✒️✒️ محمد شرف الدين||
بعد قيام النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بمهمة الدعوة العامة ، حدثت عند قريش ردة فعل وهي خطوة شيطانية وعملاً بقاعدة (( الناس أعداء ما جهلوا ...)) . وطبيعة العدو أن يستخدم شتى الوسائل والأساليب ضد من يعاديه . وها هم قريش بعد أن كان النبي محمد ( صلى الله عليه وآله) نِعم الشاب والصادق الأمين ونِعم الحكم في بناء الكعبة صار لهم اشد عداءاً . فسلكوا ما يلي :
1 - مواجهة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) واتهامه بالكذب والسخرية والاستخفاف والاستهزاء ، ورميه بأنواع التهم من قبيل ساحر ومجنون ، وكان ذلك رد الفعل الأولي ، ولم يصل رد الفعل هذا إلى حد المواجهة المباشرة .
ونستطيع تسمية هذه الخطوة هي إعلام التسقيط ، فهذه الوسيلة استخدمها كل من عارض الخط الرسالي ، وهذا نجده في القران الكريم
في قصة نبي الله نوح ( عليه السلام ) يقول القرآن
(( فقال الملأُ الذين كفروا من قومه ما هذا إلا بشرٌ مثلكم يُريد أن يتفضَّل عليكم ولو شاء الله لأنزل ملائكةً ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين & إن هو إلا رجلُ به جنةٌ فتربصوا به حتى حين))
فهذه الآية تبين اتهام قوم نوح له بأنّه مجنون ومحب للرئاسة (( يُريد أن يتفضّل عليكم...)) وكذلك في قصة النبي هود – سلام الله عليه- .
((قال الملأ الذين كفروا من قومه إنّا لَنَرَاك في سفاهة وإنّا لنظنك من الكاذبين))
(( إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء ...))
وفي قصة نبي الله صالح – سلام الله عليه –
(( قالوا إنّما أنت من المُسحَّرين & ما أنت إلا بشرٌ مثلنا فأتِِ بآية إن كنت من الصادقين)
2 - مفاوضة النبي ومساومته على الدعوة ، وقد مرت المفاوضات بثلاث جولات انتهت كلها بالفشل الذريع .
في الجولة الأولى : حاولت قريش استعطاف أبي طالب من أجل الضغط على ابن أخيه: فقالوا له : إنَّ ابن أخيك قد سب آلهتنا ، وعاب ديننا وسفّه أحلامنا وظّلل أبناءنا فإمّا أن تكفه عنا وإمّا أن تخلي بيننا وبينه ، فردهم أبو طالب (عليه السلام) رداً رفيقاً على حد تعبير الطبري ، فانصرفوا عنه .
وفي الجولة الثانية : تواصت قريش بالشدة وعدم المهادنة في الموقف فجاءوا إلى أبي طالب وقالوا له : إنّا كنا قد أستنهيناك عن ابن أخيك ، فلم تنهه عنا ، وإنّا والله لا نصبر على هذا من شتم آبائنا وتسفيه آرائنا وعيب آلهتنا حتى تكفه عنا ، أو ننازله وإياك حتى يهلك احد الفريقين ، فوعدهم أبو طالب أن يبلغ ابن أخيه موقفهم ، فكان رد النبي ( صلى الله عليه وآله ) ذلك الرد الخالد (( والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن اترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته )) .
وفي الجولة الثالثة : عرضوا على أبي طالب ( عليه السلام ) أن يعطيهم محمداً ليقتلوه ويأخذ هو في مقابله عمارة بن الوليد أجمل فتى في قريش !! ليكون في رعايته وكفالته بدل محمد فرفض أبو طالب ( عليه السلام ) موبخاً لهم بقوله : لبئس ما تسومونني عليه أتعطوني ابنكم أغنوه لكم وأعطيكم ابني تقتلونه ، هذا والله ما لا يكون أبداً .
3ـ نهي الناس عن الالتقاء بالنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والاستماع إلى ما يتلوه من قرآن ، وقد تحدث القرآن عن ذلك بقوله تعالى
(( وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون ))
4- التعرض لشخص النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالإيذاء المباشر ، حيث رجموا بيته بالحجارة وألقوا التراب على رأسه ، وسلّطوا الصبيان عليه يرمونه بالحجارة ، وقد تعرض النبي لأذى لا مثيل له من سفهاء قريش وعبيدهم . وأحياناً من زعمائهم ووجهائهم كأبي جهل وعقبة بن أبي معيط وأبي لهب وزوجته التي كانت تضع الأشواك أمامه في طريقه وأمام داره حتى قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) (( ما أوذي نبي ما أوذيت )) .
5- إتباع سياسة الإرهاب والتعذيب والتنكيل بالصفوة المؤمنة وخاصة أولئك الفقراء والضعفاء ، الذين لا عشيرة تحميهم كآل ياسر وبلال الحبشي ومصعب بن عمير وغيرهم . وقد ضرب هؤلاء المثل الأعلى في الصمود والصبر والثبات والجهاد والتضحية من اجل العقيدة والمبدأ الحق .
6- استخدام سلاح الحرب الإعلامية والدعاية ضد النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بكل ما تقتضيه من مجادلة ومهاترة وترويج إشاعات كاذبة ، فقد كانوا يروجون بين الوافدين إلى مكة : إنَّ هذا الرجل ساحر ، وإنّه يفرق بين المرء وأبيه وبين المرء وزوجه .
7 – المقاطعة لبني هاشم ، وفرض حصار اجتماعي واقتصادي عليهم ، وهو ما عرف بحصار الشعب ، فقد اجتمع المشركون في دار الندوة وكتبوا وثيقة اتفقوا فيها على البنود التالية :
أ- أن لا يزوجوا أحداً من نساءهم لبني هاشم ، وان يتزوجوا منهم .
ب – أن لا يبتاعوا منهم شيئاً ، ولا يبيعونهم شيئاً مهما كان نوعه .
ج – أن لا يجتمعوا معهم على أمر من الأمور .
د – أن يكونوا يداً واحدة على محمد وأتباعه .استمر الحصار ثلاث سنوات من السنة السادسة إلى التاسعة للبعثه ، وكان المسلمون خلاله ينفقون من أموال خديجة وأبي طالب ( سلام الله عليهما ) حتى نفذت واضطروا أن يقتاتوا بورق الشجر ولم يكونوا يجسرون على الخروج من شعب أبي طالب إلا في موسم العمرة في رجب وموسم الحج في ذي الحجة فكانوا يشترون حينئذٍ ويبيعون ضمن ظروف صعبة جداً .
** مواجهة تحديات قريش :
اتبع النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في مواجهة محاولات قريش للقضاء على الإسلام . الخطوات التالية :
1ـ رَفضُ كل أشكال المساومات والضغوط ، والإصرار على الاستمرار في الدعوة والثبات والصبر على الأذى والتحديات .
2ـ الاتصال الشخصي المباشر بكل الأفراد والجماعات الوافدة إلى مكة ، وعَرض الإسلام عليهم وعلى سائر القبائل . خاصة في المواسم .
3ـ توسيع دائرة الدعوة إلى خارج مكة وذلك من خلال أمر المسلمين بالهجرة إلى الحبشة وخروجه هو ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى الطائف وإنجاز بيعة العقبة .
يقول السيد القائد الخامنئي " دام ظله"
أعداء النظام النبوي
في صدر الإسلام كانت المواجهة الأساس خلال عشر سنوات من حياة الرسول ‘ مع جبهات ثلاث هي: جبهة المنافقين في الداخل، وجبهة أهل الكتاب واليهود ـ الذين كان لهم وضع خاص في المدينة وفي ظل حكومة النبي ـ وجبهة الكفار والمشركين.
فهذه هي الجبهات الثلاث الرئيسية ـ إضافة لجبهتين غير رئيسيتين كما يأتي ـ التي تعرفون ما مارسته من تحديات كما ورد في آيات القرآن الكريم ولاسيما في سورة البقرة المباركة.
فالمواجهة مع اليهود لم تكن كالمواجهة والعداء مع كفار قريش، حيث إن اليهود كان لهم ماضٍ، وتاريخ، ومفاخر، وكتاب، ممّا خوّل لهم سلطة على الأميين والجاهلين بالمعارف الإلهية من نوع تلك السلطة التي تفرضها مجموعة مثقفة على مجتمع أمّي.
ولذا فقد كان النبي الأكرم ’ يضع أصابعه على المواضع الحساسة في مواجهته مع هؤلاء طبقاً لتعاليم الوحي الإلهي.
https://telegram.me/buratha