أمل هاني الياسري ||
(كربلاء حين دخلها الحسين (عليه السلام) باتت مقدسة، وكذلك قلبك حين يسكنه الحسين يصبح مقدساً) وعليه فأصحاب الحسين (عليه السلام) لا نستطيع حصرهم بكربلاء وحدها، فالحسين مدرسة للانسانية جمعاء، وفي كل بقعة من بقاع العالم، تجد يزيد وعندها تحتاج الى وجود الحسين وأصحابه، فالأضداد هي مَنْ تؤلف الحياة، فكيف إذا كانت المواقف تتطلب الحب مقابل الكره، والحق مقابل الباطل، والمثل الاعلى الذي ترجم هذه الحياة، هو الامام الحسين (عليه السلام) وأصحابه، الذين بذلوا مهجهم دونه.
صحيح أن الحسين (عليه السلام) وأصحابه استشهدوا، لكن الراضين المرضيين لم يتحالفوا على سطور من الدراهم والمناصب، بل تحالفوا على ان يعطوا دروساً للحكام المستبدين، بأن كربلاء جذوة من الحرية والعبودية لله وحده، وحافظت على قيم الدين الحنيف، وكشفت فساد السلطة الحاكمة، فتحولت كل قطرة من دماء أجسادهم الطاهرة لفتيل ثورة معطاء، فكانت ومازالت نصاً مفتوحاً للجهاد والتضحية، ثم أن أصحاب كربلاء أنطلقوا كالموج الهادر، وأحيوا مواسم الحزن العاشورائي منذ الأزل، وسيتجدد الى يوم يبعثون.
هناك مَنْ يقول إن الحسين مات هو وأصحابه، وأقول لهم: (إن قضية الموت ليست على الإطلاق قضية الميت، بل في قضية الباقين) والحق يقال لا ملحمة خُلدت، ولا أسطورة تناقلتها دفات التأريخ، كقضية كربلاء وقائدها، والفتية الذين آمنوا بربهم، وعاهدوا الله على نصرة إمامهم الحسين (عليه السلام)، لأنهم يدركون جيداً الخط الذي أختاروه، ولأن كربلاء علّمت الأمة أنها ستخسر، إذا ولّت أمرها لمَنْ لا يستحق(يزيد الطاغية)، فأصحاب الحسين (عليه السلام) أصبحوا منبراً وبوصلة للأحرار العالم.
القضية الحسينية منحت الأحرار دروساً في طلب المجد والشهادة، وكانت ترنو إليها الأبصار والبصائر، لأن محورها رأس رجل يريد الإصلاح في أمة جده، فالصرخات المدوية في السماء (يالثارات الحسين وهيهات منا الذلة)، لم تكن مجرد نداءات عالية، وإنما هي شعائر خالدة أكبر من الطغاة الذين حاربوها، ومَنْ يحاربها سيكون مصيره الزوال لا محالة، وأن الموت المحتوم هو السلاح الوحيد للنصر، ولإحياء العقيدة والدين، فتصدى هؤلاء الكرام البررة لمحاولات هدم الأنسان، وتحريف معتقداته نحو الفساد والإنحطاط.
دروس عظيمة تعلمناها من الحسين(عليه السلام)وأصحابه، وهي أن تحالفنا مع الحق والعدل، يعني تحالفنا مع الله عز وجل، ورسوله وأهل بيته(عليهم السلام أجمعين)، ومتى ما كانت كربلاء هويتنا وبضمائرنا، سنكون على جادة الصواب، وفي رحاب الكرامة والحرية، وهي معركة ترعب الطغاة في كل زمان ومكان، ومعها سيضع الأحرار أقدامهم على طريق التغيير والإصلاح، لأنها السبيل الوحيد الذي يمكن معه بناء الإنسان والأوطان، بالتجربة وليس بالتنظير وخلط الأوراق، فكثير من الناس اليوم يرى الحق باطلاً والباطل حقاً.
https://telegram.me/buratha