د.أمل الأسدي ||
✅مفتاح الإصرار والانتصار( أصحاب الهجرتين)': في مشهد تتجلی فيه نصرة الرسول لقضيتين مهمتين، أولها: رفع الظلم والتعنيف عن امرأة مسلمة وهي(أسماء بنت عميس) وثانيها: تثبيت حقوق أصحاب الهجرة الأولی بقيادة جعفر الطيار، في هذا المشهد دخل (عمر بن الخطاب) علی ابنته (حفصة) فقال حين رَأَى أَسْماءَ:" مَنْ هَذِهِ؟ قَالَتْ أَسْمَاءُ ابنة عُمَيْسٍ، قَالَ عُمَرُ: الْحَبَشِيَّةُ هَذِهِ؟ الْبَحْرِيَّةُ هَذِهِ؟ قَالَتْ أَسْمَاءُ نَعَمْ! قَالَ سَبَقْنَاكُمْ بِالْهِجْرَةِ فَنَحْنُ أَحَقُّ بِرَسُولِ اللَّهِ منْكُمْ، فَغَضِبَتْ وَقَالَتْ: كَلَّا وَاللَّهِ كُنْتُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ يُطْعِمُ جَائِعَكُمْ، وَيَعِظُ جَاهِلَكُمْ، وَكُنَّا فِي أَرْضِ- الْبُعَدَاءِ بالحبشةِ، وَذَلِكَ فِي اللَّهِ وَفِي رَسُولِ الله، وَايْمُ اللَّهِ لَا أَطْعَمُ طَعَامًا وَلَا أَشْرَبُ شَرَابًا حَتَّى أَذْكُرَ مَا قُلْتَ لِلنَّبِيِّ وأسأله، وو الله لَا أَكْذِبُ وَلَا أَزِيغُ وَلَا أَزِيدُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا جَاءَ النَّبِي قَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّ عُمَرَ قَالَ كذا وكذا"(٤) فقال لها رسول الله (صلی الله عليه وآله):
((لَيْسَ بِأَحَقَّ بِي مِنْكُمْ وَلَهُ وَلِأَصْحَابِهِ هِجْرَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَكُمْ أَنْتُمْ أَهْلَ السَّفِينَةِ هِجْرَتَانِ))(٥)
وهذا المشهد فيّاض بالمحفزات والقوة الخطابية، ولاسيما بالنسبة للمرأة، فهو دعوة إلی الإصرار والتوكل والإفصاح عن قضاينا متی ما كنا ندرك بأننا علی حق!!
فلا استسلام ولاقبول بضياع الحقوق، ولاسماح بتعنيفِ امرأةٍ في زمن وجود الثوابت الإلهية المتمثلة بالقرآن الكريم ورسول الله وأهل بيته، فلم تنته حدود الرواية أو حدود المشهد في لحظته الزمنية، فالرسول الذي يوحی إليه من الله تعالی، قد ضمن الله تعالی له استمرارية الدستور ونفاذ عمله في كل عصر ومصر؛ لذا يجب أن نؤمن بقاعدة وهي: كما كان الرسول(صلی الله عليه وآله) ناصرا وعونا للمظلومين في زمنه، فهو الناصر والمدد والعون للمظلومين في زمننا هذا.
✅ مفتاح الظفر والجزاء(ذو الجناحين):
دارت معارك التثبيت، تثبيت الرسالة الإسلامية وشيوعها، وكان ذلك بسواعد الخُلّص المؤمنين من المسلمين، وبقيادة الهواشم( أمة التأسيس الأولی) فمن بيوتهم انطلقت الرسالة، وبأرواحهم عبّدوا طريقها، فتجدهم درع الرسول وسيفه في كل محن التثبيت، في بدر وأحد والخندق وخيبر..الخ.
وفي غزوة"مؤتة" التي قامت بعد انتهاك الغساسنة للأعراف والأخلاق بقتلهم الرسول المبتعث من المسلمين وهو" الحارث بن عمرو بن الأسدي" إذ اعترض طريقه "شرحبيل الغساني"وغدر به وقتله، كان ذلك في عام( ٨هـ) فكان هذا الاعتداء بمثابة إعلان حرب من الدولة البيزنطية؛ لذا أرسل رسول الله جيشا بقيادة (جعفر بن أبي طالب) وحين دارت رحی الحرب، أبدی القائد الطالبي شجاعةً ليست بغريبة عن الهواشم، ولما اشتدت المعركة، أحاط به جنود العدو من كل مكان، فنزل عن فرسه وقاتل راجلا، فقُطعت يداه وارتقی شهيدا، مثخنا بالجراح وعمره حينها(٤١)عاما.(٦)
وحين وصل نبأ استشهاده الی الرسول الأعظم، دخل بيته وأجلس أولاده في حجره وأخذ يبكي بكاء شديدا، ثم قال:((علی مثل جعفر فلتبك البواكي))
واغتم الرسول في ذلك اليوم غما شديدا حتی هبط الأمين جبرئيل يبشره قائلا:(( إن اللَّه قد جعل لجعفر جناحين مضرجين بالدم يطير بهما مع الملائكة))(٧)
وهذه المكانة الرفيعة المترتبة علی العمل، فيها ما فيها من حثٍّ وتسليةٍ وحضورٍ للمدد الإلهي، فكل تضحية في سبيل الله ورسوله ونهجه إنما هي بعين الله، وإن الجزاء عليها من الله تعالی، وهذا قمة الإيجابية والسكينة.
للبحث تتمة
ـــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha