سامي جواد كاظم ||
الفطرة السليمة للانسان السليم تميل للعدالة وحفظ حقوقها ومعرفة واجباتها وعند تحققها تصبح السعادة والحزن والالم والسلامة والتطور العلمي والتدرج في الوظيفة والسعي الى السلطة كلها امر طبيعي ضمن صيانة الحقوق وحفظ الواجبات.
عصب الحياة لاي انسان او مجتمع هو قانون يضمن العدالة ، وهذا القانون لايكون سليم مئة في المئة الا اذا كان المقنن على درجة عالية او كاملة في معرفة مفردات الحياة وما يجري فيها فيشرع قانون رصين ومحبك حتى لايؤدي الى ظلم فرد معين وفق ظرف شاذ او مفاجئ .
الامامية تؤمن بالامامة باعتبارها هي من تحقق المطلوب وبقية الاديان والمذاهب تؤمن بشخص معين او لجنة معينة هي القادرة على التشريع ، والا الحاكم او رئيس السلطة هو اداة لتنفيذ القانون ، ايام الخلافة الاسلامية كان الخلفاء ينصبون القضاة ليحكموا بين الناس ليس وفق تشريع او دستور سنه الخليفة بل وفق التراث الاسلامي الذي يحتفظ به ، وبعض الخلفاء يحاول ان يتلاعب ببعض المحرمات من خلال شراء ذمة بعض القضاة في تشريع او اصدار حكم يتفق ورغبة الخليفة على حساب الشرع كما حدث لهارون عندما عشق جارية ابيه وضاجعها فاحلها له قاضيه .
ابتكرت فكرة بديلة عن اسم الامامة الا انها تقوم بوظيفة الامامة وهي اهل الحل والعقد ، ويقصد بالعقد: عقد نظام جماعة المسلمين في شؤونهم العامة والسياسية، والإدارية، والتشريعية، والقضائية ونحوها ثم الحل: وهو حل وتفكيك هذا النظام لأسباب معينة ليعاد ترتيب هذا النظام وعقده من جديد. قال الجويني: (إنّ عقد الإمامة هو اختيار أهل الحلّ والعقد) لاحظوا استخدام كلمة الامامة ، وعليه فان أهل الحل والعقد هم العلماء والوجهاء، والقادة العسكريون وأهل الرأي والمشورة وقادة القبائل وسؤالنا من يختار هؤلاء الاهل ؟ هنالك من قال الاجماع، فرد عليه الجويني قائلا : مما نقطع به أن الإجماع ليس شرطا في عقد الإمامة بالإجماع ، واذا تم اختيارهم من قبل مجموعة معينة فالمفروض هم افضل منهم وان كان هنالك الافضل فلم لا يكون هو من اهل الحل والعقد ؟
نعود لمن تجتمع فيه صفات الامامة التي تمنحه علمية وموهبة في تشريع القانون وقد تجسدت هذه الشخصية بالامام علي عليه السلام الذي ثبت بالادلة النقلية والعقلية ولكل المذاهب والاديان انه لم تعصيه مسالة ولم يخطئ في تشريع واستعان به الخلفاء ولم يستعن باحد ، لنترك اعتقاد الامامية بانه مسدد من الله عز وجل ولنتحدث بوقائع التاريخ التي اثبتت استقامته وعدالته وحفظه لحقوق المجتمع ومراقبته لتادية واجباته .
فلماذا كل هذا التهجم على الامامة اذا كنا جميعا نامل العدالة ؟ قال الشهرستاني ت 548 هج : وأعظم خلاف بين الأمة خلاف الإمامة إذ ما سل سيف فى الإسلام على قاعدة دينية مثل ما سل على الإمامة فى كل زمان (الملل والنحل ج 1 ص 24 ) .
هل سل السيف على شخص الامامة ام على ماهية الامامة ؟ كما ذكرنا انفا ان الماهية هي مطلب كل انسان سوي ، اذاً على ماذا سل السيف ؟ على شخص الامام نفسه ؟ يقولون لا انه عبد صالح ،لكنهم لا يقرون بعصمته ، جوهر العداء لان هنالك بعض الاحكام التي تحدد الرغبات غير الشرعية وهناك احكام في تعاملها مع المذنب حدية وهذا لا يتفق والسلطان الذي يتشبث بالمنصب ولا يريد ان يغادره ، وكذلك تكون مفردات الامامة حائلا بين من يريد التسلق بطرق غير مشروعة نحو السلطة فلابد من ازاحة او الغاء هذه الاحكام التي تضع الرجل المناسب في المكان المناسب وتمنع المتامرين والانقلابيين من التربع على رقاب الناس .
اليوم من يقوم مقام الامام؟، الظروف لا تسمح للامام بممارسة مهامه بل حتى قبل الغيبة كان الامام تحت رقابة الخلفاء لمنعه من ممارسة دوره، ولكن لنرضخ لواقعنا اليوم ، هل استطاعت كل دساتير العالم ان تضمن العدالة لمجتمعاتها ، هل التزم حكام العالم بكل مفردات دساتيرهم ؟ الم يلجاوا لتغيير بعض فقرات الدستور التي تتضارب ومصالحهم ؟ الم تحدث ثغرات كبيرة في الدساتير ادت الى ظلم بشر بل حتى اعدام بشر وشن حروب وابادة مجتمعات ، هذه التشريعات من وضعها ؟ اليس الذي وضعها فرد او لجنة كانت غايتهم دنيوية وليست اخروية بل شخصية لهم وليست مجتمعية لشعبهم .
اليوم بالنسبة للمسلمين يحاول الفقهاء دراسة التراث الاسلامي من اجل وضع احكام شرعية تستنبط من السيرة النبوية بقدر اجتهادهم من اجل العدالة وهناك من قد يحقق العدالة وهو ليس من البلاد الاسلامية وهذا امر حاصل ، بعض القوانين التي تنظم حياة المجتمع ويقبل عنها المجتمع وتؤدي الى العدالة فهذا هو المطلوب .
ــــ
https://telegram.me/buratha