هذي دِمِاكَ على فمي تـَـتـَـكلمُ ***** مَاذَا يَقولُ الشعرُ إنْ نَطقَ الدمُ
يا سائرينَ إلى الطفوفِ تـَطهّروا *** وإذا وصلتـُمْ كربلاءَ فـَاحرمُوا
لو في يدي وَوضعـت كفي جيدها *****وحَملتُ عنها ما بـه تـَتـَألـّمُ
وإذا المطيُّ بـِكُم وَصلنَ مَزارَها **** فـَظهورهَنَّ على الرجالِ تـُحرَّمُ
طوفوا بـِكعْبَتهـــــا لَبُّوا وَاهْتفـُوا** هذا مقامُكَ مِــــنْ سَـــماها أعظمُ
فـَلأنْ سَريتَ مِنَ الحطيمِ فإنـَّما *****إنى نـَزلتُ هـِـنا الحطيمُ وزمزمُ
أأبا الهواشم لا عليك فإنما *********ذِقنا من الكأسِ الذي لكَ قدّموا
عجبا ولم أرقبلَ يومكَ في الورى**** *** دم يسيلُ على فمٍ يـتبسمُ
يحتفل احرار العالم كله هذه الليلة بحدث عظيم سجله الامام ابو عبد الله {ع} مع مجموعة من اهل بيته وانصاره في كربلاء, وحاول اعداءه التقليديون ان يمحوا اثار تلك النهضة الدينية الاسلامية, ولكنهم فشلوا فشلا ذريعا, بل العكس , توسعت ثورته وافكاره في ربوع الارض كلها , واصبح اسم الحسين{ع} نشيدا على لسان الثوار في كل جيل.
ايها أبا الأحرار أي كريمة //تبني الخلود، وليس منك لها أب //أنت الذي أعطيت ما أعيا الورى// تصديقه، ووهبت ما لا يوهب // ووقفت للتاريخ تشمخ هاتفا // سيان ان غلب موجه او تغلب // وقفت حيث أراح غيرك نفسه //والحق بينكما يهيب ويرغب // دوى بآذان الزمان هديرك الصافي/ / وضاءت من سناه الأحقب // وتركت للاجيال حين يلزها// عنت السرى ويضيق فيها المهرب // جثث الضحايا من بنيك تريهم // ان الحقوق بمثل ذلك تطلب // ..... اليوم اكتمل المشهد من الجانبين , لكل جانب اتباع يحيون ذكرى الموقف الحسيني الفريد ..انظر الى ادعياء الاسلام , الليلة ويوم غد يظهرون الفرح والسرور، يتبادلون التهاني والتبريكات {بحجة بداية العام الهجري الجديد} وتارة بادعائهم أن يوم عاشوراء يوماً مباركاً، حيث يروون أنه اليوم المناسب للشماتة بقتل الحسين(ع) . ولكنهم بدلا من اعلان فرحتهم كتبوا التالي: إن من أفضل شهر عند الله المحرم وافضل يوم يوم عاشوراء،{لأنه وقعت فيه حوادث فاصلة في التاريخ المؤمنين على مر التاريخ. منها :.. انه في هذا اليوم تابَ الله على سيدنا آدم(ع).
وقالوا: هو اليوم الذي أُهْبِطَ فيه سيدنا آدم إلى الأرض، ويوم توبة ادم(ع) ﴿فَتَلقَّى أدمُ من ربّهِ كلماتٍ فتابَ عَلَيْهِ). وكان الله ليس عنده مناسبة الا في هذا اليوم .. فقالوا: في يوم العاشر من المحرم نجى الله سفينةَ نوحٍ{ع} من الطوفان، ظل يدعوهم الى الإسلام تسعمائة وخمسين سنة وهم يكذبونه ويسبونه ويضربونه أحيانا حتى يُغشى عليه، ثم الله تعالى أوحى إليه قال له لا يؤمنُ أحد من قومك إلا الذين ءامنوا قبل الذين امنوا ثمانين شخصا ما بين رجال ونساء، فأمره الله سبحانه وتعالى أن يصنع سفينه ويركبها هو ومن آمن ويأخذ معه من كل زوجين . وارتفع الماء اغرق الكفار كلهم، ثم ظل نوح ومن معه في السفينة ستة اشهر . أخذتهم السفينة الى عرفات والى مزدلفة والى منى ثم الى الكعبة وطافت السفينة به سبعا ثم بين الصفا والمروة سبعا، أي الى الأماكن التي الحاج يدور إليها .
