اعداد القوة العسكرية : فقد أقدم النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على عدة خطوات في طريق بناء الدولة ، منها خطوة الإعداد العسكري وإعداد القوة البشرية المدربة ، وإعداد السلاح والخيل وغير ذلك مما تحتاجه القوة المسلحة ، وذلك عملاً بقوله تعالى : (( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم )) وقد نظم النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) المدينة على أساس عسكري وكوّن من شعبها مجتمع حربٍ ، فقسم المسلمين في المدينة إلى عرافات ، وجعل على كل عشيرة عريفاً ، وجعل من جميع الذكور البالغين جنوداً ، وكوّن منهم الجيوش ، والسرايا العسكرية . وما يمكن استفادته من الروايات المتفرقة فيما يتعلق بتنظيم القوة العسكرية وإدارة المعارك الدفاعية في عهد النبي ( صلى الله عليه وآله ) هو الملامح التالية . ألف : القرار العسكري : إنَّ القرار العسكري الاستراتيجي والتكتيكي كان بيد النبي ( صلى الله عليه وآله ) وحده ، ولم يكن لأحد من المسلمين سلطة اتخاذ قرار عسكري بشكل منفرد بعيداً عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) . نعم من الثابت أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) كان يستشير أصحابه وكان يستمع بعناية لآرائهم واعتراضات بعضهم في الشؤون العسكرية ولكن القرار الجهادي والعسكري النهائي كان له وحده . باء : تشكيل الجيش : كان النبي يشكل الجيش والوحدات العسكرية من الذكور البالغين وكان يختار للجندية الذين بلغوا خمس عشرة سنة من العمر ولم يكن يقبل في عداد الجيش مَنْ لم يبلغ هذه السن . فقد روي عن رافع بن خديج الذي استصغره النبي ( صلى الله عليه وآله ) يوم بدر ولكنه سمح له بالمشاركة في أُحد بعدما كان قد بلغ الخامسة عشرة من عمره . وورد في بعض الروايات أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) كان يستعرض شبان في كل عام ، وكان يسمح لمن تثبت لياقته البدنية بالانخراط في الجيش والمشاركة في الجهاد . جيم : التدريب : فقد كان شبان المدينة المنورة يتدربون على استعمال السلاح ، وفنون القتال ، وكان في المدينة مكان مخصص للتدريب . وقد ثبت عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنّه أمر بالتدريب على الفروسية و الرمي ، وقال فيما روي عنه : (( علموا أولادكم السباحة والرمي وركوب الخيل )) وكان علي ( عليه السلام ) يعلم الناس الرمي في المدينة على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وعلى أي حال فقد كان التدرب على السلاح وفنون القتال ، من مقومات الثقافة العامة للمجتمع الإسلامي آنذاك ، بحيث كان يعتبر غير الخبير بفنون القتال شاذاً عن النمط العام . دال : لم يظهر من نصوص السيرة النبوية أن النبي أسس جيشاً متفرغاً على غرار ما يسمى الآن الجيش المحترف وهو : تفرغ عدد من المقاتلين لحياة الجندية مدة من الزمان في حال السلم ، فلم يؤسس في حياة النبي ( صلى الله عليه وآله ) جيش من هذا النوع ، وإنّما كان الانخراط الفعلي في العمل العسكري يتم حين تدعو الحاجة أي حين يقرر النبي ( صلى الله عليه وآله ) القيام بحملة عسكرية ، وحين يتهدد المدينة خطر الغزو . وعلى أي حالٍ فإنّ هناك الكثير من النظم العسكرية في سيرة النبي غير ما ذكرنا من قبيل: 1 ـ إحصاء عدد المسلمين لأغراض عسكرية . 2 ـ التسليح العسكري والصناعات العسكرية . 3 ـ التجسس العسكري وغير ذلك من الملامح التي تكشف عن دقة التنظيم العسكري الذي كان له دور كبير في تحقق إنجازات عسكرية كبرى في عهد النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في فترة زمنية قصيرة نسبياً .
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha