الشيخ عبد الحافظ البغدادي
كتبت هذه الاشارات ردا على من يقول ان الاسلام لا يشجع العمل.
قصيدة ابي العتاهية البعض ينسبها للإمام امير المؤمنين(ع) غير ان الامام له قصائد لا يذهب بها الى هذا المستوى من الادب الاجتماعي .. اما قولك ان الانسان يجب ان ينتج ويشعر انه يعمل بطاقة الشباب .. كلامك صحيح والاسلام يحث الناس على العمل .. قال تعالى-: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) اما الاحاديث النبوية فانها مستفيضة تحث الانسان على العمل دون تحديد العمر .. كقوله (ص): (إنْ قامَتِ الساعةُ وفي يدِ أحدِكمْ فَسِيلةٌ، فإنِ استطاعَ أنْ لا تقومَ حتى يَغرِسَها فلْيغرِسْهَا).[وقوله] (إنَّ اللهَ تعالى يحبُّ إذا عملَ أحدُكمْ عملًا أنْ يتقنَهُ).
غير ان العمل في الاسلام يقترن بالقبول في الدار الدنيا والاخرة ويطالعنا القران الكريم بوجوب العمل وعدم نسيان الاخرة , لا نعطي للعبادة ريادة دون الدنيا ونعيش عالة على الاخرين .. قال تعالى : وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا ) هذه حقيقة تعاليم الاسلام بالعمل .. قال رسول الله (ص)"ما أكل العبد طعاماً أحب إلى الله من كدِّ يَدِهِ ومن بات كالاً من عمله بات مغفوراً له " وقال: " أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه " . الخ من الاحاديث المستفيضة .
اما ما يذهب اليه امير المؤمنين بوصاياه لمن غادر الشباب , فالامر لا يتعارض بالعمل بل يدعوه ان يكون قدوة في المجتمع وفي منزلة تتناسب مع عمره .
اما قول الامام امير المؤمنين (ع) فاختار اليك هذه الابيات ..
صُنِ النَفسَ وَاِحمِلها عَلى ما يزيِنُها *** تَعِش سالِماً وَالقَولُ فيكَ جَميلُ **وَلا تُرِينَّ الناسَ إِلّا تَجَمُّلاً *** نَبا بِكَ دَهرٌ أَو جَفاكَ خَليلُ**وَإِن ضاقَ رِزقُ اليَومِ فَاِصبِر إِلى غَدٍ**عَسى نَكَباتِ الدَهرِ عَنكَ تَزولُ **يَعِزُّ غَنِيُّ النَفسِ إِن قَلَّ مالُهُ **ويَغنى غَنِيُّ المالِ وَهوَ ذَليلُ **وَلا خَيرَ في وِدِّ اِمرِئٍ مُتَلَّونٍ **إِذا الريحُ مالَت مالَ حَيثُ تَميلُ*فَما أَكثَرَ الإِخوان حينَ تَعدّهُم **وَلَكِنَهُم في النائِباتِ قَليلُ
اما الابيات التي ذكرتها فهي لابي العتاهية يحث الناس على تقوى الله ويبين لهم ان فترة الشباب ولهوها اذا ولت وانصرمت , لا يليق بالشيخ الكبير ان يتطفل ويقنع فسه انه لا زال في حلم الشباب فقال :
صرمت حبالك بعد وصلك زينبُ ... والدهر فيه تغير وتقلبُ
نشرت ذوائبها التي تزهو بها ... سُوداً ورأسك كالثغامة أشيبُ
فدع الصبا فلقد عداك زمانه ... وازهد فعمرك مرّ منه الأطيب
ذهب الشباب فما له من عودة ... وأتى المشيب فأين منه المهرب؟
واذكر مناقشة الحساب فإنّه ... لا بد يُحصى ما جنيت ويكتب
لم ينسه الملكان حين نسيته ... بل أثبتاه وأنت لاهٍ تلعب
وغرور دنياك التي تسعى لها ... دار حقيقتها متاع يذهب
فعليك تقوى الله فالزمها تفز ... إن التقي هو البَهيُّ الأهيب..
https://telegram.me/buratha