✍ محمد شرف الدين ✍ ||
" اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لا الضَّالِّينَ "
هذه الآيات المباركة التي يرددها كل مسلم باليوم الواحد عشر مرات على الأقل، وفي أفضل عمل عبادي يؤديه وهو الصلاة ،
ويمكن اقتناص تكليف المسلم تجاه التطبيع مع العدو من خلال هذه الآيات المباركة ، وكما يلي :
١- هذا المقطع من السورة المباركة يمثل جانب الدعاء لله تبارك وتعالى والطلب منه عز وجل ، لأنه ورد في روايات اهل العصمة أن سورة الفاتحة تحتوي على " التوحيد ، والمعاد ،والدعاء "
وكما هو معهود أن الإنسان يدعوا ويطلب من الحق تبارك وتعالى ما ينفعه ويريده ويأمله في حياته اليومية .
إضافة إلى ضرورة وجود القدوة والمثل الأعلى في حياة كل فرد من البشرية ،
٢- المقصود بالنعمة في قوله تعالى " صراط الذين أنعمت عليهم...." هو نعمة الهداية ، فالمسلم يطلب الهداية التي رزق الحق تعالى بعض بني البشر - الذين هم قدوة بحق لكل بني البشر -
٣- الذين أنعم الله عليهم هم " الأنبياء، الصدّيقون، الشهداء والصالحون" .. ، لذا يجب علينا أن نتأمّل صراط هؤلاء العظام وأن نمنّي النفس بهذه الأمنية، ليکون ذلک بمثابة حرز لنا من خطر الانحراف والدخول في متاهات الضلال
٤- في موازاة هذا الأمل الكمالي- يجب الاتصاف به - يوجد أمل جلالي أي-يجب التنزه منه والابتعاد عنه - وهو البراءة من المغضوب عليهم ، وهذا الاتجاه أفراده كثيرون ، حيث يصف القرآن الکريم أفراداً مثل فرعون وقارون وأبي لهب، وأمماً مثل قوم عاد وثمود وبني إسرائيل بأنّهم المغضوب عليهم.
وقد وردت قصّة بني إسرائيل وحضارتهم بالتفصيل في القرآن الکريم، إذ فضّلهم الله علی الأمم الأخری التي عاصرتهم؛ «فَضَّلْتُكُمْ عَلَی الْعَالَمِينَ»، إلّا أنّهم بعد هذا الفضل والسموّ، تعرّضوا لغضب الله «وبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ» ، وهذا التحوّل في العاقبة، مردّه التغيّر في سلوکهم، إذ قام أحبارهم بتحريف شرائع السماء في التوراة، «يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ»، واشتغل تجّارهم وأغنياؤهم بأکل الرّبا والحرام وأسرفوا في البذخ، «وأَخْذِهِمُ الرِّبَا» ، أمّا العامّة من بني إسرائيل فقد قعد بهم الخوف وطلب العافية عن القتال والجهاد والدخول في الأرض المقدّسة، «فَاذْهَبْ أَنْتَ ورَبُّكَ فَقَاتِلاَ إِنَّا هَا هُنَا قَاعِدُونَ». وبسبب نکوصهم وسلوکهم المنحرف هبط الله بهم من علياء العزّة والفضيلة إلی منحدر الرذيلة والانحطاط.
٥- الضالون من الأفراد التي يجب على كل مسلم مخالفتهم والبراءة منهم حسب تعبير الآية الكريمة ، وهم أولئک الذين بدّلوا إيمانهم کفراً، المشرکون، الکفّار، العاصون، المسلمون الذين يتّخذون الکفّار أولياء، الذين يصدّون الناس عن سبيل الله، الذين يسيئون إلی الله ورسوله، الذين يکتمون الحقّ، والذين يئسوا من رحمة الله،
وقد يكون الضالّون هم الذين يمهّدون أجواء الانحراف، فيوظّفها المضلّون لصالحهم، وأجواء الانحراف کما يرسمها القرآن الکريم هي: ١- الأهواء، ٢. الأصنام، ٣. المعاصي، ٤. تولّي الباطل، ٥. الجهل والغفلة.
٦- البراءة من المغضوب عليهم والضالّين، يحصّن المجتمع الإسلامي إزاء الرضوخ لحکومة هؤلاء ويزيده صلابة، «غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ولاَ الضَّالِّينَ»
وهذا هو معنى آخر لحرمة التطبيع ، لأن التطبيع يراد به تغليب حكم الكفار على المسلمين والسيطرة عليهم ،وبالتالي إتباع أفراد المجتمع الإسلامي لهؤلاء الضالين و المغضوب عليهم ، نسأل الله تعالى أن يهدينا الصراط المستقيم بحق محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين.
https://telegram.me/buratha