ماجد الشويلي ||
سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ
[سورة البقرة:142]
نعم هكذا يقول العلماء؛(المكان بالمكين)
لإن قيمة المكان بمن يحل فيه ويمكث
إلا ان هذه القيمة المكانية متحركة في الاسلام وغير ثابتة ، باعتبار أنها خاضعة لتحركات المعصوم ع في الدرجة الأساس .
بدءاً من حركة أبي الأنبياء إبراهيم ع وانتهاءً بالمهدي عج .
ورغم أن الاسلام حاول أن يضفي القداسة على بعض الأمكنة ويحيطها بنوع من الحفاوة كالبيت الحرام، والمسجد الأقصى ، حتى جعل منهما قبلتين عظيمتين لعباده.
إلا أنه في ذات الوقت شدد على منع تصنيم الأمكنة وعبادتها ولو بالتعصب لها على حساب طاعة المعصوم ع حركته.
ففي مسألة تغيير القبلة من المسجد الأقصى الى الكعبة المشرفة أوضح القرآن
أن المناط في الأمر هو اتباع النبي (ص) لاغير
((وَمَا جَعَلْنَا ٱلْقِبْلَةَ ٱلَّتِى كُنتَ عَلَيْهَآ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ ٱلرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ ۚ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّه))
143البقرة
وهكذا في سورة قريش فقد أكد القرآن على أن العبادة لرب البيت وليست للبيت رغم أن تلك العبادة لاتصح إلا بالتوجه له
(( فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ ))3 قريش
وحين أَسكن إبراهيم الخليل زوجته وابنه اسماعيل عند البيت الحرام ؛ دعا ربه أن يجعل أفئدة من الناس تهفوا الى ذريته التي فيها الإمامة طبعاً وليست للبيت العتيق رغم عظمته.
((رَّبَّنَآ إِنَّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مَّنَ النَّاسِ تَهْوي إِلَيْهِمْ ))37إبراهيم
وهذا الأمر ينسحب حتى على المدينة المنورة والكوفة في زمن أمير المؤمنين ع وآخر الزمان بظهور القائم المنتظر عج أيضاً.
إذ أن المدار هو تواجد المعصوم ع وليس البقعة الجغرافية بنفسها بمعزل عنه وإن كانت محل تعظيم وتمجيد .
ورغم أن ضريح رسول الله محمد (ص) في المدينة المنورة هو أشرف المعصومين مرتبة بل وأشرف الخلائق أجمعين، إلا أن القلوب تتوجه صوب الكوفة عند ظهور المهدي المنتظر ع نظراً لتحقق حاكمية الدين فيها ، وليس لمجرد تواجد المعصوم ع فحسب .
فالإمام الكاظم ع كان في بغداد لكنه كان مكبلاً في مطامير سجونها المظلمة.
ولايعقل أن تهفوا قلوب المؤمنين لذلك السجن الظلامي وإِنما للامام ع .
في حين أن القلوب تهفوا بفطرتها النقية لأمكنة تخلوا من المعصوم ع إما لتواجد نائبه وممثله المباشر، أو لقيام الحكم الأسلامي الذي هو علة حركة المعصوم ع في كل الازمنة والذي نالت جملة من الأماكن المقدسة قدسيتها من تواجده فيها.
بل لعل الواجب على جميع المؤمنين، التوجه صوب تلك البقعة التي اقيم فيها الحكم الأسلامي، ونصرتها والذود عنها بكل سبيل .
وهذا لايتنافي مع انتظار الموعود (عليه السلام) الذي سيقيم دولة العدل الإلهي في الكوفة، ويصبح حينها لزاماً على الجميع أن يتوجهوا صوبها بكل مشاعرهم وأحاسيسهم.
بل إن شغف القلوب وتعلقها بمثل الجمهورية الأسلامية في إيران اليوم ، والتي غدت كما وصفها الإمام الخامنئي (أم القرى ) في عصرنا الراهن ، يمثل عين الولاء والمحبة والتعظيم للأمام المنتظر ع .كونها الحركة التمهيدية الأكبر للظهور المقدس على الإطلاق، ولكون ظهور الأمام المنتظر ع يلزمه عقلاً في ظل سريان قانون السببية وسطوته الكونية ، وجود مقدمة موضوعية كوجود الجمهورية الأسلامبة المباركة في إيران حتى يتحقق ظهوره المقدس.
وهذا ماحدث فعلاً ورأيناه بأم أعيننا حين أخذ حب الجمهورية الأسلامبة يأخذ بتلابيب القلوب حتى من غير الشيعة والمسلمين ، وقد تخطى هذا الحب كل الأطر الدينية والقومية والمذهبية ، وحتى الجغرافية والحضارية ، وصار كل أحرار العالم ترنو عيونهم صوب إيران الاسلام بوصفها قلعة الصمود وملاذ المستضعفين في كل الأرجاء.
ــــــ
https://telegram.me/buratha