كما هو واضح أن الخارطة قد وضعت لبيان السير الصحيح تجاه هدف محدد ، وتعتمد درجة الاطمئنان بها على دقة الراسم لها وكذلك خبرته وعلمه بالطريق ، ونحن بني البشر الذين اوجدنا العلي الحكيم في هذا الكون لأجل هدف جليل وهو " العبادة ، التقوى ، الفلاح ، التزكية " فقوله تعالى " ما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون" تمثل بداية انطلاق الإنسان تجاه الهدف وهذه البداية - العبودية - والتي تعني الخضوع التام مع الاعتقاد بالالوهية للمخضوع له ،فالخضوع للوالدين ليس عبادة لعدم وجود اعتقد بالوهية أحدهما. وهذا الخضوع ينبغي أن يكون شامل ومتواجد في كل أوامر المولى . ولا يخفى وجود مصاعب كثيرة أثناء الطريق ، بل توقع هجوم العدو في أي لحظة ، فلذا ترى أن الباري تبارك وتعالى يؤكد على أخذ الحذر ، طوال السير في هذا الطريق. فعليه يكون عندنا طريق وتوجد فيه عوائق كثيرة وكذلك عدو يتحين الهجوم على السائر وهناك هدف لابد من الوصول إليه . وقائد يقود الناس في هذا الطريق . أما الهدف ، فقد عبّر عنه في آيات متفرقة وبصور مختلفة فالاية المذكورة أعلاه تبين أن العبادة هي الهدف ، وفي آية أخرى يكون التقوى هو الهدف لقوله تعالى "يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون " وفي آية ثالثة الفلاح هو الهدف لقوله تعالى "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ ابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَ جاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" وفي آية رابعة الهدف يتجسد في التزكية ،لقوله تعالى "قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى " والجمع بين هذه الآيات يمكن القول بأن هذه الأهداف تمثل اهدافاً مرحلية . فالهدف الاول " العبودية " الذي هو الشعور بالعبودية المطلقة للحق تبارك وتعالى فلذا تراه يطلبه كل مسلم وينشده في اليوم والليلة عشر مرات على الأقل بقوله " إياك نعبد..." وهنا يكون حصر العبودية بالباري تعالى هو الخطوة الأولى للسير في هذا الطريق - الخارطة- تجاه تحقيق الأهداف الأخرى . نسأل الله أن يجعلنا من عباده الذين يلجؤون إليه في الملمات وانا لله وانا إليه راجعون.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha