حينما ترون الفتنة قد اكلت بعض الناس وهاج بها وماج البعض فلا تأسوا عليهم ولا تبتئسوا، فإن النار لا تأكل الزرع الاخضر وانما تأكل الزرع الذي تيابس من الفتنة السابقة او كاد ولكنه لم يعتن ببصيرته ولم يهتم باعادة النضارة لقلبه فجاءت الفتنة الحالية لتأكله وليغدوا هشيما تذروه الرياح.
ان الفتن بطبيعتها تعمل على حجب عيون البصيرة وتعميها، والسعيد من عمل على ان يكون فطناً ومشغولاً بالنظر الى إمام زمانه صلوات الله عليه ومن يمثله بالحق دون بقية الناس اذ لا يأتي منه ضلالا ولا يوردك في ضلال، بل هو الذي جعله الله لنا عصمة وملاذا. اما غيره ممن نصب نفسه اميرا للناس وزعيما لهم فانه وامثاله معروضون لأنياب الفتن ومخالبها والحكمة تقتضي دوماً ان لا ترجو مفتوناً سُحِر بنفسه تقحّم بالناس لا يعرف أيّاً من أيّ سيان لديه الحق والباطل والصالح والطالح او تقحّموا به فيما لا يعلم مستقر ما يذهب اليه ومنتهاه، فهؤلاء اقرب الى نار الفتن وربما هم موقدوها وسيخذلوك او يكادون لتحترق بهذه النار لتكون حصاداً لمآربهم او سلما لما يصبون اليه.
ما ضركم لو رأيت الناس تموج بما تفتتن به ووقفت صابرا او متصبرا دون ان تدخل معهم وتموج معهم فالصبح حتماً سينجلي عن النور الفاضحة لحقيقة الفتانين، فتحملوا ما يجري دون ان تخوضوا قريبا من نيران الفتن فان من حام حول الحمى وقع فيه، ومن اقترب من لظاها لاحه شواظها وضع كلام الله نصب عينيك: لا يضركم من ضل اذا اهتديتم؟
وتذكر دوماً ان الفتن التي يُخشى منها لا تأتي من المحترقين، وإنما في الغالب تأتي ممن كنت تحسبه انه دقيق الدين حتى ليكاد يشق الشعرة بشعرتين، فإن القلوب ان نُسيت من عاصم الدين وصائنه نست الله فانساها ذكره فتمادت فنسيت نفسها، فتاهت فنسيها الله تعالى. فيقودهم الى حيث يستدرجهم فيتيهون في عالم الخيلاء وهم يظنون انهم يحسنون صنعا فيملي لهم كيدا بانفسهم فيحسبون انه يستجيب لهم ولكن الله خير الماكرين يستدرجهم ليفضحهم على رؤوس الاشهاد ويبتلي المؤمن بهم ايصدق ايمانه ام يتيه مع التائهين: ولا يحسبن الذين كفروا انما نملي لهم خير لانفسهم انما نملي لهم ليزدادوا اثما ولهم عذاب مهين، والمهين هو الذي يفتضح على رؤوس الاشهاد!!
نجانا الله واياكم من مضلات الفتن ورزقنا الله واياكم لطفا من عنده ومناراً نهتدي به فالليلة الظلماء لا يفتقد فيها الا البدر فهو الذي ينفع الناس والبقية مجرد زبد لا يزيدونكم الا خبالاً.
https://telegram.me/buratha