ملتقى براثا الفكري - الغيبة كيف بدأت ولماذا ومتى تنتهي وكيف ؟
* من يطالع الروايات التي تتعلق بالاوضاع الفكرية والاجتماعية لعشية الظهور الشريف سيلاحظ التدني الفكري والعقائدي الكبير الذي يضرب في داخل الساحة الاجتماعية ، حينما يقال بان الكاذب سوف يُصدّق والصادق سوف يُكذّب وان الناطق سيكون من تافهي الناس انما يشير الى تدني كبير في المستوى الفكري بالشكل الذي يطغى الجُهّال على العلماء ، لذلك لا نستغرب إن ما تحدث المعصوم ص عن كثرة الادعياء من مدعي المهدوية والدجالين وتصديق الناس لهؤلاء ، في الرواية التي يُقال للامام ص ارجع يا بن فاطمة لا حاجة لنا بك ، من الواضح جداً ان من يخاطب الامام ص بهذه الطريقة لا يمكن الا ان يكون مغرق في جهل مركب لانه يعتبر بامكانه ان يقوم مقام الامام ص.
* لذلك الحديث عمّا يبدو واضح لاصحاب الفكر في كثير من القضايا يجب الرجوع اليه لانه ليس بالواضح للكثيرين الذين غادروا الساحة الفكرية والعقائدية الى ساحة الجهل والتجهيل ، والعودة الى الحديث عن الغَيبة والتنصيص على الاساسيات التي نتعامل بها مع الغيبة كبداية ونهاية ضروري ، لان الذي يدعي انه هو الامام المهدي ص يُفترض انه يدعي انتهاء الغيبة وحلول الظهور كون كثير من الدجالين يتحدثون عن ان الظهور تم وانهم يأخذون اوامرهم مباشرة من الامام ص ، لذلك يجب العودة الى ما نعتبره اساسي ومفروغ عنه لان الساحة تحتاج الى التركيز على هذه القضايا لاسيما وان الساحة الاجتماعية فيها من مخزون العواطف سواء الغاضبة او الموالية والمحبة ما يكفي لكي ينجرف باي اتجاه يثري هذه العاطفة.
* اليوم الساحة تعيش متناقضات متعددة وغليان وقد ينتج هذا الغليان قيادات مكروهة جداً وقد تشخص بالسفياني من قبل بعض الناس وقد تنتج ابطالاً وقد يتحول البطل الى مقدس ، والسؤال كيف يمكن التعامل مع شخصيات نعرف بانها سوف تدعي المهدوية او سوف يُدّعى لها بالمهدوية وبالتالي فان ذلك مرض كبير في داخل واقعنا الاجتماعي ، والمنتظرون معنيون اشد العناية بايجاد مصدات لعدم غش هذا الوعي والائتمان على عقائد الناس.
* هنا يُلحظ في مميزات القضية المهدوية ان الامام ص له غيبة طويلة جداً ، لذلك مقتضى القاعدة ان لا نصدق اي شخص يدعي المهدوية كون الامام ص عاش في تلك الفترة البعيدة وعليه فانه لا يعرف بانه ابن فلان من المعاصرين وانما يُعرف باصوله التاريخية والتي تمتد الى سنوات ما قبل الغيبة ، وعلى مدعي المهدوية تعريف الناس بحصيلة هذه الفترة التاريخية ، اضافة الى ان الامام ص مرر الشيعة بغيبة صغرى كان يظهر تارة ويغيب اكبر وكانت المراسلات بينه وبين الاصحاب تتم عبر نظام الوكالة للسفراء الاربعة وبعدهم لايوجد اي سفير ، لذلك مدعي المهدوية ستكذبه قصة الفترة الزمنية الطويلة.
* الرجوع الى فلسفة الغيبة ومناشئ الظهور من اين تبدأ وكيف تنتهي الغيبة وكيف كانت بدايتها يؤدي الى ارضية عقائدية ثابتة ، وعند القول بان الامام ص غاب في القرن الثالث الهجري واستمرت غيبته الصغرى ٦٩ سنة ولغاية الان في القرن الخامس عشر الهجري، نحتاج الى شخص يربط بين هذه المدة الزمنية ، في هذه الفترة وضحت الروايات علامات بتسلسل معين تُنهي الغيبة مع توضيح بان الظهور لايكون بشكل سري وانما يكون بشكل علني مذهل جداً لكل البشرية بالصيحة الجبرائيلية السماوية وهي ضابطة واضحة وصريحة باعلان الظهور من جهة ليست بشرية ، والغريب بعد هذه الحادثة هناك من يقاتل ضد الامام ص ويعلل الامام الصادق ص ذلك الى عمليات التزييف للوعي والتي تنطلق من الصيحة الثانية (الابليسية) حتى يقال بان الصيحة الاولى هي من سحر الشيعة وهناك من يصدق ذلك ويقاتل الامام ص وهناك من يقول له ارجع يا بن فاطمة ، لذلك يمكن التأمل بحجم التضليل والجهل الموجود في ذلك الوقت وقياسه على اليماني والخراساني والسفياني وكيف سيتم التعامل مع هذه الشخصيات.
* لاشك بان المنتظرين لن يُغشوا لكن الكلام عن ايتام آل محمد ص الموجودين في الوضع الاجتماعي ، من ينقذهم غير المعرفة والارتباط الاجتماعي الذي يبقي الانسان على سويته ووقاره ، وللاسف يمكن الاشارة الى اشارتين مؤلمتين اولهما اعلامنا المحسوب على القضية الدينية اصبح اعلام سياسي لايبالي بالقضية الدينية الا بقدر ما يستفيده السياسيون ، والثانية آلية الاعلام التي اعدها اهل البيت ص لعقيدتهم وناسهم (المنبر الحسيني) بدأ يطغى عليه الحديث اللا ديني واللا عقائدي والانشغال بمشاغل المجتمع وسياساته بينما يفترض التركيز على بناء نفوس الناس لكون الخلل ناشئ من اقبال الناس على الدنيا وبعدهم عن المبادئ ، لذلك الامساك بالمعايير التي تؤدي بنا الى عدم فقدان البوصلة والضياع خلف اصحاب الشعارات من دون الاعمال هو الاصل الذي يجب تركيزه وبثه وسط الناس.
https://telegram.me/buratha