رياض البغدادي ||
مختصر تفسير الآية (١٧) من سورة (المؤمنون)
بسم الله الرحمن الرحيم « وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ »
بعد الإستدلال على الخالق بخلقه تعالى للإنسان ،جاء الآن الإستدلال بخلقه تعالى للسماوات ، فقوله تعالى ( سبع طرائق ) هناك أقوال في معنى طرائق :
اولاً - طرائق لتطارقها ، بمعنى كون بعضها فوق بعض ، مثال ذلك طارق الرجل ثوبين إذا لبس ثوباً فوق ثوب .
ثانياً - قيل طرائق لأنها طرائق للملائكة في العروج والهبوط والطيران ،أي طرق .
ثالثاً - قيل طرائق ،لأن فيها طرائق الكواكب المسيرة فيها .
ووجه النعمة في طرائق السموات ،أنها محل نزول الوحي والأرزاق والماء ،وهي موضع الثواب ومقر الملائكة .
وقوله تعالى ( وما كنا عن الخلق غافلين ) أي لسنا بمهملين أمرها بل نحفظها عن الزوال والاختلال وندبر أمرها حتى تبلغ منتهى ما قدر لها من الكمال حسبما اقتضته الحكمة وتعلقت به المشيئة.
وهناك مسائل في الآية يجب التوقف عندها:
أ - إن وجود السماوات تدل على وجود الصانع .
ب - وجود التغيير الدائم والحركة المتواصلة في السماوات تبطل القول بخلق الطبيعة للسماوات فلو أن الخلق عائد للطبيعة لوجب بقاؤها وعدم تغيرها وإلا فأي تغيير يحتاج تغييراً في الطبيعة نفسها .
ج - خلق السماوات تدل على أن الصانع عالم وقادر .
د - وايضاً تدل أن علمه يجب أن يكون بالمعلومات كلها، وقادر على الممكنات كلها .
ذ - لو تيقنا بعلم الصانع وقدرته اللامتناهية على خلق السماوات تيقنا أيضاً بقدرته على زوالها وبكمال قدرته على إعادة تركيبها وإعادتها .
ر - من هذا كله وجب أن نعلم أن معرفة الله تعالى يجب أن تكون إستدلالية، وإلا لما كانت فائدة من ذكر هذه الدلائل .
وفيما رويَّ عن الإمام علي (ع) قال : " أن رسول الله (ص) رفع طرفه إلى السماء فقال : تبارك خالقها ورافعها وممهدها وطاويها طي السجل ".
ومن بديع ما رويَّ في ربيع الابرار أن أعرابي نظر إلى القمر حين طلع ، فأبصر به الطريق وقد خاف أن يضل فقال : ما عسيت أن أقول فيك ؟! إن قلت حسَّنك الله ، فقد فعل ،وإن قلت رفعك الله فقد فعل .
ـــــ
https://telegram.me/buratha