الصفحة الإسلامية

هل المجيئ في قوله تعالى: وجاء ربك تعبير مجازي ام ماذا؟ اين ومتى يكون هذا المجيئ؟


اخذني بحظرتك مولاي يا علي (منتظرات ٤):  الآية المباركة من سورة الفجر التي تقول: {وجاء ربك  والملك صفاً صفا ً وجيئ يومئذ بجهنم} هل المجي هنا تعبير مجازي أم ماذا؟  أين ومتى يكون المجيئ؟ ممكن تفسير  وجزاكم الله خيرا.

الجواب: المجيئ هنا لا يمكن حمله على الانتقال من مكان لمكان لانه مستحيل على الله تعالى، لان الله لا يخلو منه مكان، وهو محيط بكل مكان ومن له هذه الصفة لا يمكن القول بانتقاله من مكان لاخر لان ذلك يستلزم فراغه من المكان الاول وانتفاء احاطته به، وهذا مستحيل على من وصف نفسه بانه محيط بكل شيء كما في قوله تعالى: {وكان الله بكل شيء محيطاً} [سورة النساء: ١٢٦]، كما ان الله تعالى هو خالق المكان والزمان، ولذلك هو لا يحدد بحدود مخلوقاته، ومن المحال أن يتقيد بقيود ما خلق.

 

واغلب الظن إن وجود الملائكة في الآية الشريفة دال على طبيعة المراد بكلمة المجيئ هنا، فلكونهم لا يتحركون الا بما يؤمرون لقوله تعالى في وصفهم بانهم: {يفعلون ما يؤمرون} [سورة التحريم: ٦]، فإن المجيئ هنا يحمل على مقدر محذوف وهو الأمر، فيكون المعنى: مجيئ أمر الله تعالى، وتؤكده هذه الصورة التي توصف بها الملائكة التي يعكسها قوله تعالى: {صفاً صفاً} كونهم في هيئة الاستسلام المطلق والاستعداد لتلبية هذا الامر، وهو ما يتفق مع ما رواه الشيخ الصدوق رحمه الله بسنده عن علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه قال: سألت الرضا علي بن موسى عليهما السلام، عن قول الله عز وجل: (وجاء ربك والملك صفا صفا) فقال: إن الله عز وجل لا يوصف بالمجئ والذهاب تعالى عن الانتقال، إنما يعني بذلك وجاء أمر ربك والملك صفا صفا. (التوحيد: ١٦٢ ب١٩ ح١)..

 

أما قوله تعالى: {وجيئ يومئذ بجهنم} فكأنه كاشف عن طبيعة الأمر الالهي الذي صدر للملائكة، ومعه سيكون المراد بالمجيء هو الكشف والإبراز لجهنم، وليس بمعنى انتقالها، ونلفت الإنتباه هنا الى ان هذه الآية تعد من حيث السياق الزمني متأخرة عما وصف بعرض الكافرين على النار كما في قوله تعالى: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا } [سورة غافر: ٤٦] ومتقدمة على عرض النار على الكافرين المشار اليه تارة بقوله تعالى: {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هَٰذَا بِالْحَقِّ ۖ قَالُوا بَلَىٰ وَرَبِّنَا ۚ قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ} [سورة الأحقاف: ٣٤] وأخرى بقوله تعالى: {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ} [سورة الأحقاف: ٢٠] فالعرض الاول هو عرض في عالم البرزخ، والعرض الثاني هو عرض في يوم الجزاء، وفي كل الأحوال لا أجد مدعاة للقول بأن كلمة المجيئ هنا تتعلق بنقل جهنم من مكان الى آخر، كما ان العرض لجهنم على الكافرين هو الآخر لا يتضمن معنى الانتقال، ويؤكده قوله تعالى في وصف المرحلة اللاحقة لعملية العرض هذه: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} [سورة الزمر: ٧١].

 

 

 

وهنا نلفت الانتباه الى ان هذا السياق الزمني يشير الى وجود ازمان متعددة لما بعد البرزخ، فإن كانت الآيات الكريمة تحدثت عن عرض لجهنم بصيغتين يوم القيامة، فانها اشارت الى ما يكون في يوم الحساب في المرة الاولى، والى يوم الدين في المرة الثاني، ولا يتوهمن احد بان يوم الحساب ويوم الدين هو يوم واحد بل يختلفان لان الاول مخصص للحساب وقبل صدور الادانة، بينما الثاني يشير الى انتهاء الحساب وصدور الادانة، ويأتي من بعدهما يوم الجزاء الذي تعلق به قوله تعالى: {وسيق الذين كفروا} وهو اليوم المخصص لمجازاة ما ادين به الذين كفروا، وبعبارة اخرى: ان هذه الايام مراحل في الاولى يحاكمون فيها، وفي الثانية يصدر حكم الادانة فيها، وفي الثالثة يجري تنفيذ حكم الادانة.

 

ويتأسس على كل ذلك ان زمن المجيئ لامر الله تعالى المشار اليه في الاية الكريمة سابق ليوم الحساب ومتأخر عن يوم الحشر الذي تحشر فيه الخلائق، ومعه يكون الملائكة المشار اليهم هم ملائكة الايام الثلاثة التي سيتعلق بهم امر ما يجري في يوم الحساب بما فيهم الملائكة التي ستشهد للعباد او عليهم، وفي يوم الدين، وفي يوم الجزاء لا عموم ما خلق الله من الملائكة ظاهراً، والله العالم.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك