الصفحة الإسلامية

اشارات السيد مصطفى الخميني قدس سره عن القرآن الكريم من سورة البقرة (ح 11)


الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في کتاب مستند تحرير الوسيلة اللسيد مصطفى الخميني: التكسب بالاعيان النجسة: له فيها من الغلط، لرجوعه إلى أن البطلان ناشئ من فقد المقتضي. والحرمة لو كانت من جهة التشريع، فهي ليست مستندهم، لانهم حرموا المعاملات الدارجة العقلائية التي فيها المنافع المحللة المقصودة كما ترى في المتن واتفاقهم في الرأي لا يناسب كون مستندهم الفهم من الموارد الاخر، بعد ما نعلم من أنهم ليسوا أهل هذا النحو من الاجتهاد المشابه للقياس. فيتعين اطلاعهم من أساتيذهم على الرأي الحجة وقول المعصومين عليهم السلام وبذلك يتم عموم المدعى بعد عموم دعواهم، فتدبر، وربما يشكل ذلك، لاستنادهم بالنبوي وغيره، فتأمل. قوله: بالاعيان النجسة. لا خصوصية لهذا العنوان، ولا يوجد في الكتب منه أثر إلا في تحف العقول فلو كانت التجارة بها محرمة فهي لكونها من الاعيان المحرمة، باعتبار الاكل والشرب والانتفاع، كما يعرب عنه بعض فقرات الرواية المذكورة. ولا يتم الاستشهاد بالنبوي إلا بمثل ذلك بجميع أنواعها بالبيع والشراء، وجعلها ثمنا في البيع، وأجرة في الاجارة، وعوضا، لا يخلو عمومه من إشكال، لكن لا يترك الاحتياط مع أن القائل بطهارة الخمر لا يقول بصحة بيعه وجوازه، لا للنصوص الخاصة، بل لتلك العمومات. وهكذا الدم الطاهر، فإنه لكونه محرما في الكتاب "إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ ۖ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" (البقرة 173) على الاطلاق يمنع عن جواز بيعه، وصحته بناء على الاخذ بالنبوي، وهكذا يحرم التكسب بالجلال المحرم والموطوء، فتدبر. قوله: بجميع أنواعها. من البول، والغائط، والمني، والدم، والميتة، والخمر، والكلب، والمتنجس الذي لا يقبل التطهير، فإنه يصير منها أيضا، وغيرها كالخنزير، والفقاع، والاعراق المذكورة في محلها، وقد عرفت مافى هذا العموم، كما أشار إليه الاستاذ الوالد مد ظله في التعليقة. وقد يقال: بأن الحرمة المنتسبة إلى ذات الشئ لا تشمل إلا ما هو المحرم بجميع منافعه، أو ما يصحح هذه النسبة، فلا تشمل مثل الابوال والعذرات والاعراق، مما لاوجه محرم لها إلا الاكل الذي هو متروك طبعا، ولاجل ذلك لا يقال: العذرة والبول من المحرمات، بخلاف الخمر والخنزير. ولا تشمل مثل الدم أيضا وإن ورد في الكتاب حرمته "إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ ۖ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" (البقرة 173)، لانه مخصوص بمحرمية الاكل، فإثبات الحرمة المطلقة بالنبوي يتوقف على ثبوت الحرمة للشئ على وجه الاطلاق واقعا، أو ادعاء. فلو كانت منافع العذرة والبول من التسميد والصبغ محرمة، فيشملها النبوي، لانها المنافع المرغوب فيها التي بها تصح دعوى حرمتها بذاتها، وعليه لا يثبت عموم المدعى به على فرض صحة سنده.

 

عن کتاب الصوم للسيد مصطفى الخميني: غاية ما يدل عليه أن الصوم في السفر في شهر رمضان، غير جائز، وأما استفادة سقوط الزمان لوقوع الفعل الاخر فيه في الحضر، فغير واضحة جدا. وأما قوله عليه السلام على ما في الرواية: ولنا أن نفعل ما نشاء، وهذا فرض، فليس لنا أن نفعل إلا ما امرنا فهو لا يخلو من شبهة: وهي أن الظاهر منه أن اختيار التطوعات بيدهم عليهم السلام دون الفرائض. اللهم إلا أن يقال: بأن المقصود أن الصوم المندوب في السفر رخصة لكل أحد، والصوم الرمضاني محرم وفرض، ولعله إشارة إلى الاستدلال الاتي، من أن قضية الكتاب هو أن المسافر يصوم في عدة أيام اخر، فليتدبر. فعلى هذا، تكون الرواية مشتملة على ما لا يكون تاما، وهذا من الموهنات لها، فيشكل الاعتماد عليها لو أمكن اعتبارها ذاتا. وربما يستدل أيضا للمدعى بقوله تعالى: "ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر" (البقرة 183). وهذا الايجاب يستلزم حرمة الصوم في شهر رمضان. وأنت خبير بما فيه، فإن ممنوعية الصوم الرمضاني مفاد الكتاب، وما هو المدعى هو الممنوعية المطلقة، فما عن مختلف العلامة من الاستدلال، لا يخلو من غرابة. ثم إن من الممكن دعوى: أن الواجب المضيق، لا يعقل مع إطلاق دليل الواجب الاخر عندما يكون منطبقا عليه، مثلا إذا وجب بأصل الشرع صوم يوم الجمعة، فلا يعقل بقاء الاطلاق لدليل وجوب صوم شهرين متتابعين بعنوان الكفارة مثلا، لانه يستلزم التكليف بما لا يطاق، ولا يمكن الجمع، فعليه يصير إطلاق دليل مشروعية الصوم في مطلق الازمنة، مقيدا بشهر رمضان، وهذا كاف لبطلان الصوم الاخر فيه. وبعبارة اخرى: لا نحتاج إلى إثبات الحكم الوضعي وهو قصور الزمان عن تحمل الصوم الاخر في الاعتبار إلى دليل، بل سقوط الامر بالنسبة إلى الصوم الاخر، كاف لبطلان سائر الصيام في شهر رمضان، نعم في السفر - حسب هذه الصناعة - يصح، إلا أن قضية المرسلة هي الممنوعية، فيثبت عموم المدعى بالنص والعقل. وربما يشكل النص، لاجل ظهوره في جواز صوم التطوع في السفر بلا نذر، وهو مورد الاعراض، فالاستناد إليه محل الخدشة، فيبقى حكم العقل، وهو يورث المنع بالنسبة إلى حال الحضر، لا السفر، كما هو المفتى به في المبسوط ويكون على وفق القاعدة.

 

وعن کتاب مستند تحرير الوسيلة اللسيد مصطفى الخميني: ان مراد القائلين عدم خصوصية للصوم في رمضان، وأنه في شهر رمضان لا يكون المأمور به إلا نفس الطبيعة الفارغة عن مطلق القيود، فما افيد خال عن التحصيل. والذي يظهر لي، واشير إليه آنفا، عدم إمكان تعلق الامر التأسيسي بالطبيعة المطلقة ثم الامر التأسيسي الاخر بها أو بالمقيدة، بل لابد من بل لو نوى غيره فيه جاهلا به أو ناسيا له صح ووقع من رمضان، التباين بينهما في مرحلة الجعل والتشريع، فصوم شهر رمضان بما أنه مضاف إلى الشهر مورد الامر، وهو قيد له يوجب تمييزه عن غيره، كالظهرية والعصرية. نعم، ربما لا يكون القيد - بحسب مرحلة الامتثال - واجب التحصيل إذا اقتضت القرينة ذلك، فالخصوصية لازمة جعلا، وغير لازمة أحيانا امتثالا، ومن القرينة الاجماع والشهرة، وعدم وقوع غيره فيه على الاطلاق، ووقوع غيره فيه، منه حال الجهل والنسيان، مع أن المكلف قصد الخلاف. ولو نوقش في ذلك كما سيمر عليك أحيانا لكان لنا استظهار كفاية ذلك من الكتاب، لقوله تعالى: "فمن شهد منكم الشهر فليصمه" (البقرة 185) فإن الشهر مفعول به، فلابد أن يكفي نفس الطبيعة في مرحلة الامتثال، ولو كانت مقيدة عقلا بحسب مرحلة الجعل والثبوت.

 

جاء في کتاب الصوم للسيد مصطفى الخميني: لا مانع من صحة صوم من كان معتقدا جواز الكذب على الله شرطا، وكان غافلا حين الصوم، بل ولو كان ملتفتا، ضرورة أنه قد أتى بالماهية قربة إلى الله، وترك ما هو المفطر، وإن كان معتقدا عدم مفطريته. فبالجملة: ربما يخطر بالبال أن يقال، إن المفطرات مختلفة: فما كان منها من المفطرات العرفية في الصيام العرفي قبل الاسلام، وكان قد طلع الاسلام والناس يصومون بصيام خاص سواء كانت من الشرائع السابقة، أو من الرسوم القومية، وهي كالاكل والشرب فهو داخل في ماهية الصوم عند الشرع قطعا، لانه قد نظر إليه وجعله موضوعا لاحكام تأسيسية. وما كان من المفطرات دخيلا شرعا كالقئ، والكذب على الانبياء مثلا، فهو خارج عن تلك الماهية. نعم، إذا كان قيدا أو شرطا فيضر قصد الخلاف، ولكن بناء عليه لا يعتبر قصده، ولا العلم به، بل يضاد العلم بالخلاف، ولكنه إذا ترك في اليوم اتفاقا فإنه قد أتى بالصوم الشرعي، وقد ترك ما هو عليه شرط. فتحصل: أن إلغاء المفطرات غير معقول، بل هي داخلة بنحو الاجمال في حقيقته. عدم اعتبار قصد الامساك عن المفطرات الشرعية وشرطية قصد الامساك عن المفطرات الشرعية غير تامة، بل لو قصد ما كان صوما حين طلوع الاسلام، وترك ما شرطه الشرع، صح صومه عندنا حسب القواعد العقلائية. وبهذا يعلم وجه إلغاء الزمان عن تعريفاتهم، كما يظهر شذوذ ما في التذكرة وسقوطه. وأيضا بذلك تنحل الشبهة المعروفة: من أن الصوم إذا كان هو الامساك إلى الغروب، فكيف يصح صوم من قصد قبل الفجر، الخروج قبل الزوال؟. ويترتب على هذا أن الاتمام في موارد التخلف بارتكاب المفطرات الشرعية، هو مقتضى إطلاق الاية الكريمة: "ثم أتموا الصيام إلى الليل" (البقرة 187). نعم، إذا أخل بما لا يبقى معه الصوم عرفا، فلا تشمله الاية الكريمة الشريفة هذا. وتوهم الفقيه الهمداني أن الصوم في ماهيته مقيد بالامساك عن المفطرات كلها، ومع ذلك يصح إذا كان قاصدا عدم الامساك من بعضها، مع الغفلة عن مضريته بالصوم، كما هو المتعارف عند العوام، في غير محله، للمناقضة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك