✒🖍 محمد شرف الدين||
كما أن الأحكام الشرعية والتعاليم الدينية تتوجه تارة الى الفرد المسلم المكلف ، وأخرى تتوجه إلى المجتمع الإسلامي بصورة عامة - كما ذكره بعض العلماء - ،هناك توجيهات وتعاليم إسلامية موجهة إلى الأفراد بصورة خاصة - كلٌ حسب مسؤوليته وموقعه في المجتمع - منها ، ما ذكره مولانا ومقتدانا امير المؤمنين علي بن أبي طالب "سلام الله عليه" في حكمه البليغة ، حيث يقول :
" ألة الرياسة سعة الصدر "
وهي تحتوي على أمور متعددة ،فضلا عن ضرورة الرياسة والحاكمية في المجتمع الإسلامي وغيره ،
· الأمر الأول: الرياسة وعمومها.
فالرياسة ليست منصب تشريفي يتخذه البعض منصب يعتليه حتى يسيطر على رقاب الناس والمستضعفين، وليس المراد هنا مصداق " رئيس الدولة أو الحكومة " هو المصداق الوحيد للرياسة ،بل كل من تصدى إلى إدارة شؤون فرد آخر أو أفراد متعددين، وعليه تكثر صناديق " الرياسة " وقد لا يمكن حصرها ، والتي منها " المعلم ، البائع، قائد الفريق ، مسؤول المرابطة العسكرية ، مدير المدرسة ، الموظف،......"
· الأمر الثاني : سعة الصدر
وهنا معنيان: الأول: معنى علمي وفكري، والثاني معنى أخلاقي وسلوكي.
فالأول منهما يعني: السعة العلمية والمعرفية والفكرية، واستيعاب العلوم والمعارف والحقائق وهضمها؛ في مقابل ضيق الأفق، وضعف الاستيعاب، ورفض تقبل الأفكار غير المألوفة، أو التي لا تنطبق مع آرائه وأفكاره.
والمعنى الآخر : السعة الأخلاقية واستيعاب مختلف الأمزجة والطبائع البشرية، وتحمل الشدائد والمصاعب، والصبر في سبيل استيعاب أمزجة الناس، وامتصاص أذاهم؛ ويقابل ذلك ضيق الصدر، والتضجر من كل موقف أو رأي أو سلوك مخالف لذاته مما يجعله غير قادر على التعامل الإيجابي مع من يعيش من حوله حتى أقرب الناس إليه.
· الأمر الثالث : الآلة
ولما كان الإنسان بصورة عامة يمارس حياته اليومية مع آخرين يختلفون عنه ، صار من الضروري أن يستخدم معهم شتى الوسائل المعهودة ، والتي قد تكون وسائل مادية - وسائل النقل ، وسائل الاتصال ، وسائل الجهاد العسكرية،...- وقد تكون وسائل معنوية والتي من أهمها وسيلة " سعة الصدر"
وعليه يكون كلام امير المؤمنين عليه السلام " ألة الرياسة سعة الصدر" بمنزلة التوجيه الضروري في حياة أي مسؤول إلى أن وسيلة الرياسة والإدارة الناجحة هي " سعة الصدر " وليس القوة أو التسلط أو الانتقام أو الإقصاء للآخرين،
https://telegram.me/buratha