محمد كاظم خضير
الحسين (عليه السلام) هو رمزُ الاباء والتضحية والشجاعة، كان (عليه السلام) يحظى بمقام رفيع، بلغ القمّة الشامخة في دنيا المسلمين، بدمه الطاهر الزكي كتب أنشودة الجرح حين يسمو بألمه. كان قلبه (عليه السلام)، يشع رحمةً، ونقاءاً، وصدقاً، فقد جمع الله له من رؤية الحقّ ورفعة النفس، فعمل جاهداً على تخفيف معاناة المحرومين، لكي يزرع في قلوبهم الأمل. الامام الحسين (عليه السلام) هو امام عالم يعرف ما يجهله الكثير وانّه يملك الشجاعة بكلّ معانيها، الشجاعة في ابداء الرأي واظهار العلم والمعرفة في جميع المحافل.
لقد عاش الامام (عليه السلام) مرحلة الاعداد الالهي ومرحلة تحمّل أعباء الرسالة الاسلامية العظيمة مع جدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبكلّ ما لهذه الكلمة من معنى، فقد خضع الى لون خاصّ من التربية والتوجيه والانشاء الروحي والفكري باشراف جدّه الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأبويه العظيمين عليّ وفاطمة (عليهما السلام)، فجاءت شخصيّته تجسيداً لرسالة الاسلام فكراً وعملاً وسلوكاً. حيث كان له سيرة مُثلى في الحياة، وبُعد نظر، وسعة ايمان، واندفاع عظيم في العقيدة والمبدأ، تمثّل مركز الريادة في الفكر الاسلامي الأصيل، متبصّراً في كيفية حمل رسالة جدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، مجدّداً مسيره، عالماً بما يجب عليه، عاملاً بما توجبه عقيدته.
انّ للامام الحسين (عليه السلام) موقعاً رسالياً في صميم حركة الأنبياء والأولياء تميّز به عن سائر أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، وجعل منه حقيقة خالدة وضميراً حيّاً لكلّ مظلوم، وصرخة حقّ تدوي في وجه الظالمين الى يوم الدين، وتدل الروايات التي تنقلها الكُتُب الحديثة والفرق الاسلامية في حقّ الامام الحسين (عليه السلام) على أنّ هناك دوراً رسالياً ومقاماً الهياً خاصاً أراده الله سبحانه وتعالى ورسوله الصادق الأمين محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) لهذا الامام لكي يكون ثأر الله القائم، وبه (عليه السلام) وبنهضته المباركة تتكامل شروط الوعي العقائدي للأمّة الاسلامية، وسيتعاظم اندماجها بالرسالة لتنطلق تحت ولايتهم بارادة صعبة ثائرة، وبعزم أولي العزم نحو اعلاء كلمة الله في الأرض ليكون الدين كلّه لله وحده لا شريك له.
انّ ثورة الحسين (عليه السلام) كانت الوهج الساطع الذي أضاء المسالك لمن أراد المسيرة بالاسلام في طريقها الصحيح والمرآة الصافية للتخلص من الحاضر الذي كانت تعيشه الأُمّة، ومن أجل ذلك فقد دخلت في أعماقهم جيلاً بعد جيل وستبقى خالدة خلود قادتها تستمد بقاءها وخلودها من اخلاص قادتها وتفانيهم في سبيل الاسلام والمثل العليا ما دام التاريخ. كانت تحمل في طياتها الكثير من المعاني الساميّة في جوانب الحياة المختلفة، ومنها الجانب التربوي، اذ خطّت هذه النهضة العظيمة أروع السطور في الأساليب التربويّة والقيم الأخلاقية التي رسمها بأنامله الشريفة لتكون نبراساً يقتدى به، فأراد أن يعمل على تحريك المشاعر بشتى الوسائل جاعلاً من توجهه نحو الله تعالى القاعدة الأساسية في أقواله وأفعاله وتقريراته.
وكما يسميه علماء النفس والتربية ايقاظ الأنا العليا داخل الفرد وداخل الأُمّة والعمل على اعادتها الى رشدها. والحقيقة أنّ الحسين (عليه السلام) أراد أن يعيد للأُمة الاسلامية وعيها ويفيقها من غفلتها العميقة. وقد استخدم في هذا السبيل أسلوب الوعظ والنصيحة والتوضيح الكافي فضلاً عن تذكير الأُمّة مؤكداً أنّه أقرب الناس الى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من حيث الفكر والعقيدة والروح والجسد آملاً في ارجاع الأُمّة الى واقعها النفسي والعاطفي الأصيل.
من الواضح أنّ الحسين (عليه السلام) حين أراد الخروج من المدينة ومكة، اعترض على خروجه العديد من الشخصيات، فكان يمتلك ارادة قوية وعزماً متيناً وبين جنبيه همة عالية جعلته يصر اصراراً كبيراً على ضرورة الخروج بالرغم من المصير المحتوم الذي يعرفه وما سيلاقيه هو وأهل بيته (عليهم السلام).
https://telegram.me/buratha