الصفحة الإسلامية

نفحات قرآنية (٣)


 

رياض البغدادي ||

 

مختصر تفسير الآية (٢) من سورة (المؤمنون)

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ

والآية المباركة تتحدث عن الخشوع وهو الصفة الثانية للمؤمنين الذين بشرهم الله تعالى بالفلاح ، وقد اختلفوا في معنى الخشوع في الصلاة على أقوال :

1. ان الخشوع هو من أفعال القلوب كالخوف والرهبة .

2. ان الخشوع هو من أفعال الجوارح كالسكون وترك الحركة والإلتفات .

3. ان الخشوع هو من أفعال القلوب والجوارح .

ففي القلب الخاشع لابد من فعل وترك ، فالفعل هو ان يحصل في القلب خوف ورهبة وتذلل وخضوع، وأما مايلزم تركه في القلب هو الغفلة وإنشغال الخاطر بأمور الدنيا.

وأما في الجوارح فلابد أيضاً من فعل وترك , فالفعل هو ان يلزم السكون والإطراق والنظر الى موضع السجود ( كما ورد في الأثر ) وأما مايلزم تركه في الجوارح هو ترك الحركة والعبث باليدين وحركة العينين يميناً وشمالاً.

هل يجب الخشوع في الصلاة؟

من خلال النظر في آيات القرآن ،والمروي عن النبي (ص)، يمكننا الجزم بوجوب الخشوع في الصلاة ويمكن الإستدلال على ذلك :

أولاً. قوله تعالى ( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ) والتدبر لا يمكن تصوره من دون حضور الذهن وإمتناع شروده عن القراءة ، كذلك قوله تعالى ( وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا) أي قف على معانيه وعجائبه وهذا ما لا يتسنى لشارد الذهن ومشغول القلب عن الذكر .

ثانياً. قوله تعالى ( وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ) وكلمة أقم ظاهرة في الوجوب والغفلة تمنع تمامية الذكر من حيث شروطه .

ثالثاً. قوله تعالى ( وَلَا تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ ) والآية ظاهر النهي والتحريم فيها .

رابعاً. قوله تعالى ( حَتَّىٰ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ ) وهي علة الغفلة التي عليها السكران .

خامساً. ورد عن النبي صلى الله عليه وآله ( انما الخشوع لمن تمسكن وتواضع ) ولا يخفى ان كلمة (إنما) للحصر وأيضاً روي عن النبي (ص) ( ليس للعبد من صلاته إلا ماعَقَل ) وورد عن اهل بيت العصمة عليهم السلام ( المصلي يناجي ربه ) وكل هذه الأحاديث ظاهرة في معنى الخشوع وإلا كيف يكون المصلي مناجياً ربه مع الغفلة وشرود الذهن .

نعم في غير الصلاة من العبادات لايمنع حصول المقصود مع الغفلة فالمؤدي صدقاته وهو شارد الذهن في أمور الدنيا تبرأ ذمته ،وكذا حال الصائم تبرأ ذمته من الصيام مع الغفلة وشرود الذهن، نعم، ربما لا ينال ثواباً لكنه لا يقضي صومه ما زال الإمساك الشرعي قد حصل .

إن الصلاة ماهي إلا ذكر وقراءة وقيام وركوع وسجود ،والذكر إما أن تكون علة فرضه المناجاة او أنه مجرد لقلقة لسان ونطق للحروف والكلمات، ولا يخفى بطلان ذلك، فثبت إنما الذكر مناجاة، فكيف تكون المناجاة تامة من دون تدبر في العقل وحضور في القلب وسكون في الجوارح ؟! وإلا أصبح الذكر مجرد هذيان لايمكن أن يجيزه الله تعالى .

فثبت بذلك وجوب الخشوع في الصلاة ، و مما أوصى به الامام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) لكميل أنه قال :" يَا كُمَيْلُ : لَيْسَ الشَّأْنُ أَنْ تُصَلِّيَ وَ تَصُومَ وَ تَتَصَدَّقَ ، الشَّأْنُ أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ بِقَلْبٍ نَقِيٍّ ، وَ عَمَلٍ عِنْدَ اللَّهِ مَرْضِيٍّ ، وَ خُشُوعٍ سَوِيٍّ.

وَ انْظُرْ فِيمَا تُصَلِّي ، وَ عَلَى مَا تُصَلِّي ، إِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ وَجْهِهِ وَ حِلِّهِ فَلَا قَبُولَ.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك