عبد الحسين الظالمي||
قال الله في محكم كتابه الكريم في صورة هود (وما من دابة في الارض الا وعلى الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين).
القران الكريم رسالة الله للبشر خاطبه بها من خلال الرسول الكريم محمد صل الله عليه وسلم
فهو من جهة معجزة الرسول التي تحدى بها البشر (بلاغة وموضوع) فهو بالسان عربي مبين ، ومن جهة اخرى فهو المرشد والطريق الذي اراد الله ان يسلكه المؤمن ليصل الى ما يريد الله على بينة من امره فهو تبيان لكل شىء يحتاجة البشر في مسيرته نحو الله من عقائد وعبادات وحدود وسلوك ومعرفة واخبار عن الغيب وعن الماضي وترهيب وترغيب وحث وتكليف .
ولكونه رسالة السماء والمخاطب بها الانسان فلابد ان يفهما ويعرف مقاصدها كلا حسب قدرته ومعرفته وما يمكن ان يتعلمه من محكمه ومتشابهه ولكن تبقى عدم الاحاطة هي الحقيقة القرانية التي تقول (لا يعلم تاويله الا الله والراسخون بالعل ).
لكن لا يعني عدم التدبر والتفكير ومن لم يسعفه الفهم يلجىء الى ما بينته السيرة النبوية الشريفة وما شرحه وبينه التفسير والذي خاض به الائمة والعلماء ولكن يبقى الحد الادنى المطلوب هو التدبر بالقران اثناء القراءة والتلاوة بدليل قوله تعالى ( افلا يتدبرون القران ام على قلوب اقفالها .....) .
اذا التدبر ضروري لمن يريد ان يفهم ويعي رسالة ربه اليه حتى نقل في المأثور بما معناه (اقرء القران وكانك المخاطب به وقف على ترهيبة وترغيبه وكانك المقصود ).
نعود للاية الكريمة اعلاه (وما من دابة الا على الله رزقها ......) موضوع الاية يتكلم عن الرزق.
ولان القران يفسر بعضه بعض لابد ان نمر على ايات الرزق ومنها ( ان الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر .....).
اذا الله هو الذي يبسط الرزق وهو الذي يقدره ولكن كيف ؟..وما سر هذا التفاوت ؟.
ومن هنا لا بد ان نقف على تفسير ومعنى كلمة من يشاء في اية بسط الرزق ، اذ ذهب بعض المفسرين على ان المقصود هو المخاطب الذي يشاء ويطلب الرزق من الله وذهب اخرون الى القول ان المقصود الله هو من يشاء ويريد ان يرزق احدا يرزقه. ولكن الاغلب الاعم من الاحاديث واقوال المفسرين ذهب الى الراي الاول .
السوال المطروح لماذا خص الل الداب فقط بالرزق ( وما من دابة .....) والمعروف ان كل شىء حي يحتاج الى رزق يديم به الحياة فكل كائن حي يحتاج ذلك فلماذا خص الله فقط الداب منها والمعروف ان النبات كائن حي يرزق حتى يستمر بالحياة وهو من غير الداب، وما سوى ذلك كل من فيه حياة داب فلانسان داب والحيوان والطيور والحشرات واصغر المخلوقات تدب بختلاف نوع الدبيب والدبيب يعني الحركة ببطىء من مكان الى اخر مع الاختلاف من مخلوق للاخر في ذلك ؟
ولكن ما الحكمه في اخص من دب فقط ؟ ماذا يعني ذلك ؟ ولماذا استثنى النبات وهو الكائن الحي الوحيد كونه غير داب و الذي لا يسعى الى رزقه بحكم ثبوته ؟ وهذا ما يجعلنا نتدبر الاية ونستجلي مقصودها والله العالم. هذا ما سوف نشير اليه في النهاية .
اذا الدابة التي تعهد الله لها بالرزق هذا التعهد واقف على حقيقة ( من يشاء ) وهذه الحقيقة هي السعي طلما ان هذه الدابة تمتلك القدرة على السعي ( الدبيب ) فالله يرزقها ولكن يقدر هذا الرزق بقدر سعيها للحصول على ما قدر لها الا في حالة العجز الخارج عن القدرة فالله يتكفل ايصاله لها بالواسطة والسبب الذي يقدرة هو اما من يستطيع ان يدب نحو رزقه المقدر فلا بد له ان يدب ويسعى بكل طاقته الى ذلك ويبقى توفيق الوصول ومقداره بقدر السعي الذي يعتمد على توفيق الله له في سعيه .
اذا ( على الداب السعي والحركة وعلى الله التوفيق في الوصول الى ذلك الرزق المقدر اصلا والموجد في كتاب مبين في نص الايه مورد التدبر) لذلك نشاهد كل مخلوق مهما صغر فهو يسعى نحو رزقه فالدودة على صغر حجمها تسعى وكذا البعوضة والطير الذي يهاجرويقطع مسافات ليدب الى رزقه.
وهكذا حال الحيوانات التي تمتلك القدرة على الدبيب ( المشي)، نعم قد يكون المقصود من الدابة هو اصغر المخلوقات فالله يومن لها رزقها ولكن هذا لا يمنع المعنى الاول والله العالم .
اذا الرزق يحتاج سعي وحركه ومقدمات صحيحة وتوفيق من الله لمن يمتلك القدرة على السعي والحركه ومن يمتلك هذه الخاصية يتوقف رزقه على سعية وحركته وكلما كان السعي صحيح وسليم اتى بنتائج صحيحة (رزق حلال).
ولكن ما العلة التي تجعل الحكمه الالهية تعتمد على السعي لغرض الوصول الى الرزق المقدر ؟ والجواب هو ان الحكمة من ذلك هي لغرض خلق التفاوت بين البشر وكلا ينال حقه وفق سعيه وجهده للتتجلى العدالة ويتحقق التسخير بعضهم بعض حتى تستمر الحياة وبدون هذا التفاوت لكان البشر متساون في الغنى والفقر وبالتالي تتعذر الحياة فالطبيب يحتاج الفلاح والفلاح يحتاج الطبيب ولاثنين يحتاجون البناء والقصاب وكلاهما يحتاجون الشرطي والقاضي
والسائق .
ومن هنا تتضح حكمة الباري في ايراد مفردة الدابة فكل داب رزقه معلوم في كتاب مبين ولكن هذا الرزق لا يصل اليه الا بمقدار دبيبه نحو الرزق الا من عجز فالله يوصل رزقه اليه بطرقه وسبله التي يسخرها لذلك .
وذلك ما ذهب اليه الامام علي ( علمت ان رزقي في السماء فطمئن قلبي ) لاحظ قول الامام في السماء ولذلك نرى الامام مع علمه برزقه ولكنه يعمل ويجد ويجتهد للوصول الى رزقه. نعود للنبات رغم كونه كائن حي وهو غير داب اذ يعتمد في رزقه على غيره فان حصل عليه ىعاش ونما وتكاثر ولا هلك ومات ومن حكمة الله جل وعلى ان جعل النبات من ضمن السعي الذي اوجبه على الدابه فهو ربما رزقها فالفلاح رزقه النبات وهو سعيه فان اراد زرقه اهتم به واعتنىليحصد ما زرع وان تركة هلك وبالتالي حرم من الرزق.
ولو تكفل الله رزق النبات في حالة العجز التي في الدابة والتي امن لها رزقها (على صخرة صماء في ليلة ظلماء في قعر البحر كما يقول الامام علي سقط سعي الانسان او اي دابة التي رزقها على النبات لانه كفل زرق وحياة النبات.
ولا حاجه ان يسعى الانسان بالاهتمام به حتى يبقى حي يتغذى علية وبذلك يحصل على رزقه بدون سعي وجهد وهذا خلاف حكمة الله تبارك وتعالى .
اذا الحكمة لجعل الدابه تسعى سوى غريزيا او عقليا اذا كانت عاقله (الانسان) وهذا ما اقتضته الحكمة في خلق الاختلاف بالرزق بين البشر وبهذا الاختلاف تدوم الحياة لانها قائمة على التسخير ومن حكمته جعل الامور تجري وفق اسبابها .
ربنا انك تعلم رزقنا وقد قدرته لنا في ليلة القدر (وقدرنا فيها كل امر حكيم ) في كتاب مبين فوفقنا للوصول اليه ويسر لنا الحصول عليه وبارك لنا فية انك ارحم بنا من انفسنا ...وانت ارحم الراحمين .
ـــــــــــــ
https://telegram.me/buratha