا خبرها بين الناس، والمطلوب مليون عهد أخوة على الأقل خلال شهرين، لنثبت للجميع في الداخل والخارج بأننا بالفعل أخوة متعاهدون على التعاون والتكاتف ونبذ العنف، ومن بعدها سيتحقق التآخي بين كل العراقيين وينحسر مد الحرب الأهلية بعون الله.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
الدكتور يوسف السعيدي
2006-10-26
بارك الله فيك اخي د. حامد العطيه اللهم الهم الجميع ايمانا بهذا العهد وتطبيقه..
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك