أمل هاني الياسري||
الظلم نابع من الجهل والانانية، وظاهر الظالم ملبس فخم، لكن واقعه الفكري مجرد خواء صنم، ويخزل تدينه بالظواهر الشكلية فقط، أما باطنه فهو عبارة عن فخ لوساوس الشيطان، والذي جعل منه متغرسطاً، متكبراً، مختالاً، لا يفقه شيئاً عن ثقافة الإصطفاف مع الحق والإنتصار له، والأخير هو الدرس الأول الذي شهدته كربلاء، حيث التماسك والإنطلاق الحقيقي للشهادة، فطبيعة المرحلة تتطلب مساحة للجهاد، وليس مساحة للتجربة، لضمان نتائج المشروع الإصلاحي الحسيني، والتضحيات العظيمة بداية المسيرة نحو الحرية.
يقال أن صاحب الرؤية والتشخيص الدقيق، تكون إنطلاقته كبيرة وعظيمة بعظمة مشروعه، ويحقق النجاح المطلوب بنظرة متفحصة، مدعومة بالاخلاص في القول والفعل، عندها سيؤتي العمل أُكلهُ، ويحظى صاحب المشروع بالسعادة في الدنيا والآخرة، وهو ملخص كربلاء الحسين (عليه السلام)، ونتاج المشروع العظيم ولادة جيل حر، يستطيع إصلاح الواقع، ومحاربة البدع وأهل الضلالة، فالإصلاح ليس أمراً سهلاً، ويحتاج للدماء، لكن إستمرار هذه الدماء يبقى الأصعب، وهذا ما زرعه فينا الإمام الحسين (عليه السلام) في واقعة الطف.
مشروع الإمام الحسين (عليه السلام) ليس مشروعاً مرحلياص، بل هو مشروع بعمر الزمان، لأنه مدخل حقيقي لبناء الأمة، وتحرير طاقاتها من الإستبداد، والوقوف بوجه الظالم، وهي درس صادح لتعرية الطغاة والظالمين، "ومن يتخذ الشيطان ولياُ فقد خسر خسرانا مبيناً" ومعكسر الباطل كان ممَنْ أتبع الشيطان، وقد أعطى رسائل مهمة للأحرار، بأن الشعوب قادوها بمزاجيتهم لا بمبادئهم، لذا خرج الإمام الحسين (عليه السلام) على الطاغية يزيد وأزلامه، لطلب الإصلاح في أمة جده محمد صلواته تعالى عليه.
لقد إستشعر الإمام الحسين (عليه السلام) في زمانه، مقدار التصعيد والخطر الداهم، في السياسة المستبدة لحكم بني أمية، وتعمدوا تحريف المنهج المحمدي الأصيل، ولأن أهل البيت (عليهم السلام) لا يسمحون لهؤلاء الشرذمة الفاسدة، بالتسلط على رقاب الناس ومصادرة حرياتهم، والإعتداء البشع على الحرمات والدماء، فخرج أبو الأحرار برفقة عائلته وأصحابه الميامين، لتكون كربلاء مدينة للإمامة، والحرية، والتضحية، والشهادة، بعد توكيد معادلة الزمان والمكان، وأن الحق لا يلتقي مع الباطل، إلا على قرع السيوف ونداء الحرية.
ـــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha