✍🏿 محمد شرف الدين ||
قديما قسموا العلم إلى قسمين :
١- العلم النظري ، ويشمل ثلاثة علوم " الفلسفة والرياضيات والطبيعيات"
٢- العلم العملي ، ويشمل ثلاثة علوم أيضا" تهذيب النفس-الاخلاق-، وتدبير المنزل ، وتدبير المجتمع "
فنلاحظ أن ثلث العلوم هو تدبير وإدارة ، هذا من جانب ،ومن جانب آخر أن هذه العلوم بمجموعها تتناول جوانب حياة الإنسان وبصورة تفصيلية .
وعليه إذا ثبت لدينا أن الدين وتعاليمه يحتوي على هذه العلوم جميعها فيلزم الإنسان أن يتعرف كيف أدار الدين سياسية وتدبير المجتمع ؟ وهذا هو محور الكلام .
بالنسبة للقسم الاول من العلوم - النظرية- فلو راجعنا مصدر التعاليم الدينية الاول وهو القرآن الكريم نجده زاخر بالايات التي تدل على الالهيات وبكل تفاصيلها من إثبات توحيد الواجب تعالى إلى صفاته وأفعاله وعدله وغيرها من المسائل المتعلقة بالفلسفة الإلهية ومنها :
- وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ سَخَّرَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ.
- أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ لَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
وغيرها الكثير .
وهناك أيضا نجد الآيات التي تشير إلى اساسيات العلوم الرياضية والطبيعية من حيث ما يتعلق بالمواد الرئيسية في الحياة من الماء والهواء والتراب والنار ،التي تقوم بدراستها اغلب العلوم الطبيعية اليوم وتفاصيلها موجودة في مختلف العلوم
أما القسم الثاني من العلوم والتي تهتم بالجانب العملي للإنسان فكذلك ايات كل قسم منه لا تقل عن ما موجود بالنسبة للقسم الاول إذا لم تكن زائدة عليه لأن هذا القسم هو المؤكد عليه وهو الذي يؤتي ثماره في الدنيا والآخرة .
نعم لا ننسا العلاقة الوطيدة بين القسمين المذكورين - النظري والعملي-
والجامع المشترك في هذا القسم هو محور التدبير والإدارة ، فتارة تكون الإدارة والتدبير للنفس ،بحيث نجد ايات متعددة في هذا المحور من قبيل ،قوله تعالى
" ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَ أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ "
وتارة أخرى تكون الإدارة بالنسبة للأسرة المجتمعة تحت سقف المنزل اي تدبير وإدارة المنزل ، حيث يقول تعالى
" وَ لا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَ لا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً"
وتارة ثالثة تكون الإدارة والتدبير لكل المجتمع الإسلامي والذي يعبر عنه اليوم بعلم السياسة ، وكما هو معروف ينقسم إلى قسمين :
- السياسة الداخلية للمجتمع الإسلامي
- السياسة الخارجية للمجتمع الإسلامي .
وكلا القسمين قد أشار لهم القران بمجموعة من الآيات التي تعطي الإنسان المسلم قواعد عامة واساسية في التعامل مع الآخرين وعلى المستويين الداخلي والخارجي .
والايات المشيرة إلى القسم الاول من السياسة كثيرة جدا منها قوله تعالى
" انما المؤمنون إخوة"
" يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَ لا تَجَسَّسُوا وَ لا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ "
وغيرها من الآيات الكريمة
وأما الآيات التي تشير إلى القسم الثاني من السياسة فكذلك ليس بقليلة ، منها قوله تعالى
" وَ لَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً "
" أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَ قَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَ يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً "
وهذه الآيات تعتبر قواعد أساسية في التعامل مع المحيط الخارجي للمجتمع الإسلامي .
والخلاصة أن التعاليم الدينية شملت كل جوانب الحياة الإنسانية ، فينبغي أن ندرس ونتمعن في هذه التعاليم حتى تكون حياتنا مزدهرة ومتقدمة لا ان نتبع وننقاد للحضارة الغربية التى هي خاوية من الأساس .