كتب ولاء الصفاربينما كنت اعد المادة المعرفية لكتابة هذا المقال حاولت ولأكثر من مرة أن أهدئ النبرة الانفعالية واخفف من هيجان نفسي التي فقدت السيطرة عليها منذ أن سمعت بخبر الإجازة الصيفية لأعضاء البرلمان العراقي والتي مدتها شهران وفي الحقيقة أن هذا الخبر لم يثير مشاعري فقط، بل أثار مشاعر العديد من العراقيين من أبناء هذا البلد الذين يدفعون ضريبة انتخابهم لهؤلاء الأعضاء انهارا من الدماء واطنانا من الدموع وما يعقبها من آهات الثكالى وأنين الأيتام التي لم ينكأ جرحها ولم تهدئ لوعتها بعد، وكأني بها تستصرخ النواب ليقابلوها بجلسات حوارية وجهود مكثفة وطموحات نبيلة تهدف إلى نصرتهم وترفع مظلوميتهم وتعوض ما فاتهم من ظلم وحيف.لكن وللأسف الشديد قوبلت بمشاحنات طائفية ومهاترات سياسية وسفرات مكوكية وإجازات صيفية وربيعية، نعم إني لا اتهم جميع أعضاء البرلمان وذلك لوجود عناصر كفوءة تحمل روح الوطنية والولاء لهذا البلد.ولكن اتسائل هل أن حياة الغربة وملذات الخارج قد أذابت تلك الروحية للبعض الآخر من إخواننا البرلمانيين، أم أن ماء الفرات ورز العنبر ونفحة الجنوب وعذوبة الشمال وهدوء الوسط أصبح لا طعم له مقابل الدولارات الأمريكية، أم أن نعومة كرسي البرلمان وتحقيق مصالحهم الشخصية وأهدافهم المستقبلية حجب عنهم النظر إلى الوراء والالتفات إلى من أجلسهم على تلك الكراسي، وأوصلهم إلى تلك المراتب. أسئلة تتحرى عن أجوبة شافية فهل من مجيب؟!!
******
وكتب محسن الجابري
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أخي العزيز ولاء الصفار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مع اقراري بحقيقة الألم الذي يتوقد في قلوبنا نتيجة كل المآسي التي تحصل، وكيف لا ونحن نعاني من مسبباتها يومياً.
ولكن لماذا تصوير الألم وكأن سببه مجلس النواب وأعضائه رغم اقراري إن بعضاً من هؤلاء أساؤوا بشكل شديد لكل من انتخبهم؟
ولماذا تصوير الأمور وكانها دائما قبض اموال ومصالح شخصية وما إلى ذلك؟
لا أريد الدفاع عنهم لا والله.
ولكني اريد ان اصوّر الجانب الحقيقي في مثل هذه القضية.
حينما يكون هدف اعداء العملية السياسية هو اسقاطها.. ترى كيف سيتصرفون؟
وإلى أي هدف سيتجهون لتصويرها بانها فارغة من المضمون طالما أن الانقلاب العسكري بات شبه المستحيل، وطالما ان المفخخات لم تأت بنتيجة وعبوات الغدر وأحزمة الحقد وهاونات الغل وصواريخ الشنآن وكواتم ومعلنات أسلحة القلوب السوداء لم تعد على أصحابها ما يرجون؟
ترى كيف سيستمرون بهذا العمل وهم لاحظوا الاحتضان الجماهيري للعملية السياسية بحيث جعلها تتحدى الموت من أجل أن تمضي بالانتخابات؟
هل سيجعلون هذه العملية تمضي بسلاسة؟
هؤلاء المتفنون بالتسكع على أبواب وجيوب العواصم العربية هل سيتركون هذه العادة؟
اعتقد ان الجميع سيتفق انهم سيستمرون ولا يتوقفون.
إذن لابد من استهداف هذه العملية من خلال استهداف رموزها.
وطالما إن الحكومة المنتخبة رغم كل القصور والتقصير الذي نلاحظه في عملها ورغم كل ملاحظاتنا عليها، وبعيداً عن صحة هذه الملاحظات وخطئها فإنها أثبتت أنها قادرة على المواصلة رغم الظروف القاسية التي لا يمكن ان تتحملها اية حكومة وهذه ميزة لا يمكن انكارها ابدا.
ورغم انهم يحاولون بكل ما اوتوا من قوة لتشويه الموقف الحكومي من خلال حربهم ضد الخدمات فالحكومة ان أصلحت مولدة كهربائية اطاحوا بأبراج نقل الطاقة وإن عمرت جسرا حاولوا تفجير آخر، وإن افتتحت محطة بنزين احرقوا صهاريج النقل وإن ضاعفوا قدرة محطات المياه قصفوها بالصواريخ والهاونات .. وهكذا من أجل ان يملّ الناس من كل شيء وبالنتيجة تفقد الحكومة مصداقيتها في وضع بلد مقيّد بالاجراءات المعقدة والفساد المستشري والاحتلال وما إلى ذلك من أمور لا تخفى ايضا على أحد.
ومنذ أن دخلت شلة الأنس إلى البرلمان حتى باتت مؤامرة استهداف البرلمان خياراً استراتيجيا بالنسبة لهؤلاء وقد اتجهوا بالاتجاهين معاً.
الأول: تصوير الأمور وكأن البرلمان هو الجهة الأولى في البلد الذي يستطيع ان يحل مشاكل العراق، وهذا ما دأبوا على الترويج له في كل حديث ولا اتذكر يوماً من الأيام التي استمعت فيها إلى أحاديث الفنان محمود المشهداني إلا ووجدته يركز على هذه النقطة ومابين فرحة البعض الساذحة بهذه الكلمات كان يمرر ما يراد في هذا المجال، فالبرلمان حينما تصوّر له مهمة لا علاقة له بها تبدو القضية في نظر المراقب فشلاً ذريعاً في عمله، فلئن حصلت مشكلة في الهونك كونغ وإن تصارع ديك رومي في تايلند مع عنزة عجفاء من ارتيريا، وإن اعترض أحد على أداءات الفيتكونغ الفيتنامي فإن البرلمان يجب ان يضع الحلول الناجعة والفورية لذلك... والحال يا أحبتنا غير ذلك بالمرة.. فالبرلمان قوة تشريعية ورقابية ليس إلا، فهو لا يمتلك ولا يحق له أن يمارس أي دور تنفيذي أو قضائي.. ويوم أن خرجنا إلى الانتخابات كنا نعرف ذلك او كان يجب علينا ان نعرف ذلك... هو ينتخب الحكومة لتمارس الدور التنفيذي.. أما هو فله ان يذكر ويراقب وينتقد وما إلى ذلك ولكنه لا يمتلك حق التدخل.
وكونه قوة تشريعية يعني ان واجبه هو تشريع القوانين والنظر فيها... وفي الواقع لا يرغب أناسنا ان يقبلوا بهذه الحقيقة فالمطلوب دوما من مجلس النواب ان يلعب دور السوبرمان التنفيذي ومطلوب منه أن ينصب نفسه قاضيا على اعلى السلطة القضائية يحكم على عدنان الدليمي وعبد الناصر الجنابي وغيرهم من المتهمين بالارهاب فوراً ويزجهم في السجن بل ويعدمهم... رغم إننا حينما ذهبنا إلى صناديق الاقتراع عرفنا في الدستور إن السلطات الثلاثة منفصلة أي القضاء لا يتدخل في السلطة التشريعية وهذه لا تتدخل في السلطة التنفيذية والكل لا يتدخل في الكل، ورغم إن مبدأ الفصل بين السلطات الثلاثة ربما يطرح في الكثير من دساتير المنطقة لكنني ومن خلال مراقبتي اكاد اجزم إن الدولة الوحيدة التي تطبقه في المنطقة ما خلا الجمهورية الإسلامية والدول الآوربية هو العراق الجديد.
الثاني: تسفيه البرلمان وتشويه صورته.
وهنا نجد الملف كبيراً جدا يمتد من حملة الاكاذيب على البرلمان واعضائه ولا ينتهي عند المهازل التي يصطنعها المشهداني ونظرائه حتى عادت جلسات البرلمان فرجة مسلية لأولادنا، وما بين ألم الكثير من أعضاء البرلمان المخلصين نجد إن المواظبين على جلسات المجلس في قلوبهم أكثر من غصة، فهم يقعون بين فكي الحضور المضطر والجلوس في مقهى المشهداني غير اللائق لهم، وبالنتيجة أدى ذلك إلى انحسار كبير في الحركة التشريعية قياساً إلى وفرتها في الجمعية الوطنية السابقة.
ولا اعتقد إن هنا ما يخفى.
وبالعودة إلى أسئلة الأخ ولاء حفظه الله اقول: كل البرلمانات تعطل ولها في أنظمتها الداخلية نظام الفصول التشريعية، وفي الدستور الذي صوّتنا له اعطى الشعب الحق للبرلمان في ان يكون له عطلتان تشريعيتان مثله مثل الغالبية العظمى من برلمانات العالم رغم ان بعضها قد يزيد في عطلته على العطلة المفروضة للبرلمان العراقي وهي شهران في الفصل التشريعي الأول واثنان في الفصل التشريعي الثاني.
والكلام هل إن العطلة بالنسبة لبعض أعضاء البرلمان هي عطلة بما للكلمة من معنى؟ بحيث يجوبون مع الدولارات الأمريكية بلدان العالم كما يريد أن يقول الأخ ولاء؟!
انا أحد الصحفيين الذين يترددون على البرلمان باستمرار وقيّض لي ان ارى البرلمان في العطل، وعلى الرغم من ان قاعة البرلمان فارغة، إلا إن الحقيقة إن لجانه مملوءة، وما يتم التحدث عنه من سفرات في غالبية الأحيان هي سفرات عمل اكثر منها سفرات ترفيه، فورش العمل التي تنظم من قبل الأمم المتحدة وغيرها من المؤسسات التي عملت مع البرلمان العراقي غالبيتها يتم في الخارج.
لهذا ليس بدعا عليهم ان يأخذوا عطلة لهم، ولكن من حقنا ان نطالبهم بان يختصروا الزمن إن كانت ثمة حاجة لتشريع قانون ضروري كما حصل واختصروا هذا الزمن أثناء مناقشة الميزانية رغم انهم اجلوا عطلتهم شهرين كاملين واختصروا العكلة من شهرين إلى شهر واحد.
هدفي من كل ذلك ان نرى كل الصورة ففي البيت مؤامرة دنيئة تنفذ ضد العملية السياسية محورها البرلمان الذي حوله اخوة صابرين إلى منصة للتحدث عن شرفها، ولكن هذه المنصة كانت من الجانب الآخر تفضح وتكشف الصورة الحقيقية لهؤلاء بينما الخط الوطني يكافح وسط الصواريخ التي باتت يومية والتي تستهدف البرلمان ومكاتب الحكومة في المنطقة الخضراء.
ليس دفاعا أقولها ولكن حينما نريد ان نرى القدح علينا ان ننظر إلى جانبه الملئ أيضا لا سيما في هذا الزمن الذي تتآمر فيه صابرين بشرفها وابو تبارك بعفته والدليمي بوطنيته والمشهداني بعصابيته.
محسن الجابري
وكالة أنباء براثا
https://telegram.me/buratha