✒️ محمد شرف الدين||
باسمه تعالى وله الحمد
هذا الشعار مقتبس من رسالةٍ قد ارسلها الامام عليه السلام إلى أخيه - محمد بن الحنفية - ومن معه من قبيلة بني هاشم . ويمكن أن تكون هذه الرسالة على نحو القضية الحقيقية وليس على نحو القضية الخارجية - حسب التعبير المنطقي - اي ان المخاطب أو المستهدف من مضمون هذه الرسالة ليس فقط اخو الامام عليه السلام وإخوته و أبناء عمومته.
وعليه يكون مضمون هذه الرسالة موجه لكل شخص يقرأها، وكلنا مشمولون بفحوى هذه الرسالة المباركة " من لحق بي استشهد" ...
والان يمكن لنا الغوص في كلماتها :
١- كلمة "لحق" معناها: هو الوصول إلى شيء بعد أن كان منفصلاً عنه ، فيكون المعنى " من وصل إلي ّ بعد أن خرجت من المدينة " اي من تأخر عن الخروج معي مباشرة، فيمكن له الخروج والوصول إلي وانا في الطريق .وفعلا فإن بعض المؤرخين ينقلون بأن أكثر من عشرة أشخاص قد لحقوا بالامام عليه السلام ووصلوا إليه قبل واقعة كربلاء الرهيبة .
٢- يستظهر من هذا الشعار أن الإمام سيد الشهداء عليه السلام سار في طريقٍ واضح للعيان وأمام كل الناس ، بل إنه عليه السلام أخذ يوضّح معالم هذا الطريق وهو طريق مواجهة المستكبرين الطغاة ،طريق الدفاع عن الحق وفي سبيل الله تعالى ، وهذا الطريق لم ينطمس ولا يُمحى من خارطة سير الإنسان في حياته الدنيوية .وبالتالي يكون هذا الطريق دائم إلى يوم القيامة ، فالدعوة التي وجهها الامام تبقى مفتوحة أمام الأجيال وعبر الزمان ، فكل جيل من بني البشر مدعو للسير على هذا الطريق
٣- من معالم الطريق الذي سلكه الإمام الحسين عليه السلام هو معَلَم القيادة الإلهية المتمثلة بشخص الامام عليه السلام ، وهذا ما يكشف لنا أن كل الانبياء -باعتبارهم قادة الاهيين ربانيين - ساروا بل لزموا هذا الطريق ، وهذا يولّد درجة عالية من الثبات لدى السائر عليه ،لانه يعرف أن هذا الطريق قد سار عليه أنبياء وأولياء وصالحون وشهداء .....
٤- "...استشهد ..." هنا جعل الامام الحسين عليه السلام جائزة اللحوق به هو الاستشهاد ، وهذا ما يدفعنا إلى بيان كيف تصبح الشهادة والقتل بمثابة الجائزة ،قد يسرع لها السائر .
فلو راجعنا القرآن الكريم ،
فانه نجده تارة يتحدث عن الفوز بالثواب الشخصي ،كما في قوله تعالى :
- " وَ لَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ "
- "وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ، فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ يَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ...."
وتارة أخرى يكون الفوز يرجع للمجتمع بصورة عامة ، اي ان آثار الشهادة ترجع بنفعها إلى الأمة الإسلامية بصورة عامة ،كما في قوله تعالى
- "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ ابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَ جاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " اي أنه لما يكون هناك شهداء من القوم - نتيجة جهادهم - فلعله يفلح أفراد هذا المجتمع.
٥- حقوق الشهيد على المجتمع الإسلامي . أن الإمام الحسين عليه السلام بقوله " استشهد" لعله يريد أن يشير إلى بعض حقوق هذا المنزلة على المجتمع والتي منها
- حماية الهدف الذي استشهد من أجله أولئك الشهداء ، لأنهم بذلوا أنفسهم في سبيل هدف معين ألا وهو رفع راية الإسلام .
- على الشباب أن يجعلوا الشهيد قدوة ونموذج ليكون له نبراسا ونورا لان الشهيد يحمل من صفات الكمال والأخلاق من قبيل الشجاعة والتضحية في سبيل الله تعالى .
وسلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى اصحاب الحسين ورحمة الله وبركاته.