فهد الجبوري ||
مثلت انتفاضة الشعب البحريني التي اندلعت في ١٤ فبراير من العام ٢٠١١، نقطة تحول بارزة في تاريخ البحرين الحديث، وقد كانت عباره عن سلسلة مظاهرات سلمية هدفها تحقيق قدر أكبر من الحريات السياسية ، وإحترام حقوق الانسان ، وإنصاف الاغلبية السكانية من الشيعة، الذين يشكلون أكثر من ٧٠٪ من سكان البحرين، الا انهم لا يتمتعون بحقوقهم الدينية والسياسية والاقتصادية ، ويعانون من الحرمان ، والظلم ، والتمييز على يد حكم عائلة آل خليفة ، التي تحكم البحرين منذ القرن الثامن عشر .
وبمناسبة مرور عشرة أعوام على تلك الانتفاضة الشعبية ، وجدنا من الضروري تسليط الضوء عليها ، لانه حسب تصورنا، هي من الانتفاضات التي جرى قمعها بشدة من قبل العائلة الحاكمة، وبدعم من آل سعود الذين أرسلوا جيوشهم لقمع الانتفاضة ، وفي انتهاك صارخ لحرمة هذا البلد ، وفي ظل صمت المجتمع الدولي الذي لم يحرك ساكنا لادانة هذا العدوان السعودي الصارخ ، والذي يعد انتهاكا صارخا للقوانين الدولية ، وحقوق الانسان ، كما إن الادارة الامريكية في حينها لم تقم بادانة هذا العدوان ، واكتفت بحث البحرين على ضبط النفس ، متجاهلة القمع الذي يتعرض له المواطنون البحرينيون على يد القوات السعودية ، وقوات أمن السلطة الحاكمة في المنامة .
وقد وجدنا مقالة مهمة للباحثة جينيف عبدو ، وهي زميلة زائرة في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، وهي مؤلفة لأربعة كتب حول الشرق الاوسط ، منها
· كتاب : الطائفية الجديدة: الانتفاضات العربية وولادة جديدة للانقسام الشيعي السني
فيما يلي ترجمة المقالة التي نشرها موقع ذي هيل The Hill هذا اليوم الثلاثاء ٩ مارس ٢٠٢١:
خلافا للثورات التي اندلعت في بلدان عربية اخرى ، كانت الانتفاضة في البحرين في مارس ٢٠١١، غير عنفية الى حد كبير ، وقد قادتها مجموعة شيعية معتدلة ، هي جمعية الوفاق الوطني الاسلامي ، والتي ساهمت في السياسة البحرينية، وتعاونت مع الحكومة لعدة سنوات.
ومع ذلك، قدم المسوؤلون البحرينيون رواية اعلامية عن الانتفاضة ، مفادها إنها حركة مقاومة شيعية عنيفة، وبتدخل إيراني ، وهذا قد دفع البحرينيين السنة الذين شاركوا في الانتفاضة الى التخلي عنها ، وقد استخدم ذلك كحجة من قبل السعوديه لتتدخل عسكريا من أجل قمع الانتفاضة ، مما زاد من غضب المحتجين .
واليوم ما تم رفضه على أنه دعاية حكومية قد تحول الى حقيقة ، ويرجع سبب ذلك جزئيا الى استمرار سياسات التمييز ضد الغالبية الشيعية في البحرين، وعدم وجود الاصلاح السياسي داخل المملكة .
وفي مقابلة أجريتها مع أحد قادة المعارضة المعتبرين من مقره في المملكة المتحدة أفاد بقوله: " لقد قلنا من البداية أننا نريد انتخابات حرة، واحترام لحقوق الانسان ، وحكومة ديمقراطية، وهذا ما يريده أكثر البحرينيين ، ونحن ضد العنف ، ولكن النظام سجن آلاف المواطنين، وأعدم الآخرين ، وأسقط عنا الجنسية " .
وما يقارب من ٧٠٪ من البحرينيين هم شيعة، ولكن مع ذلك، فإن الحكم بيد عائلة آل خليفة منذ القرن الثامن عشر ، وقد وضعت سياسات تمييزية ضد الشيعة لعقود طويلة .
وطبقا لما تذكره اللجنة الامريكية حول الحريات الدينية، تقرير البحرين للعام ٢٠٢٠، " إن الحكومة على نحو عام تسمح بحرية العبادة للأقليات الدينية ، لكنها تستمر في تمييزها المنظم والمستمر ضد المسلمين الشيعه "
وفيما هم أحرار في العبادة بشكل عام ، الا إن الشيعة في البحرين قد واجهوا صعوبات في مجالات متعددة منها التوظيف، التمثيل الدبلوماسي، حرية التعبير ، والترقيات داخل الجيش، وبناء المساجد .
وقد أدت هذه السياسات الى ظهور العديد من الجماعات المعتدلة والعنفية ، داخل وخارج البحرين، وإن مظالمهم خلال العقد الاخير تحولت الى حركة مقاومة إقليمية .
وإن ائتلاف ١٤ فبراير الشبابي ، والذي استمد إسمه من اليوم الذي اندلعت فيه الانتفاضة في العام ٢٠١١، ينقسم الى مجموعتين ، الاولى ملتزمة بالتغيير السلمي، والاخرى تريد استخدام العنف ، والكثير من البحرينيين يعتبرون إن ائتلاف ١٤ فبراير ، والذي هو محظور داخل البلاد، هو قلب الانتفاضة ، لانه وبالرغم من كونه تنظيما فضفاضا ، الا ان لديه جذور عميقة وقوية في القرى والمدن الشيعية في البحرين ، وهو معروف من خلال نشاطاته الاعلامية في وسائل التواصل الاجتماعي ، ولاسيما في الفيس بوك .
وقد أدى الحظر الذي فرضته السلطات على حركة الوفاق في العام ٢٠١٦ الى فسح المجال أمام ظهور المنظمات الأكثر راديكالية ، والتي اتخذ البعض منها مقرات له في العراق ولبنان .
وهناك عدة عوامل ساهمت في تطورها ، منها التمويل الايراني المباشر وغير المباشر ، والدعم الشيعي على مستوى المنطقة .
وهكذا ، فإن فقدان الاصلاحات السياسية والاقتصادية في البحرين هو المسوؤل عن تنامي مجموعات المعارضة الراديكالية .
إن الاحباط الكبير داخل المجتمع البحريني هو الذي ساعد على ظهور هذه الحركات خاصة بين الشباب .
https://telegram.me/buratha