✍️📃 الشيخ عبدالرضا البهادلي ||
▪️بعض الأولياء والصالحين والمقربين من الله تعالى وان كانوا قريبين من الله، ويناجون ربهم ، ويكون وتسيل دموعهم في محضر الله تعالى ، ولكن قد لا يستطيعون ترجمة هذه العلاقة والمناجات والمعاني الغيبية بقوالب لفظية .
وبعبارة أخرى ليس كل الأولياء لهم القدرة في صياغة المعاني الغيبية وحالات المحبة والعشق الإلهي في قوالب لفظية....
▪️نعم أهل البيت عليهم السلام كانت لهم هذه القدرة العجيبة في ترجمة المعاني الملكوتية والحب الإلهي بقوالب لفظية، والأدعية والمناجات الواردة عنهم عليهم السلام في مفاتيح الجنان والصحيفة السجادية كاشفة عن هذه القدرة ...
▪️ومن الأدعية، المناجات الشعبانية المعروفة لأمير المؤمنين عليه السلام وهذا جزء منها : « اِلـهي هَبْ لي كمال الانقطاع اِلَيْكَ ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ ، حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ ، وَتَصيرَ اَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ ». ومعنى ذلك باختصار...
🔹1. إلهي هب لي كمال الإنقطاع إليك:
▪️اي يارب إجعلني اعيش معك بكلي، في كل زمان ومكان، بحيث لا التفت إلى أي شيء يقطعني عنك، لان كل شيء وهم في قبال حقيقتك ، فأنت الحقيقة المطلقة وغيرك وهم.
▪️والانقطاع التام لا يعني ترك الجهاد والعمل في الحياة على مختلف الأصعدة، وإنما جعل كل شيء لله تعالى، ما رأيت شيئاً إلا ورأيت الله قبله وبعده وفيه، ومن قبيل، حَتّى تَكُونَ اَعْمالي وَاَوْرادى كُلُّها وِرْداً واحِداً وَحالى فى خِدْمَتِكَ سَرْمَداً.
🔹2. وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ ، حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ.
النظر إلى الله تعالى هو كناية عن اتصال النور بالنور ، اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ.........نور على نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ.
▪️وخرق الأبصار حجب النور، حقيقة الإنسان بقلبه وليس بجسده المادي الفاني، فالجسد آلة للنفس. فكلما طهر القلب وصار مستعدا اتصل بنور الله تعالى وعندها يترقى الإنسان في مدارج الكمال وهذا يحتاج إلى توفيق الله تعالى ،ولأجل ذلك يقول الإمام الحسين عليه السلام في دعاء عرفة ( أنت الذي أشرقت الأنوار في قلوب أوليائك حتى عرفوك ووحدوك، وأنت الذي أزلت الأغيار عن قلوب أحبائك حتى لم يحبوا سواك...)
🔹3. فتصل إلى معدن العظمة وتصير أرواحنا معلقة بعز قدسك: فإذا وصل العبد إلى معدن العظمة، وسجد قلبه في محضر ، وانهمرت دموعه من خشية الله، وصارت روحه معلقة بعز قدس الله، يصبح العبد لا يرى لوجوده قيمة في قبال الله تعالى، بل يرى وجوده ذنب لا يقاس به ذنب.
ولأجل ذلك يقول سيد العارفين وامام الساجدين زين العابدين عليه السلام....
إلهِي لَوْلا الْواجِبُ مِنْ قَبُولِ أمْرِكَ لَنَزَّهْتُكَ مِنْ ذِكْرِي إيَّاكَ، عَلى أَنَّ ذِكْرِي لَكَ بِقَدْرِي، لا بِقَدْرِكَ، وَما عَسى أَنْ يَبْلُغَ مِقْدارِي، حَتّى أُجْعَلَ مَحَلاًّ لِتَقْدِيسِكَ، وَمِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ عَلَيْنا جَرَيانُ ذِكْرِكَ عَلى أَلْسِنَتِنَا، وَإذْنُكَ لَنا بِدُعآئِكَ، وَتَنْزِيهِكَ وَتَسْبِيحِكَ.....
▪️لأجل ذلك خلق الإنسان ، ولأجل ذلك فليعمل العاملون، وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون.... ولكن ويا للأسف الشديد ترك الإنسان ما من أجله خلق واشتغل بل حارب من أجل الدنيا الزائلة وهذا كله بسبب جهله . والعصر ان الانسان لفي خسر....
ولا ادري متى يستفيق الإنسان لحاله ويرجع إلى ربه بصدق وإخلاص.... ولا يخون نفسه فيكون باطنه باطن شيطان وان كان ظاهره ظاهر انسان يدعي التقوى والإيمان ....
https://telegram.me/buratha