قالوا: وفي اليوم العاشر من محرم نجى الله فيه سيدنا موسى{ع} من الغرق، في لقاءه مع فرعون واتباعه ما لقي من الأذى، فخرج موسى ومن تبعه من بني إسرائيل ، فلحقه فرعون ومعه عبيده، فلما وصل الى البحر أوحى الله اليه أن يضرب بعصاه البحر فانفلق البحر اثني عشر فرقا بين كل فرقين طريق يبس فاجتاز موسى ومن كان معه من المؤمنين، ثم جاء فرعون بعُدده وعَدده، فأمر الله البحر أن يلتطم عليهم فالتطم عليهم فهلك هو وجنوده، ونجى موسى واصحابه من بني اسرائيل ,كان ذلك في يوم العاشر من محرم ومن معه من المؤمنين.
ويقولون : لما وجد النبي{ص}اليهود يصومون يوم العاشر من المحرم وعلم أنهم يصومون شكرًا لله على نجاه سيدنا موسى، قال: "نحن أولى بموسى منهم" وأمر بصيام ذلك اليوم محتسبًا أن يكفر الله لمن صام فيه يغفر لفه سنة ماضية بكل ما فيها من ذنوب ارتكبها!!.
ــــــــــ بعد هذه الجولة اعود الى اجواء زيارة عاشوراء .قال الشيخ الصدوق، في كتاب عيون أخبار الامام الرضا{ع} ج1، وفي كتاب الأمالي: ص192ـ. وذكرها الشيخ الطوسي، رواية عن سيف بن عميرة، قال: «خرجت مع صفوان الجمّال ـ ومعنا جماعة من أصحابنا إلى الغري بعدما خرج أبو عبد الله الصادق{ع} فسرنا من الحيرة إلى الغري، وزرنا قبر امير المؤمنين (ع) فلمّا فرغنا من الزيارة صرف صفوان وجهه إلى ناحية كربلاء الحسين {ع} فقال لنا: تزورون الحسين {ع} من هذا المكان عند رأس أمير المؤمنين{ع} من ها هنا وأومأ إليه أبو عبد الله الصادق{ع}وأنا معه، ثم دعا صفوان الجمال للزيارة التي رواها علقمة عن الباقر{ع} المخصوصة ليوم عاشوراء، ثم صلّى ركعتين عند رأس أمير المؤمنين{ع}ثم ودّع أمير المؤمنين، وأومأ إلى الحسين بالسلام منصرفاً وجهه نحوه وودّع. وكان فيما دعا وهو رافعا يده : يا الله يا الله يا الله، يا مجيب دعوة المضطرين. هذه صيغة زيارة عاشوراء في ضريح الامام امير المؤمنين{ع} بالنجف الاشرف. اما في كربلاء فتقرأ النص في أي مكان من كربلاء , ويفضل قريبا من المرقدين الطاهرين. او في الصحن الشريف. وتشرع بقراءة الزيارة .
*** اهمية قراءة زيارة عاشوراء بعقلية الانتماء الحقيقي لنصرة الحسين{ع}[نقرأ في زيارة عاشوراء حوالي ثمانية عشر دعاء) سأحاول في هذا المجلس المبارك ان اقف عند بعض الطلبات التي نتوسل بها الى الله ان يرزقنا فيها هي الدنيا والاخرة . مع ملاحظة ان جميع الطلبات في زيارة عاشوراء طلبات واعية وتحتاج الى عقيدة حسينية وهي ليست طلبات دنيوية ومادية , إنما كلها روحية ومعنوية. يقول احد الشعراء يصف سبب بكاءه وزيارته للحسين(ع)
دمعي اساَ يجري لأي مصيبة ... ونواظري تجري لأي رزية ... سالت عليك ادمعها لمحبة ... تبكيك عيني لا لأجل مثوبة .. لكنما عيني لأجلك باكية ... تبتل منكم كربلا بدم ... ولا تبتل مني بالدموع الجارية ... ومئات القصائد التي تبين الحب للقبر. وفي الادب العربي قصص كثيرة عن تعلق الأحياء بأحبائهم الموتى.. فيزورون قبورهم.
**ابرز المضامين في زيارة عاشوراء ،انها تتضمن ادعية كثيرة الى الله بالوجيه الحسين بن علي{ع}اشهرها (ثمانية عشر مقاما)، بعض هذا المقامات رائعة جِدًّا لدرجة أنه لا توجد في جميع الادبيات والادعية عند الشيعة وعند غيرهم سواء كتاب زيارة او كتاب ادعية عدى زيارة يوم العاشر. سأذكر بعضا منها واحاول شرحها وتوضيح اهدافها.
اولا: مقام طلب ثار الحسين (ع) تقول :ــ اَنْ يَرْزُقَني طَلَبَ ثارِكَ ــ هذا مقام رفيع لمن تلفظه وقلبه تابع لما يتلفظ . اضافة لطلب الثار بدم الحسين تطلب من الله ان يرزقك هذا المنصب العظيم الذي تغبطه الملائكة والشهداء ان تقول :{ فَأَسْأَلُ الله الَّذِي أَكْرَمَ مَقامَكَ وَأَكْرَمَنِي بك أَنْ يَرْزُقَنِي طَلَبَ ثارِكَ مَعَ إِمامٍ مَنْصُورٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ{صَ}.هذا مقام رفيع للغاية أن يسعى المؤمن الحسيني ان ينتقم لدم الحسين مع إمام العصر والزمان.{عج}.
** كما تعلمون وبحسب الأحاديث الشريفة أن من مهمات الإمام المهدي(ع) هو الأخذ بثار جده الحسين(ع) فمن أين يأخذ الثأر والقتلة قد ماتوا ؟عقيدتنا تبين أن الإمام الحجة (ع) يأتي إلى كربلاء ويزور قبر جده ويسخرج عبد الله الرضيع من القبر فهل سيعيد الحياة إليه أم أنها مراسيم عرض لمظلومية أهل البيت {ع} ؟ ..الجواب:
** الثأر نوعان ثأرٌ شخصي يقوم به ولي دم المقتول ظلماً وثأرٌ ديني وكلاهما من صلاحيات الإمام(ع) فهو ابن الإمام(ع) /والثأر الديني لانه هو الامام الحق المنصب من الله . ومن حقه الثأر الديني . فيكون ثأر الإمام الحسين(ع) هدفاً من اهداف الإمام المهدي(عج) لأنه تجمّعت فيه ظلامات الأنبياء والأئمة كلهم (ع) كما تجمعت في أعداء الحسين(ع) صفات الطغاة ويعتبر يزيد وأبوه امتدادا لطغيان قابيل وفرعون الى آخرهم .
قال الإمام الصادق(ع) في تفسير قوله تعالى { ولا تسرفوا في القتل }هذه الآية ما تخص مقتلة الحسين(ع) فلو قتل به أهل الأرض لما كان مسرفا .لان قتل الحسين كان بسبب باطل , فيقتل الامام المهدي(عج) كل من تمسك بالباطل, منذ زمن ادم الى يومنا هذا . الذين يأخذ منهم الإمام (ع) الثأر كل من شرك في قتله ومن رضي بعمل بني امية . كلهم شركاء .فهم على نفس الخط المعادي لأهل البيت (ع),ولخط الانبياء.!!.
عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه قال: سمعت حبيبي رسول الله يقول: من أحب قوماً حشر معهم، ومن أحب عمل قوم أشرك في عملهم عن أنس بن مالك قال: جاء رجل إلى رسول الله {ص}فقال: يا رسول الله متى الساعة؟ قال له: وما أعددت للساعة؟ قال: حب الله ورسوله، قال: فإنك مع من أحببت، قال أنس: فما فرحنا بعد الإسلام فرحا أشد من قول النبي {ص} : فإنك مع من أحببت ..
ثانيا : صدق الانتماء:.. تقول:" إِنِّي سِلْمٌ لِمَنْ سالَمَكُمْ وَحَرْبٌ لِمَنْ حارَبَكُمْ وَوَلِيُّ لِمَنْ وَالاكُمْ وَعَدُوٌ لِمَنْ عاداكُمْ". ما معنى السلم ..؟ السلم كلمة واضحة المعنى، تعبر عن ميل في أعماق كل إنسان. تقول العرب: أسلم أم حرب،(أي أنت مسالم أم محارب) والسلم يكون في حالات متعددة والحرب كذلك . فالسلم والحرب يكون بين مجتمعات متفرقة او خاصة مصالح دول الاقتصادية والحرب كذلك . ولكن في هذا الكلام تقول في زيارتك...
{ اني سلم لم سالمكم وحرب لمن حاربكم . قد يكون الحديث عن السلم أو الحرب على صعيد علاقة المجتمع بمجتمعات أخرى, او على مستوى افراد او قبائل , وهذا واضح التاثير على السلم الاجتماعي, غير ان زائر الحسين {ع} يختلف في كلامه بالسلم والحرب التقليدية. {لانه يسالم ويحارب لمن يسالم او يحارب اهل البيت "ع"} هذه غاية شريفة عظيمة لا ينالها الا ذو حظ عظيم .اي ان غايات الزائر مندكة تماما ومنصهرة بمواقف ال بيت(ع) (فهو لا يسالم لذاته ولا يحارب لذاته) ولا من اجل ارض ولا اقتصاد بل لجهة اقوى من كل شيء . انها الجهة التي تمثل العقيدة والدين .بهذا يظهر انتماءه لال محمد {ص} وهذا موقف يكلفه كثيرا.
** مثال لذلك: اذا اعتدى شخص على شخص وقتله, تقع العداوة والبلية على اهل القاتل والمقتول, ولا علاقة لباقي الناس بالموضوع. واذا تحاربت عشيرتان تكون الداوة والدم والثار بين العشيرتين فقط ولا علاقة لبقية العشائر بالقاتل والمقتول. ولكن لو قتل طاغية ظالم احد رجال الدين الذي يدين اغلب المجتمع بدينه, فتقع الظليمة على جميع المنظوين بتلك العقيدة , لانه رمز من رموز العقيدة ــ هناك امثلة في التاريخ الحديث عما قام طغاة العصر بقتل المراجع وعلماء الدين .. فكيف لو كان المقتول ابن سيد الانبياء والاوصياء, قسيم الجنة والنار..امه سيدة نساء العالمين . وهو سيد شباب اهل الجنة .. لذا ليس من العجب ان يبقى شيعة اهل البيت ينوحون ويبكون مدى الدهر على الحسين {ع} هذه الشعائر هي بالاصل {استنكار لما جرى للحسين واهل بيته في كربلاء}. تعبر عنها في زيارة عاشوراء , اني سلم لمن سالمكم وحرب لمن حاربكم .
مثال على السلم: السّلم خلاف العنف والحرب، ويُعرف بالسلم الااجتماعي وسيادة القانون. والسلم غاياته ان يعيش الناس بامن وسلام وطمانينه بعيدا عن القتال والحروب، سواء داخل البلد أو في العلاقات الخارجيّة.
قصة من التّاريخ: شهد التّاريخ أمثلةً كثيرةً حول السّلم: اليك منها : العالم المسيحي في زمن الاغريق يتكوّن من عدّة قوميات،كانت الدولة الرومانية في حالةٍ حرب دائمةٍ بعد سقوطها تمّ تأليف لجنة كنائسية حظرت على أيّ مدينة إعلان الحرب والعداء على المدن الأُخرى ونهبها،
هذا القرار من اللجنة الكنائسية كانت وسيلة لحفظ السّلام والهدوء بين الشعوب فامتدت فترة السّلام بعد سقوط روما امتدّت إلى مئتي عام حل السلم خلالها حدود الدّولة الرومانيّة.واصبحت الكنيسة الدّاعم للسّلام، وظهرت فترات تُسمّى {بهُدنة الله وسلام الله} حرّمت الكنيسة القتال في أيّام وأماكنَ مُعيّنةٍ. وبدأ السلم يمتد في اوربا بين القوميات.
**بينما الاسلام اعتبر السلم الاجتماعي من اولوياته حين وصل الرسول {ص} الى المدينة وأسس الدولة الاسلامية . قام ببناء المسجد اولا ثم بالمؤاخاة بين المهاجرين والانصار.وهي أول الأعمال التي قام بها بعد الهجرة,فتشريع المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار اساس السلم الاجتماعي حتى وصلت الحال ان العربي يخرج من بيته ويسافر الى اقصى البلاد ولا فكان المسلم سلم للاسلام وحرب لمن حارب الاسلام .
قصة ابن السكيت: (ابن السكيت من أكبر علماء اللغة وكان محبا لال محمد(ص) اشتغل معلماً لابني الخليفة العباسي المتوكل العباسي وكان في المتوكل ناصبيا لال محمد{ص} وهو يعلم بتشيع ابن السكيت قال يوما لابن السكيت: أيهّما أحبّ إليك. ولدايَ المؤيد والمعتزّ أم الحسن والحسين فقال ابن السكيت: والله إنّ نعل قنبر خادم علي (ع) خير منك ومن ولديك فقال المتوكل: سلّوا لسانه من قفاه، ففعلوا فمات من ساعته.
**في عام 1991 يقول رجل كبير السن من كربلاء يقول: "نقلتنا ثلاث سيارات الى مكان لا نعرف إلى أين يذهبون بنا؟!. عرفنا انها تتجه للصحراء خارج كربلاء..ثم حوّلوا مسارنا باتجاه طريق فرعي..وأنزلونا في أرض، تحيط بها التلال. ركلات الجنود، والضرب بأخمص البنادق، والشتائم القذرة..وجدنا أنفسنا وجها لوجه مع المجرم حسين كامل.فعلمنا انها النهاية, كنا نخشى النظر في وجهه, ونسمع منه اقبح الشتائم, وكنا نعيد التشهد في كل لحظة.. بعد سلسلة الشتائم لنا وللمذهب قال: {من منكم مع صدام حسين، ومن منكم مع الحسين ؟!.ارتعدنا لهذه المقارنة، عشرات البنادق مصوبة إلينا، سكتنا ولكن نهض شاب بعمر 16 سنة قال بصوت جريء أنا مع الحسين.فقال له المجرم حسين كامل: اذهب وقف هناك!.ثم اشار بيده فتقدم احد كلابهم وافرغ رصاصات ىالحقد على راس الغلام فسقط الشاب شهيدا مضرجا بدمائه، ثم عاد حسين كامل مرة ثانية وأعاد سؤاله{من منكم مع صدام حسين، ومن منكم مع الحسين؟} فنهض شاب آخر بعمر الأول وقال: بصوت عال انا مع الحسين. فقال له المجرم: اذهب وقف هناك بجانب تلك الجيفة!.ويعني به الشهيد, فذهب الشاب بخطوات ثابتة، وقبل أن يصل أطلق عليه النار، وسقط شهيدا مضرّجا بدمه. يقول الرجل: كان حسين كامل مرعوبا، لم يكرر السؤال؛ كيلا يتفاجأ بأن الجميع يكونوا مع الحسين.يقول : ثم انهال علينا بأفضع الشتائم في أعراضنا، وشرفنا، ونسائنا.. ثم قال يله وللو!.. أي اذهبوا!.فهربنا وسط الضريبات والركلات من الجنود , يقول الرجل ساخرا من نفسه: ذهبنا نحن جماعة صدام حسين إلى بيوتنا، وفي الليل في عالم الرؤيا رأيت الامام الحسين (ع) قادما، ومعه اصحابه على خيولهم , فتوقف الامام عند الشهيد الثاني قبله ووضعه على فرسه ,وقال لاصحابه الشهداء ة هذا الرجل يدفن معي في الضريح .ثم خطى باتجاه الشهيد الاول وقال احملوا اخاكم وادفنوه مع الشهداء في ضريحهم. فسأله أحد اصحابه لماذا يا سيدي والاثنان استشهدا في سبيل الله ومن اجلك .؟ فأجاب الإمام: نعم، الاثنان استشهدا في سبيل الله،ومن اجلي ولكن الثاني رأى الموت بعينيه، ثم قال: أنا مع الحسين.
** هذه الليلة لهم موقفين .عبادة واستزادة في التضرع لله ان يحشرهم مع ال محمد {ص} ولذا وصفوهم "لهم دوي كدوي النحل بين قائم وقاعد .ـــ وموقف اخر مسؤوليتهم الجهادية للدفاع عن ال البيت {ع}صورة من طقوس المجاهدين هذه الليلة:ترجم انصار الحسين الموقف الى مدرسة جديدة في الفداء ظاهرة سعيد بن عبد الله الحنفي ظاهرة فريدة في التضحية وتطبيق مبدأ سلم لمن سالمكم . انه جعل نفسه درعا يتلقى الموت من خلال سيل السهام التي وجهها القوم للإمام مستغلين انشغاله بالصلاة, (هنا وجد سعيد فرصة حاضرة التضحية) فدفع عن الإمام بنفسه ونحره.فصار يتلقى الموت على جرعات ـ سهام تنغرز ببدنه ـ فاعطى درسا للعالم كيف يكابر المجاهد ويختار الموتة التي يريد ان يعبر من خلالها عن ولاءه .. فكان حربا لمن حارب ال محمد{ص}كان الموت يزحف في جسمه بذعر وتوجس , فلم يقدر أن يتحمل أكثر , لما انتهى الامام من صلاته, سقط سعيد على الأرض. أراد أن يتأكد أن عمله مقبول ,التفت للإمام وقال : أوفيت يا ابن رسول الله ..؟ لم يلتفت إلى السهام والجراح ونزف الدماء . فبشره الحسين {ع} قائلا : ” نعم أنت أمامي في الجنة وابلغ رسول الله عني السلام , وقل له إني تركت حسينا في الأثر ” أي استخفاف بالموت في هذه الميته..؟ وآي فداء يحمله هؤلاء.. وهل هناك دروس أعظم من مدرسة الحسين(ع).هكذا رسم الحسين ثورة الفداء ..
