السيد محمد الطالقاني
لقد مُنيت الأمة بموجات عارمة من الفتن والاضطرابات في الداخل والخارج شملت عموم المسلمين وذلك في عهد المامون والمعتصم وهي الفترة التي رافقت حياة الامام الجواد (ع) حيث الحروب الطاحنة ومقتل الأمين ، وسياسة المأمون ونزعاته واتجاهاته.
ان الدور الرسالي الذي مارسه ائمة اهل البيت (ع) ثمثل في بناء المرجعية العلمية لاهل البيت (ع) بين المسلمين , وكان للامام الجواد (ع) دورا مهما في هذا البناء حيث وفق بين المهام والمسؤوليات لمنصب الامامة من جهة وبين تحقيق الانجازات العلمية والاجتماعية من جهة اخرى في ظل تلك الظروف السياسية التي عاشها , حيث أثبت أنّ لديه علماً يفوق علم كثير من الناس، الذين كانوا يُعدّون في الدرجات الأولى من العلم بالرغم من صغر سنه
لقد كانت سياسة الامام الجواد (ع) تسير باتجاهين هما :
الاتجاه الاول هو اثبات قدرته وجدارته في تقلد منصب القيادة الربانية ومواجهة النظام الحاكم الذي كان يعمل على سياسة التسقيط والاستفزاز ضد اهل البيت (ع) .
وهنا كان للامام الجواد (ع) دورا مهما وحيويا في ترسيخ العقائد الإسلامية والدفاع عنها وتصحيح معتقدات الناس ومواجهة التيارات المنحرفة والبدع المفتعلة في الساحة الاسلامية والتي كان للسلطة الحاكمة دورا في تاجيجها وافتعالها،وصرفوامن اجل ذلك الأموال الطائلة في سبيل وضعها ونشر ها وذلك لبلوغ أهدافهم السياسية والمحافظة على أركان ملكهم واستمرار تسلطهم غير المشروع على الخلافة الإسلامية.
والاتجاه الاخر للامام الجواد (ع) هو تعميق البناء الثقافي والروحي والتربوي للجماعة الصالحة وتهيئتها لدور الغيبة
كما اثبت(ع) للامة تخطي القوانين الطبيعية في قيادته للامة من خلال تجسيد ظاهرة الامامة في سن مبكرة حيث اتبع اسلوب الحوارات العلمية التي دارت بينه وبين علماء المسلمين في المجالس العامة لحكام عصره وكان بارعا في رده على الأسئلة الموجّهة إليه بحيث كان يتم الحجة عليهم متحديا اولئك الذين كانوا يعتبرون الرصيد العلمي والخلفية الثقافية والشرعي لاولئك الحكام .
واليوم ونحن نحي ذكرى شهادة الامام الجواد (ع) في ظل العراق الديمقراطي الجديد حيث زوال الفراعنة والطواغيت عن حكم العراق في عهد لم يشهد له التاريخ مطلقا من حيث الحرية المطلقة بكل انواعها والديمقراطية بكل صورها فيجب ان نستفاد من التجربة التي خاضها الامام الجواد (ع) من خلال مواجهته لكل الانحرافات والتسقيط السياسي بالحكمة والبناء الاجتماعي الرصين والاهتمام بشوؤن الامة التي جعلها قاعدة قوية لانطلاقه الفكري والعقائدي وتثبيت وضعه القيادي .
ان اهمال الامة وعدم الاهتمام بها والانشغال بامور الرياسة والزعامة فقط هي احدى الاخطاء التي نراها اليوم مع الاسف عند المتصدين للحكم في العراق هذا الامر الذي جعل الامة تبتعد عن حكامها وتشمئز من وجودهم في الحكم , لذا يجب على الحكومة ان تعيد حساباتها مع الشعب وتعيد الثقة اليه من خلال الايثار والتضحية ونكران الذات .
https://telegram.me/buratha