عبد الحسين الظالمي ||
الذي يستعرض الرسالات السماوية والكتب وسير الانبياء والائمة والصالحين يجد ان الغاية من خلق الانسان ووجوده في الحياة ترتكز على ثلاث اهداف عليه تحقيقها في حياته ليكون قد ادى رسالته التي من اجلها خلق وبتحقيق تلك الاهداف يكون قد استحق لقب خليفة الله في الارض مبتعدا عن اللعب واللهو ( انما الحياة الدنيا لعب ولهو ) وهذا يعني الضياع ، وهذه الاهداف هي :
اولا - ادامة نسل البشرية والذي يتوقف على قيام الانسان بواجب التكاثر لتستمر الحياة وتتجدد لكون الباري عزوجل وهكذا اقتضت ارادته قهر الانسان بالموت وحدد حياتة بفترة زمنية محددة وحتى تستمر البشرية عليه واجب التكاثر وادامة النسل لذلك عد الزواج اكمال نصف الدين وحرم الاجهاض وقتل الجنين
ولامتناع عن الحمل او الانجاب بدون سبب يقره الشرع ، اذا الهدف الاول هو ادامة نسل البشرية ولكن هل لهذا الهدف من ضابطه وشرط؟ هذا ما يحدده الهدف الثاني.
الهدف الثاني - هو اطاعة وعبادة من وهب الحياة ( وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون )
اذا الغاية من وجود البشر وادامة الحياة هي عبادة من وهب الحياة لذلك يصبح واجب الانسان الثاني هو اعداد نفسه اولا واعداد من يكون هو سببا لوجودهم اعدادا يؤدي الى تحقيق الغاية وهي عبادة من وهب الحياة وخلق الانسان لذلك اصبحت تربية النفس جهادا اكبر وتربية الاولاد مهمة تقع على عاتق الوالدين ليكونون ذرية صالحة ومن هنا نرى تاكيد القران على دعاء ( ربي هب لي من لدنك ذرية طيبة ) لان الذرية الطيبة الصالحة تحتاج الى تربية وتوفيق من الله ليكون الزرع مثمرا طيبا مثلما اراده الذي زرع والذي امر بالزرع ..
الهدف الثالث -
يقع على الانسان هدف ثالث
لتحقيق الغاية الكبرى ( الخلافة ) هذا الهدف ينحصر بسعي الانسان في تطوير الحياة وتسخير موارد الطبيعة والاستفادة القصوى لكل ما سخره الله للانسان في الكون اذ جعل السموات والارض والمخلوقات الاخرى كلها مسخرة لتحقيق الانسان غايته الكبرى وهذه الاستفادة مشروطة بحسن الاداء ومن يشذ يحاسب اشد الحساب ومن يخالف تلك القواعد ينحدر من مرتبة الخلافة الى مرتبة البهيمية التي يتساوى بها مع البهائم في المستوى السفلي بعد ان كان في المستوى العلوي تلك المخلوقات غير المكلفه قد تكون (البهائم) افضل منه حالا لانها لم تحاسب
لانها حرمة من الحياة الكريمة التي تميز بها الانسان دون غيره وهو يتحمل الحساب وقد حرم نفسه من مرتبة الحياة الكريمة الهادفة التي تؤدي الى تحقيق الغاية ليظفر بالنتيجة التي اعدها الله لمن يتجاوز الامتحان فلا عاش الحياة ولا اعفي من الحساب ولذلك كان من الاخسرين . هذه المهمة الشاقة جعلت القران يطلق عليها اسم مسيرة الكدح ( انك كادح الى ربك كدحا )والكدح هو اشد صعوبة من بذل الجهد العادي بل يحتاج الى بذل جهد استثنائي لذلك اللقاء ( انك كادح الى ربك كدحا فملاقية ) . وفي هذا اللقاء تتم عملية الحساب واعلان النتائج .
اذا الخلافة تحتاج لتحقيقها ان يكدح الانسان كدحا لتحقيق الاهداف والواجبات التي يتعين علية القيام بها حتى يصل تحقيق الغاية وكلا حسب قدرته اذ لايكلف الله نفسا الاوسعها وليسخارج طاقتها وان الله قد اوجب على نفسه ان لا يحاسبه على مالم يبلغه ولذلك بعث الانبياء والرسل ليكونون حجة على الانسان حتى لا يحتج على الله و يقول بانك كلفتني ولكن لم ترشدني ولم تبين لي الامور حتى اسلك الطريق السليم في عملية الكدح ليوم اللقاء.
ونحن على اعتاب شهر محرم الحرام علينا ان نعي الرسالة العظيمة التي جسدها الامام الحسين في نهضته ليحقق الغاية وهي الخلافة الحقه لله سبحانه وتعالى اذا لا مجاملة في ذلك حتى ولو كلف ذلك حياة الانسان وعياله فهو طريق واحد وليس طريقين طريق فيه اتجاه كدح وارتقاء واتجاه اخر معاكس وهو طريق نزول الى منحدر البهيمية التي يكون فيها الانسان اشد ضلال من البهائم، اتجاه يريد احقاق الحق وعبادة الخالق واتجاه يريد امارة الري وكرسي الخلافة، الاول ضحى بالنفس والذرية لانها اعدت لذلك الهدف ( احقاق الحق ) وطرف انحدر من اجل لعب ولهو وزينة وتفاخر . اعاذنا الله وياكم من ذلك الانحدار الذي يعده البعض تحررا وتطورا وحرية شخصية لذلك يترك اولاده وبناته يعيثون في الارض فساد او يمتنع البعض عن الزواج والانجاب بحجة وما فائدة الاولاد وبذل كل هذا التعب ؟ وما فائدة ان تربي وتكبر وترسله للجبهه ويستشهد؟ او يسرق الدنيا وما فيها بحجة (يريد ان يؤمن حياة الاولاد) . تلك الاسئلة والعبر والمشاهد المتناقضة تجيبك عليها واقعة كربلاء وحياة الاولياء والصالحين، وحياة وسيرة من خسر الدنيا والاخرة من المعسكر الاخر وكلا المعسكرين موجودين الى قيام القائم عج .