عابس الشاكري يرمي سيفه ودرعه فيخاطبه اصحابه اجننت يا عابس. فيجيب {ان حب الحسين اجنني} كان صادقا تماما . تكلم بهذا وهو بين صليل السيوف ورمي الرماح . إلقاء الدرع والمغفر حالة من حالات “التبرع” والتنازل عنها حتى يطمع العدو “الجبان” في منازلته ..عابس اعطى صورة في الوقوع على الموت. هو وقع على الموت .
واضح التركي ظاهرة جديدة دخلت الدنيا من بوابة كربلاء حين سقط مضرجا بدمائه مع شدة الضرب والطعن . لما عاد اليه وعيه أحس بخد وضعت على خده.. افتخر وتبسم وقال من مثلي وابن رسول الله واضع خده على خدي.. ابحث في جميع سجلات الخالدين والعظماء وضع خطا تحت حالة تبسم وافتخر .. انه يقول للعالم ( ان حب الحسين جعلني الغي ذاتي ولا ارى ان اوافي الحسين الا بحياتي ودمي “.
ـــــ قريبا من فجر ليلة العاشر خرج الحسين يستطلع الاكمات والمرتفعات , فسمع صوتا خلفه , سأله من هذا .؟ قال انا هلال بن نافع الجملي .. قال من أخرجك..؟ قال : سيدي انا أخاف ان يغدر بك العدو .. قال : تريد حياتي , قال نعم .. قال له اذن انجو بنفسك اسلك بين هذين الجبلين , فوقع هلال على قدمي الإمام يقبلهما , وهو يقول :” سيدي سيفي بألف وفرسي بألف والله لا أتركك حتى يكلا عن جني ” فشكره .
لما رجع الى المخيم دخل خيمة العقيلة زينب فأثنت له الوسادة واجلسته سالته:«أخي هل اختبرت نيات أصحابك ,أخاف أن يسلموك عند الوثبة واصطكاك الأسنّة”. فقال الحسين(ع) اخيه بلوتهم لهثتهم فما وجدت فيهم إلّا الأشوس الأقعس، يستأنسون بالمنيّة دوني استئناس الطفل بمحالب امه سمع هلال فركض نحو حبيب يخبره بما سمع من العقيلة والحسين من كلام فجمعهم حبيب وجاء بهم الى خيمة العقيلة ونادى. يا اهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة هذه سيوف فرسانكم ابوا الا ان يغمدوها في جماجم اعداءكم ..فقال الحسين (ع) لزينب قومي وكلميهم.
فوقفت بازاء الخيمة ونادت وعليك السلام يا عم يا حبيب انصفوني معرفة من انا , انا ابنة الضارب بالسيفين , انا ابنة الطاعن بالرمحين الله الله بنا يا مقضين الليل بالعبادة فسمع الهاشميون صوتها فخرج العباس حافي القدمين مكشوف الراس ودخل على زينب واحتضنها وقال اتخافين وانا اخوك..
تكله انا خايفه وبشاربك لا تكول مدري .. انا خايفه ينهتك ستري .. يا عباس يا صيوان خدري .. يكلها وحك عيناج لا يصفر لونج . شحدهم يزينب يوصلولج.. انا اخيج وقرت عيونج..ثم خرجت الى خيمة الحسين ونادت وا اخاه واحتسيناه.. : تعالي يا سكنة ويا ام ام كلثوم .. تعالن للبواجي وكثرة اللوم .. تراه اخوتي خطار اليوم . وباجر علينه العسكر يحوم .
الشيخ عبد الحافظ البغدادي
https://telegram.me/buratha