لقد طرحت الإنسانية قاطبة ( ديانات سماوية ووضعية ونظريات اقتصادية وفلسفية وسياسية واجتماعية.....) أفكارها ونظرياتها ، وجمعت كل الأدوات المادية والمعنوية من أجل تطبيق هذه الأفكار والنظريات من أجل بناء مجتمعاً سعيداً يعيش في أمن وأمان وسلام واحترام وتتفشى ما بينه العلاقات الإنسانية الطيبة والأخلاق الحميدة ، ولكن كل التجارب الإنسانية لم تنجح في بناء المجتمع المثالي السعيد ولم تقدم لنا مثالا يحتذى به او نموذجاً يمثل الحد الأدنى من أهداف وغايات الكم الهائل من الافكار والنظريات التي أخذت من تفكير البشرية لمئات من السنين كالمجاميع الدينية والفكرية و الرأسمالية والشيوعية وغيرها ، ومع هذا الانحطاط الأخلاقي وانتشار الحروب وتفشي الأوبئة والأزمات الاقتصادية المدمرة ، يقدم الإسلام المحمد الأصيل أرقى نموذج إنساني للعالم بل هو غاية وأهداف كل الديانات السماوية والوضعية والأفكار والنظريات الاقتصادية والفلسفية والسياسية ، نموذجاً تذوب به كل العناوين والحواجز واللغات والقوميات والألوان والمستويات الطبقية ويبقى عنوان واحد هو الإنسان بما يحمل من معنى عظيم وهو المؤانسة ، فتلاحظ الأخلاق النبيلة قد لبسها تمام اللباس كل من الزائر وخدام زوار الحسين عليه السلام ، فتلاحظ التواضع بما تحتوي هذه الكلمة من معنى ، فتلاحظ رئيس الجامعة او الوزير او التاجر او شيخ العشيرة او الفقير او... او ... يضع على رأسه الأواني المملوءة بالفاكهة لكي يتناولها زائر الامام الحسين عليه السلام ( الفقير والغني والوضيع والكريم والمثقف والجاهل وصاحب الدرجات العليا والكاسب وباقي فئات المجتمع ) بل لا تعرف من يكون الذي يغسل قدميك او يعمل لك المساج أو يخدمك على المائدة ، وتلاحظ الحِلِم قد توغل في قلوب الملايين ممن اشترك في زيارة سيد الاحرار عليه السلام فلا تسمع غير الكلام الطيب الذي يخرج من القلب فيتلقاه القلب ليجبه بكلام اجمل منه ، وتلاحظ التراحم والتعاطف وقضاء الحوائج وكل صفة طيبة تسهم في سعادة الآخرين كالسخاء والكرم والجود وتقبل الأخر وتلاحظ في هذا النموذج لا يحتاج الإنسان الى المال من أجل الحصول على لقمة العيش بل تأتيه لقمة العيش بما لذة وطاب من وجبات طعام تتفاخر الشعوب باعدادها بما تحتوي من حلو ولذة المذاق وطيب الرائحة الزكية وهو يستقبلها بالكيفية التي يحب ( من جلوس او قيام او مشي ) وتقدم له الفواكه والخضروات وكل ما منَّ الله سبحانه وتعالى به علينا و اما الشراب فيقدم الساخن والبارد ويحتوي مختلف الألوان والمذاق والجميع من شيوخ وأطفال ونساء ورجال وشباب وشابات يسيرون بخطى ثابتة نحو ضريح سيد الأحرار الامام الحسين عليه السلام فلا تلاحظ ما بينهم إلا الحب والاحترام فلا تسمع بالتخاصم او التشاجر بالرغم من عدم وجود اي قوى أمنية او شرطة داخلية ما بين هذه الجموع المليونية التي تتضمن مختلف اللغات والقوميات والألوان ، فمن خلال زيارة الأربعين استطاع الإسلام المحمدي الأصيل ان يقدم مجتمعاً نموذجياً لم تقدم الإنسانية قاطبة مثله بما تحتوي من ديانات وقوميات ومفكرين وحكماء وفلاسفة وسياسيين .... ، وهذا النموذج المثالي الذي نتج من أخلاق محمد وال محمد صلوات الله عليهم أجمعين وظهر الى العالم في هذه السنين المتأخرة نتيجة تهيئة بعض الظروف التي جعلت بعض الحرية للإسلام المحمدي الأصيل فكان هذا النتاج المتميز الذي تبحث عنه الإنسانية منذ أن خلقها الله سبحانه وتعالى ، فهذا المجتمع السعيد يثبت للإنسانية عامة والمسلمين بشكل خاص بأن إتباع ولاية أهل البيت عليهم السلام يؤدي الى هذه السعادة في الدنيا والجنان في الآخرة ، اي بمعنى أخر أن انقلاب السقيفة وإبعاد أمير المؤمنين عليه السلام عن الخلافة جعل المسلمين في ضنك العيش وتعاسة الحياة ، فإذا لم ينقضوا المسلمون بيعة الغدير ولم يشتركوا ويدعموا انقلاب السقيفة لكانوا يعيشون في هذا النموذج المثالي السعيد من ذلك اليوم ، ولكن بالرغم من الظروف العالمية القاسية التي يمر بها العالم كاملة يقدم الإسلام المحمدي الأصيل هذا النموذج المتكامل والسعيد وهو نموذج مصغر لدولة المنقذ الموعود الإمام الحجة بن الحسن روحي وأرواح العالمين لمقدمه الفداء.
خضير العواد
https://telegram.me/buratha